الشغل مش عيب.. مشروع «عرائس باكينام» تتحدى البطالة

الشغل مش عيب.. «عرائس باكينام» تتحدى البطالة

“ليس كل ما يتمناه المرء يدركه”.. هذا القول المأثور هو خير ما ينطبق على بطلة هذه التجربة التي أهلت نفسها بالدراسة الأكاديمية المناسبة للحصول على فرصة عمل، لكنها اصطدمت بالواقع المرير الذي يعيشه معظم الشباب وهو عدم وجود فرصة تلائم تخصصها. فكان عليها أن تختار؛ إما أن تستسلم لمقتضيات الواقع وتلزم منزلها، أو تختار طريق الكفاح لتخلق لنفسها فرصة عمل.

باكينام ناجي الحاصلة على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة بمصر، بالإضافة إلى دبلومة في الآثار و”كورسات” في الكمبيوتر والجرافيك، كان عليها أن تفكر في وسيلة مناسبة لتظفر بوظيفة، فتوصلت إلى ضرورة عمل مشروع يدر ربحا عليها، ولكن كيف وهي لا تملك مالا لبدء مشروع، خاصة أن أي بداية تتطلب رأسمال لن يقل عن عدة آلاف من الجنيهات.

كانت بعض الحلول المطروحة هي الاستدانة أو الحصول على قروض من الجمعيات التي ترعى فكرة المشروعات الصغيرة، لكن باكينام كانت على موعد مع النجاح الذي جاء بطريق الصدفة.

الصدفة.. مفتاح البداية

فقد وجهت لها إحدى قريباتها دعوة لحضور حفل عيد ميلاد طفلتها، ففكرت في الهدية التي يمكن أن تأخذها للصغيرة -وكانت تريد ألا تكون هدية تقليدية- فقررت أن تهديها عروسة، ولكنها لن تكون مثل كل العرائس الموجودة بالأسواق.. ستكون عروسة من صنع يديها، وبالفعل صنعتها وجعلتها في أجمل شكل، وذهبت بها إلى حفل عيد الميلاد وكان حفلا عائليا.

وبمجرد أن شاهد الأطفال العروسة أعجبوا بها جدا وتعلقوا بباكينام، وطلبوا منها أن تحكي لهم حكاية هذه العروسة، وطلبوا أن يعرفوا اسمها.. ففكرت قليلا وقالت لهم إن اسم العروسة “سلمى”، وبدأت تحكي لهم من خيالها حكاية “سلمى”، وروت لهم حدوتة قصيرة كانت مثار إعجاب الجميع.

وبعد رجوعها إلى منزلها فكرت فيما حدث وقررت على الفور الاستفادة منه؛ حيث لاحظت شغف الأطفال بالعرائس من ناحية وبالحواديت من ناحية أخرى، وهذا طبيعي من الأطفال، إلا أنها يجب أن تستغل هذا الموضوع بشكل أكبر.

قررت باكينام على الفور إنشاء مسرح عرائس خاص بها وحدها تتجول به في حفلات أعياد الميلاد، تقدم فيه شخصيات من ابتكارها، وتحكي فيه للأطفال القصص والحواديت، وتلقنهم الحكم والمواعظ بشكل مبسط، ولا مانع من بعض الأغاني المحببة للأطفال.

