في ذكرى مرور سنة على وفاة جدتي الغالية؛ أتذكرها اليوم بأجمل كلماتٍ وأعذب أدعية تُلاحقها في أول عامٍ لها في القبر. فالجدة هي الإنسانة الوحيدة التي يمكنها أن تنافس الأم في محبة الأبناء، فكما يقال أن أعز من الأبناء أبناؤهم!
ذكرى سنوية وفاة جدتي
مهما يكن من اختلاف الجدات في طباعهن أو شخصياتهن أو أعمارهن، فإن القاسم المشترك بين معظمهن هو حب الأحفاد وطيبة القلب معهم وتمني الخير لهم!
وجود الجدة والتمتع بصحبتها هو نعمة كبرى من نعم الله على الإنسان فدعواتها بركة تملأ الحياة، ورزق من الله، وحنانها وقلبها النقي يشعر المرء أن الدنيا لا تزال بخير!
أما عن برها والإحسان إليها فحدث ولا حرج، فبرها باب من أبواب الفرج وتيسير الأمور وسعة الرزق، لأنها بمثابة الأم وحين يتقدم بها العمر تزداد حاجة إلى من يكرمها ويعتني بها ويشعرها بأهمية وجودها، فلا يوفق إلى برها إلا كل محظوظ ولا يحرم من برها إلا كل شقي ومحروم!
لأجل كل ذلك وأكثر فإن الحديث عنها لا ينتهي، والحديث عن وفاتها يمزق القلب ويورث المرء حرمانا!!!
ومن ثم فسوف نخصص السطور القليلة القادمة للحديث عن الجدة وذكرى وفاتها وسوف ندعو الله لها بالرحمة والمغفرة سائلين إياه أن يتقبل دعواتنا لها ويهون علينا فراقها!
بعد مرور سنة على وفاة جدتي
مضى العام يا جدتي ولا زلت أرى ملامحك في زوايا بيتنا الذي صار مقفراً بعدك، تفاصيل كثيرة تفتقد وجودك يا غاليتي، وجبة الإفطار التي كنتي تعديها لنا بكل الحب لنستمتع بأجمل ساعات الصباح ونحن معك، وذلك الوداع الحار الذي تودعي به كل واحد منا ونحن خارجين إلى مدارسنا وأعمالنا، ودعواتك الطيبة التي تظل تتردد في آذننا ونشعر أنها السر في البركة والسر وراء تيسير أمورنا، ثم اللقاء الحار الذي تستقبلينا به عند عودتنا.
لا زلت أشكر سؤالك عن حالي ورغبتك الدائمة في متابعة أخباري والاطمئنان علي، ولا زلت أذكر مساعدتك لي بكل الحب والرضا، لا زلت أبحث عن قلب يشبه قلبك في سعته وطيبته ورقته فلا أجد.
افتقدك جداً يا حضناً دافئاً طالما ارتميت فيه في لحظات ضعفي ووحدتي، وطالما احتميت به في لحظات خوفي وأزماتي!
لا زلت أمتلك ذلك اليقين الراسخ أنك فقط لو رفعتي يديكي داعية لي فسينفرج همي ويتبدل حزني وألمي، لا زلت أذكر ذلك اليقين القوي أن بينك وبين الله عمار، يجعلني موقنا ًأنه لا يخيب رجاؤك ولا يرد دعائك، لأجل هذا اليقين كنت أتوسل منك الدعاء وألح في طلبه، وأذكرك به في كل وقت حين رغم ثقتي أنك لست في حاجة لمن يذكرك بي ولا ينبهك للدعاء لي.
الذكرى السنوية لوفاة جدتي
أفتقدك جدا يا غاليتي وتفتقدك أركان البيت وذكرياتنا الغالية معاً، كم يرهقني الحنين إلى لقائك المحال، وكم يحزنني أن يحول بيني وبينك حاجز لا قبل لي بكسره ولا طاقة لي بالتغلب عليه أو تجاوزه، إنه الموت يا حبيبتي وحده الذي استطاع أن يحرمني صحبتك، وانا للتي تربيت في حجرك ونشأت تحت عينيك.
اليوم الذكرى الأولى لرحيلك، اليوم تتجدد الفجيعة في قلبي وتعاد تفاصيل وفاتك لتعتصر روحي وتمزق نفسي، اليوم أشعر وكأني عاجز عن استيعاب منطق فراقك، اليوم أعود عاجزا عن تصديق رحيلك، والتكيف مع فكرة غيابك الأبدي.
لم يعد بوسعي أن أفعل شيء سوى أن أرسل إليك دعواتي الغالية، وأتذكرك بما أستطيع إليه سبيلاً من صدقات جارية، وأن أسأل الله جل وعلا الذي رزقني صحبتك في دنيا فانية أن يرزقني صحبتك في جنة عالية ويجمعنا في دار النعيم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أدعية لجدتي الميتة في ذكرى وفاتها الأولى
عندما تتجدد ذكرى وفاة من نحب فلا ينبغي أن نكتفي بالبكاء والرثاء بل ينبغي أن نسأل الله جل وعلى لهم الرحمة ونترجم محبتنا ولوعة قلوبنا إلى دعاء ينفعنا وينفعهم.
- اللهم إنه قد مر عام على رحيل جدتي ولا زال القلب يتمزق ألما لفراقها، وتتوق الروح اشتياقاً لها فاغفر لها وارحمها واجعل الجنة مصيرها ومستقرها يا رب العالمين.
- اللهم اغفر لها وتجاوز عنها، وأبدل سيئاتها حسنات.
- اللهم جازها عن الإحسان إحساناً وعن الإساءة عفواً وغفراناً، فإنك أنت الغفور الرحيم.
- اللهم إنا نستودعك روحها الطاهرة وقلبها النقي، فاجعل لها في قبرها سكينة وأنساً وقرة عين لا تتبدل.
- اللهم شفع فيها الصيام والقيام وقراءة القرآن، وحسن الخلق، وجازها خيراً عن كل خير قدمته لنا، وكل تعب أو عنت تحملته لأجلنا.
- يا رب تمضي الأيام وتمر الشهور والسنين ومشاغل الدنيا تحيط بنا، فاجعلنا بها بارين واجعلنا لها ذاكرين ووفقنا للدعاء لها في كل وقت وحين، انك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير.
- اللهم وفقنا للدعاء لها وارقنا برها بعد موتها، وانفعها بكل ذلك في قبرها وأقرئها منا السلام فأنت يا رب السلام ومنك السلام.
- اللهم اجعل لها في قبرها سعة وراحة وأنساً وبشرها بما يسرها، واجعلها ممن يرون مقاعدهم من الجنة بكرة وعشيا.
- اللهم كن معها لطيفاً بها رفيقاً بضعفها، فإنها حبيسة قبرها ولا حول ولا قوة لها يا رب العالمين.
رحم الله جدتي
إن مرور عام على وفاة الجدة كفيل بأن يذكرنا بسرعة الأيام وانقضائها، وأن يذكرنا بالدعاء لها، فلندع لها ولنتصدق لأجلها، ونذكرها بكل الخير فهي بمثابة أم، لا نستطيع أبدا أن ننكر عهود ودها.
ونُذكِّركم وإيانا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحثنا على الدعاء للميت:
إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له.