«مسلمة» تسأل: مشكلتي بدأت مع تقدم العمر بي وإحساسي أن قطار الزواج سوف يفوتني، عرفت أن هناك بعض المواقع للزواج فدخلت وسجلت فيها، ومن هنا بدأ اطلاعي على أنواع مختلفة من البشر، إلا أنه ما لفت نظري أن الرجال يدخلون هذه المواقع بغرض التسلية، ويعتقدون أن الفتاة التي تدخل تعرض نفسها، وأن العرض أكبر من الطلب، وبالتالي يتعاملون مع الفتيات على أنهن بضاعة في سوق كبيرة، وطبعا دون رقابة من أحد، وينسون أن الله يراقبهم؛ فتجد بعضهم يعمل المستحيل لكي يتعرف على الفتاة ويا حبذا صورة لها على الرغم من تحفظي على هذه الطريقة؛ لأنه من وجهة نظري لا داعي أبدا لتبادل صور على الشبكة لما لها من مخاوف وأخطار يعلمها المتخصصون.
والحاجة الغريبة أنك تجد إنسانا يتظاهر بالفضيلة والتقوى والدين -طبعا كما يقول عن نفسه والحقيقة يعلمها الله- والغريب أنه يرسل رسائل للفتاة التي يريد أن يجرها لشبكة الصيد؛ فيرسل هذا الإنسان التقي رسائل غرامية لإنسانة لا يعرفها ولم يسبق أن رآها، وعندما تسأله الفتاة يقول لها أصل أنا ارتحت لكلامك في الرسائل ولمحادثتك تليفونيا، ويلح كثيرا في الصورة حتى وإن رآها يكمل التمثيلية أن كل شيء على ما يرام، وبعدها يا سيدي بأيام قليلة -ولا حس ولا خبر- اختفى هذا الشخص وأخذ يبحث ثانية عن ضحية جديدة.. فما هذا الذي نراه في شبابنا: هل هو استخفاف بالقيم أم أنه عقدة نفسية يجد لها متنفسا مع إنسانة طيبة وبسيطة وليس لها خبرة بالحياة؟.
أود أن تتناولوا هذا الموضوع بشكل أوسع لتوعية الفتيات أثناء تعاملهن مع هذه المواقع، وأن تعظوا الشباب أن هذه الوسيلة ليست للتسلية وأنها مجرد وساطة مثل الخاطبة زمان ليس إلا.. فهل توافقونني في الرأي أم لديكم رأي آخر؟ وشكرا لكم إنصاتكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابـة
الأخت الكريمة.. شغلت دوما بأمر تيسير الزواج كإحدى الوسائل لعلاج بعض من مشكلاتنا الاجتماعية، وبالطبع يندرج تحت مفهوم تيسير الزواج كل وسيلة يمكن من خلالها تيسير التعارف بين الشباب والفتيات، ومن هذه الوسائل تبرز مواقع التزاوج عبر الإنترنت أو الخاطبة الإلكترونية كما أحب أن أسميها؛ فهي وسيلة حديثة نوعا ما وتحمل لنا كل ما يحويه الإنترنت من غموض وتعقيد وتركيب، والأمر يحتاج إلى دراسات أكثر عمقا للتعرف على هذا المتغير الجديد، وذلك حتى نفهمه ونتمكن من التعامل معه بوعي أكثر؛ فهذه دعوة لكل من كان له خبرة في التعامل مع هذه الخدمة رجلا كان أو امرأة أن يحكي لنا عن خبراته، عسى الله أن يجعل هذا الوقت المستقطع في ميزان حسناته.
وعموما رسالتك تلفت الانتباه إلى أمرين بالغي الخطورة؛ حيث تشيرين إلى النفاق الاجتماعي الذي أصبح بحق خبزنا اليومي وبضاعتنا اليومية -إلا من رحم ربي- فلا مانع من إضافة رتوش التقوى المظهرية لتبدو الصورة أجمل وأكثر إشراقا، وأكثر خداعا، فهل يساوي هذا التدين المظهري عند الله جناح بعوضة..
الرسول الكريم ﷺ يعلمنا أن “الله ﷻ لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”، فهل يدرك من يدعي التقوى أن التقوى ليست كلمات وحركات ولكنها عمل من أعمال القلوب كما قال صلى الله عليه وسلم ثلاثا: “التقوى هاهنا”… وهل يدرك من يدعي التقوى ونيته اللعب والتسلية أنه دوما في معية الله وأنه سبحانه مطلع على ما تخفي الصدور؟ هل هانت علينا إلى هذا الحد نظرة المولى عز وجل إلينا بحيث أصبحنا لا نهتم على أي حال يرانا؟.
ومع صعود حدة هذا النفاق الاجتماعي تبرز لعبة التسلية… حيث يتسلى من يعتبر نفسه الأقوى بمن دونه، وقوانين هذه اللعبة أشد ضراوة وقسوة وظلما من قوانين الغابة ومنطق الوحوش؛ فوحوش الغابة قد تكون أكثر نبلا لأنها لا تقتل للتسلية ولكنها تقتل لتأكل وتعيش، ولا أدري كيف يمكن لإنسان أن يتسلى ويسري عن نفسه وهو يستعذب إيلام بني جنسه، لا أدري كيف يمكن لأحدنا أن يبيت قرير العين بعد أن ذبح أخا أو أختا له في الإنسانية بسكين بارد؟!!! تساؤلات أتمنى أن يرد عليها من يفعل ذلك.
وقد يكون من المفيد أن نتعامل مع هذه الخاطبة الإلكترونية كما كنا نتعامل مع الخاطبة التقليدية.. فلا ترشح الفتاة نفسها ولكن يرشحها غيرها ولا تلتقي مع الشخص المرشح على الإنترنت أو التليفون إلا في وجود من تثق به من أهلها ويفضل أن يكون من الرجال (أخ/ خال/ عم….).
أختي الكريمة، هوني عليك ولا تبتئسي، واعلمي أن فرج الله قريب ورزق الله سيصلك أينما كنت.
⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:
- ↵ في حيرة.. هل أخبر زوجتي الأولى بزواجي الثاني؟
- ↵ عقم بعد مرض: شاب ملتزم يواجه صعوبات في الزواج
- ↵ زواج شاب ملتزم: بين ضغوطات الأهل وحب فتاة صالحة
⇐ أجابتها: سحر طلعت