يخاف معظم كبار السن من مرحلة الشيخوخة ظناً منهم أن عقارب الساعة باتت تهدد حياتهم، وقد يصابون بما يُسمى بالتوهّم المرضي والذي قد يكون في بعض الحالات أصعب من الإصابة الفعلية بالمرض، وهنا في هذا المقال سوف نتعرف بشكل أكبر عن التوهّم المرضي وأشكاله عند كبار السن.
ما هو التوهّم المرضي
يحدثنا الدكتور “يوسف هاشم” الاختصاصي في أمراض الدماغ والجهاز العصبي عن التوهًم المرضي عند كبار السن قائلاً: أن التوهّم المرضي بشكل عام هو عبارة عن حالة يعتقد فيها الشخص بأنه مُصاب بمرض ما بالرغم من عدم وجود إصابة فعلية بذلك المرض، والذي يظهر بشكل واضح في سلوكيات الشخص وفي علاقته بنفسه وبمحيطه؛ فيقوم الشخص بزيارة الطبيب بشكل متكرر، ويقوم أيضاً بعمل فحوصات مخبرية بالرغم من عدم حاجته لذلك، وقد لا يكتفي الشخص أو قد لا يتوقف عن تلك الأمور حتى بعد أن يطمئن على حالته الصحية من الطبيب.
ولا يمكن اعتبار التوهّم المرضي مقتصراً على كبار السن فقط، فإنه يظهر عند الأطفال، متوسطي العمر، والكبار أيضاً، ولكنه واضحاً عند كبار السن نتيجة ارتباط السن بوجود الأمراض المزمنة وظهورها، بجانب إلى الصدمة التي تحدث للشخص عند مرحلة التقاعد مما يجعله مضطرباً بدرجة كبيرة، فإن التقاعد هو العدو المجهول لدى معظم الناس؛ حيث يولد لدى الشخص شعوراً بعدم الجدوى، وشعوراً بأن الحياة قد أوشكت على الانتهاء، ذلك بالإضافة إلى حدوث الاكتئاب والتوتر وغيره من المشاكل النفسية في تلك الفترة مما يجعل الشخص متوهماً بإصابته بأمراض جسدية، ومن ضمن الأسباب أيضاً هو شعور الشخص بأنه لم يعد مهماً لأسرته أو في الحياة عموماً، وبالتالي قد يختلق بعض الأعراض حتى يجذب الانتباه إليه كما كان يحدث سابقاً، حتى قد يصل الأمر في بعض الحالات إلى الابتزاز العاطفي، فمرحلة التقاعد هي مشكلة حقيقية لدى كثير من الأشخاص.
كيفية التفرقة بين التوهّم المرضي والإصابة الفعلية بالمرض
لابد وأن ينتبه الطبيب لذلك الأمر، فلا يمكن أن يعتمد على الأعراض التي يمليها عليه المريض، ولكن لابد من القيام بالفحوصات المخبرية اللازمة للتأكد من وجود المرض، فبعد أن يتأكد الطبيب من عدم وجود المرض، يتجه فوراً إلى البُعد النفسي لهذه الحالة، فقد يكون هذا التوهّم نتيجة الاكتئاب بسبب التفكير الوجودي والتفكير في مدى جدوى حياته وإلى أي مدى حياته مهمة، وفي هذه الحالة يُفضل أن يتحدث الطبيب مع أسرة المريض أو مع محيطه الاجتماعي وأن يوجههم للشكل الذي لابد وأن تكون عليه علاقاتهم بهذا المُسن خلال تلك الفترة، وإذا كان الشخص مريضاً بالاكتئاب فلابد وأن يُعالج أيضاً باستخدام الأدوية أو بأي طريقة أخرى يحددها الطبيب النفسي تبعاً لحالته.
وأخيراً، فإن كل شخص لابد وأن يكون مجهزاً نفسياً لاستقبال تلك الصدمة الناتجة عن التقاعد، فلا يُفضل أبداً الاعتماد على الغير حتى يشعر بذاته وبأهميته، ولكن من المهم أن يكون الشخص لديه بعض الهوايات التي تملأ أي فراغ قد يحدث بحياته مثل القراءة، الاشتراك بأي أنشطة أو فعاليات اجتماعية لكبار السن في محيطه، وغيرها من الطرق التي تخفف من حدة الشعور بالوحدة وبالإهمال من قبل أفراد الأسرة، ذلك بالإضافة إلى أنه لا يمكن أن يكون الاعتماد بالنهاية على العلاج النفسي، فهذه الحالات تمثل حوالي ٢٥٪ من كبار السن، وبالتالي لا توجد هذه الثقافة عند معظم الناس، فالوقاية بالتأكيد خير من العلاج.