شُرِع التكبير في العيد تعظيما لله ﷻ وشكرا له أن هدانا للدين القويم. وفي هذا المقال سنواصل إيراد الأحاديث الواردة عن التكبير في العيد، ثم نورِد بعض آداب وسنن العيد؛ مثل حكم صومه، الأكل فيه وصلاته.
صيغ التكبير في العيد
عن شريك، قال: قلت لأبي إسحاق: كيف كان يكبر علي وعبد الله بن مسعود؟ قال: كانا يقولان: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. — رواه ابن أبي شيبة.
وعن عبد الله بن مسعود؛ أنه كان يُكَبّر أيام التشريق: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. — رواه ابن أبي شيبة.
وعن ابن عباس: يكبر من غداة عرفة إلى آخر أيام النفر، لا يكبر في المغرب : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا. — رواه البيهقي في السنن الكبرى؛ وسنده صحيح.
أيها الأحبة، هذه بعض صيغ التكبير التي وردت عن بعض الصحابة -رضوان الله عليهم-. فقد ورد تثنية صيغة التكبير: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
قال أهل العلم: “ولو كبر المسلم ثلاثا فلا بأس، فكل ذلك حسن وجائز”.
وقال بعض أهل العلم: “لا توجد صيغة معينة للتكبير في العيد، وإنما يُؤتى بمطلق التكبير كما هو ظاهر قوله ﷻ: ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾”. وهو قول الإمام مالك وأحمد.
حكم صوم يوم العيد
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله ﷺ نهى عن صيام يومين؛ يوم الأضحى ويوم الفطر. رواه مسلم.
ورد النهي عن صوم يوم العيد، عيد الفطر وعيد الأضحى. والنهي للتحريم، فلا يجوز الصيام فيهما مطلقا، لا صيام تطوع ولا صيام نذر ولا صيام قضاء ولا صيام كفارة. وهذا مما أجمَع عليه العلماء.
فأما عيد الفطر فهو يوم الفطر من صيام شهر رمضان. وأما يوم عيد الأضحى فهو يوم الأكل من لحوم الأضاحي.
الأكل يومي العيد
عن بريدة -رضي الله عنه-: أن النبي ﷺ كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى، حتى يصلي. — حديث صحيح أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وأحمد.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله ﷺ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات. — رواه البخاري.
أيها الأحبة، في عيد الفطر يُستحب أن يأكل المسلم قبل صلاة العيد، وأن يكون فطره على تمرات يأكلهن وترا. ثلاث تمرات، خمس تمرات، سبع تمرات وهكذا..
والحكمة في ذلك إظهار شعار هذا اليوم، وهو “الفطر”، والمبادرة إلى امتثال أمر الله ﷻ بوجوب الفطر في هذا اليوم، عقب وجوب الصوم في شهر رمضان.
وأما في عيد الأضحى فيُستحب أن يأكل بعد صلاة العيد لأنه يوم تُشْرَع فيه الأضحية؛ فشُرع له أن يكون فِطره على شيءٍ من لحم الأضحية.
هنا أيضًا يا أحباب: صور العيد.. هنا بأجمل حُلَّة مع وعبارات التهنئة لعيد الفطر والأضحى
الصلاة يوم العيد
عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: خطبنا النبي ﷺ يوم النحر، قال «إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي». — رواه البخاري.
صلاة العيد من أعظم شعائر يوم العيد، فينبغي الاشتغال في يوم العيد بالتأهّب للصلاة والخروج إليها مبكرا. فالصَّلاة هي الأمر المُهم يوم العيد، وما سواها من أعمال البر فبطريق التبع. فعلى المسلم الذهاب إلى صلاة العيد مبكرا والاشتغال بالتكبير في ذهابه وحال انتظاره للصلاة.
هل لصلاة العيد سنة قبلية أو بعدية؟
عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي ﷺ صلى يوم الفطر ركعتين لم يُصَلّ قبلها ولا بعدها. — رواه البخاري.
الحاصل أن صلاة العيد لا تُصَلّى قبلها سُنَّة ولا بعدها سُنَّة، هذا إن أقيمت صلاة العيد في المصلى. أما إن أقيمت صلاة العيد في المساجد، فإن تحية المسجد تصلى حينئذ.
حكم صلاة العيد
عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: أمرنا -تعني النبي ﷺ- أن نُخرج الحيض يوم العيدين، وذوات الخدور فيشهدن جماعة المسلمين، ودعوتهم ويعتزل الحيض عن مصلاهن.
أيها الأحبة، صلاة العيد فضلها عظيم؛ ويتبين ذلك من خلال تتابع فعل النبي ﷺ وأمره بشهود صلاة العيد حتى أنه أمر بها من ليس من شأنه الخروج كالعواتق وذوات الخدور -وهُن الفتيات في أول سن البلوغ-، وكذلك الحيض -ولسن من أهل الصلاة- وكل ذلك لعظم شأن صلاة العيد.