⇐ لا يفوتك أيضًا الاطلاع على مشروع روضة أطفال «حضانة».. ضحك ولعب ومكسب

مصروفات أقل.. وربح وفير

ولكن حتى أبدأ في هذا المشروع لا بد من إعداد دراسة جدوى له.. هكذا حدثت “باكينام” نفسها، وعلى الفور قامت بإعدادها، فوجدت أن الحفلة الواحدة تتكلف ما بين 1500 و3000 جنيه مصري (50 إلى 100 دولار أمريكي) تقريبا، تشمل تكلفة الخامات ومصروفات الانتقالات، وبخصم هذه التكاليف وأجر من يعمل معها من إجمالي ما يمكن أن تتقاضاه عن الحفلة الواحدة وجدت أن ربحها الصافي سيكون ما بين 500 و700 جنيها مصريا. وذلك بالتأكيد حسب حجم الحفلة؛ فهناك حفلات ضخمة تضطر فيها إلى الاستعانة بعدد كبير من المساعدين، بينما توجد أخرى محدودة لا تحتاج سوى فردين معها لعمل مسرح العرائس.. ولم تنس في أثناء إعدادها للدراسة أن تضع في حساباتها أن عدد العاملين بمصر في هذا المجال قلة، ومحافظة الإسكندرية (بشمال مصر) حيث تسكن يكاد لا يوجد بها أحد يعمل في هذا المجال.

لا خجل مع عمل

كانت دراسة الجدوى التي أعدتها تؤكد نجاح مشروعها، ولذلك بدأت العمل بسرعة بمساعدة والدتها التي مدت لها يد المساعدة، وتحمست جدا لفكرتها وساعدتها في تجاوز بعض العقبات التي واجهتها، وأهمها حالة الخجل التي انتابتها في البداية عند التواجد بالحفلات مع العرائس، وذلك بالتأكيد على أن هذا العمل فن وموهبة، وهي تمتلك هذه الموهبة، ولا بد أن تعمل بها، وألا تضع الكسب المادي فقط نصب أعينها بل يجب أن تهتم بتجويد الموضوع الذي تنقله للطفل لكي تفيده.

ولأن إتقان العمل والإيمان به من أهم أسباب النجاح، استطاعت أن تحقق انتشارا سريعا لم تتوقعه هي نفسها؛ حيث انهالت عليها العروض لحضور حفلات أعياد الميلاد، وأصبحت معروفة على مستوى المحافظة.

وتطور بها الحال لدرجة أنها أصبحت عاجزة عن أداء العمل بمفردها، فأصبح يعمل معها من فردين إلى خمسة، منهم جامعيون دفعتهم البطالة للعمل داخل هذا النطاق الصغير، ويحصلون على أجر يومي لا يزيد عن 90 جنيها مصريا أي حوالي 3 دولارات أمريكية.

ولم تكتف باكينام بهذا النجاح، بل أخذت على عاتقها مهمة نشر تجربتها؛ لأنه قد جاء الوقت لكي يدخل المتعلمون وأصحاب المهن الفنية لهذا المجال، خاصة أن هناك ملاحظات قد لا يهتم بها أحد إذا لم يكن على علم كاف، فلا بد أن تظل العرائس نظيفة؛ لأن الطفل غالبا ما يلتصق بها، وكل هذا مسئولية تقع على من يقوم بهذا العمل، وغالبا ما يتناسى أو يجهل العاملون في هذا المجال من غير المتخصصين هذه الأمور.

⇐ طالع أيضًا: قبل أن تبدأ مشروعك.. حدد رغبتك

“سلمى” تنافس “باربي”

وعن خططها المستقبلية تقول باكينام: إنها نجحت في الحصول على موافقة من أحد قصور الثقافة بالإسكندرية لعمل مسرحية للأطفال بالعرائس، وسوف تكون كلها جهدا تطوعيا، وستسجلها على شرائط فيديو لإمكانية تسويقها؛ فتكون أول ثمرة حقيقية لمسرحها للعرائس، بل تتمنى أن تسافر لكل أنحاء العالم حاملة مسرحها لتنقل فنها لكل طفل في العالم.

كما أنها لم تنس أول عروسة نفذتها في عيد الميلاد، بل صممت أخرى واحتفظت بالاسم “سلمى” لأنه اسم يوحي بالسلام، وقررت أن تكون صاحبة أول عروس مصرية بعد “باربي” الأمريكية و”فله” الخليجية، تنشر عبرها الثقافة والتاريخ والحضارة المصرية، وتقوم بالدعوة إلى السلام ونبذ العنف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top