وقد اختلف العلماء في حكم صلاة العيد، فذهب عامَّة أهل العلم إلى أنها سنة مؤكدة. وقال بعضهم إنها فرض كفاية. وذهب آخرون إلى أنها واجبة على الأعيان كصلاة الجمعة.
حضور النساء لصلاة العيد
عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نُخرِج البكر من خدرها، حتى نُخرِج الحيّض، فيكُن خلف الناس، فيُكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته. — رواه البخاري.
كان النبي ﷺ يأمر النساء جميعا بالخروج إلى مُصلى العيد، حتى الشابة البكر تخرج من دارها وخِدرها التي تكون فيه ليسترها عن الأعين. وكذلك الحائض أثناء عذرها، غير أن الحُيّض كن يجلسن خلف الناس غير مكان الصلاة، ويُكَبّرن بتكبير الناس ويدعون بدعاء المسلمين رجاء حصولهن على البركة والأجر والتكفير من الذنوب في هذا اليوم العظيم.
وهذا يبيّن فضل يوم العيد وما يفيض فيه الله ﷻ على عباده في هذا اليوم من الرحمة والمغفرة.
خروج الصبيان إلى صلاة العيد
عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: خرجت مع النبي ﷺ يوم فطر أو أضحى؛ فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء، فوعظهن وذكَّرهن، وأمرهن بالصدقة. — أخرجه البخاري ومسلم.
في يوم العيد يُستحب إخراج الصبيان إلى صلاة العيد. ففي إخراج الصبيان والأطفال إظهارٌ لشعائِر الإسلام. وفي حشد المسلمين رجالا ونساء وصبيانا في المصليات تعظيمٌ لشعيرة صلاة العيد وإبراز لهذه المناسبة واحتفال شرعي عظيم بهذا اليوم المبارك.
وقت صلاة العيد
وعن يزيد بن خمير الرحبي -رضي الله عنه- قال: خرج عبد الله بن بسر صاحب رسول الله ﷺ مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى؛ فأنكر إبطاء الإمام فقال: إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح. — علَّقه البخاري في صحيحه، ووَصله أبو داود وابن ماجة، وإسناده صحيح.
قوله “وذلك حين التسبيح” أي: وقت صلاة العيد هو وقت صلاة الضحى. ووقت صلاة الضحى هو من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال. أي: بعد طلوع الشمس بنحو ربع ساعة -تقريبا- إلى قُبيل وقت صلاة الظهر.
والأفضل أن تُصلى صلاة عيد الأضحى في أول الوقت ليتمكن الناس من ذبح الأضاحي. والأفضل أن تؤخَّر صلاة الفطر ليتمكن الناس من إخراج زكاة الفطر.
أين تُقام صلاة العيد؟
عن أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- كان رسول الله ﷺ يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيءٍ يبدأ به الصلاة. — رواه البخاري ومسلم.
أيها الأحبة، السُّنَّة إقامة صلاة العيد في المُصلى. أي: في الصحراء خارج البلد. وهذا أوقع لهيبة الإسلام وأهله، وأظهر لشعائر الدين. فإن تعذَّر ذلك فلا بأس من إقامتها في المساجد.
هنا أيضًا تجِد: فقِّه نفسك حول كيفية صلاة العيد والخطبة والتهنئة بالعيدين وغيرها من الأحكام والسُّنن
الذهاب والإياب إلى مُصلّى العيد
عن جابر -رضي الله عنه-، قال: كان النبي ﷺ إذا كان يوم العيد خالف الطريق. — صحيح البخاري.
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: من السنة أن تخرج إلى العيد ماشيا. — صحيح الترمذي.
أيها الأحبة، في العيد يُستحب الذهاب لصلاة العيد من طريق والرجوع من طريق آخر. والحِكمة في ذلك:
- قيل: ليُسلم على أهل الطريقين.
- وقيل: ليقضي حاجة من له حاجة فيهما.
- وقيل: ليطلع أهل كلا الطريقين على شوكة المسلمين.
- وقيل: ليظهر شعائر الإسلام.
ولا يمنع أنه لذلك كله ولغيره من الحِكَم.
كما يستحب أن يخرج المسلم إلى العيد ماشيا، وألا يركب إلا من عُذر.
ولا يفوتكم هنا: صور عن العيد.. مع معايدات عربي وانجليزي لأحلى تهنئة مميزة
الأذان والإقامة لصلاة العيد
عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: صليت مع رسول الله ﷺ العيدين، غير مرة ولا مرتين، بغير أذان ولا إقامة. — صحيح مسلم.
من السُّنَّة أن الإمام إذا انتهى ووصل إلى مُصلى العيد بدأ وأخذ في الصلاة من غير أذانٍ ولا إقامة ولا قول “الصلاة جامعة”. لا تُقال أي عبارة.
كان هذا ما أورَده الشيخ حسن الحسيني -جزاه الله خيرًا-؛ ونستكمل باقي أحكام وسُنن ومُستحبَّات العيدين في مقالات أُخرى إن شاء الله.