ما هو الوصف المبسط لمرض سوء التغذية؟
قالت دكتور/ إيناس جزر” متخصصة بالتغذية العلاجية. مرض سوء التغذية هو مرض ناتج عن نقص العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، وقد تُمثل زيادة هذه العناصر الغذائية في الجسم نوعًا من مرض سوء التغذية في بعض الأحيان.
“خمسة وأربعون بالمائة من الأطفال دون سن الخامسة على مستوى العالم يلقون حتفهم بسبب مرض سوء التغذية، هذا ما كشفت عنه دورية (لانسيت) المعنية بالشئون الطبية، حيث قالت إن مرض سوء التغذية يتسبب بوفاة نحو ثلاثة ملايين ومائة ألف طفل دون سن الخامسة سنويًا”.
سوء التغذية مصطلح عام لحالة طبية يسببها النظام الغذائي الغير اللائق، وفي أغلب الأحيان تُشير إلى نقص التغذية، وهذه الحالة قد تنتج من عدم توفر الغذاء المتوازن عسر الهضم، وسوء الإمتصاص، أو أية أمراض طبية أخرى.
ولطالما كانت المجاعات هي إحدى صور سوء التغذية، والذي يُقصد به كذلك النقص المتوازن من المواد أو المكونات الغذائية، والتي تُسفر عن ظهور بعض من إضطرابات التغذية المختلفة.
يقول الأطباء إن العلاج يكون غالبًا من إمداد الجسم بالمواد الغذائية اللازمة التي تنقصه وعلاج كافة الأعراض، إضافةً إلى علاج الإضطرابات الصحية الناشئة من سوء التغذية.
ولا تتوقف أعراض مرض سوء التغذية على الجسد فقط، وإنما تطال الذاكرة المعرفية للإنسان، حيث أشارت الأبحاث إلى أن زيادة الوعي بإختيارات الوجبة الغذائية المتكاملة ونشر قائمة مطولة بالعادات الغذائية السليمة طويلة المدى لهما آثار إيجابية على سعة الذاكرة المعرفية والمكانية، بالإضافة إلى زيادة قدرة الطلاب على معالجة وإسترجاع المعلومات الأكاديمية التي تم تحصيلها. وتبقى دائمًا الوقاية أفضل من العلاج.
ما هي الأسباب المباشرة لسوء التغذية؟
ينتج نقص التغذية حال عدم تناول الإنسان لكميات كافية من الفيتامينات والعناصر المعدنية التي يحتاجها يوميًا، وكذلك لعدم تناوله كميات كافية من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون في اليوم.
فالشخص يحتاج يوميًا تناول كميات من الكربوهيدرات تعطي 50% من السعرات الحرارية المطلوبة للجسم في اليوم، وكميات من البروتينات تعطي 20% من السعرات الحرارية، وكميات من الدهون تعطي 30% من السعرات الحرارية. كذلك يحتاج إلى تناول الفيتامينات والأملاح بنسب ضئيلة في اليوم إلا أنها ضرورية جدًا للجسم البشري.
أبرز أعراض مرض سوء التغذية
تتعدد أعراض الإصابة بسوء التغذية إلى درجة كبيرة، ومن أبرزها ما يلي:
- الإجهاد والإرهاق.
- الإصابة بالسمنة المفرطة في بعض الأحيان، نتيجة لزيادة العناصر الغذائية الداخلة إلى الجسم، أو لنقص الفيتامينات التي يتناولها الفرد.
- الإصابة بالأنيميا.
- الإصابة ببعض أمراض القلب والشرايين.
- ضعف الذاكرة.
- ضعف عام في الجسم.
- مع البعض الحالات قد يتطور الأمر لحد الشعور بآلام عامة في المفاصل والجسم كله، كنتيجة لنقص عناصر غذائية ضرورية للجسم مثل فيتامين D.
- زيادة تناول عنصر البروتينات في الجسم يؤدي إلى الإصابة بالنقرس، كما أن تقليل تناولها يسبب الضعف العام وشحوب الوجه.
- نقص فيتامين D في الجسم يسبب آلام في المفاصل، ويسبب كذلك أمراض أخرى مثل الكساح.
- نقص فيتامين B يؤدي إلى الإصابة بإلتهابات الأعصاب بصفة عامة.
- تساقط الشعر.
ويُشير ظهور أيًا من الأعراض المذكور إلى ضرورة المتابعة الفورية مع الطبيب المتخصص لعلاج مرض سوء التغذية، لأن إهمال العلاج يؤدي حتمًا إلى تطور العرض المرضي إلى مضاعفات صحية أخطر وأصعب علاجًا.
كيف يتم تشخيص مرض سوء التغذية؟
ظهور أحد الأعراض المذكورة دليل تشخيصي على الإصابة بمرض سوء التغذية، وأحيانًا يلجأ أخصائي التغذية إلى الإستعانة ببعض التحاليل المخبرية وفحوصات الدم التي تحدد نسب العناصر الغذائية في جسم المريض، ومن ثَم تحدد النقص الحاصل في العناصر الغذائية المسببة للعرض الصحي الظاهر.
ما هي خطوات علاج مرض سوء التغذية ؟
يبدأ علاج مرض سوء التغذية بتدعيم العنصر الغذائي الناقص في جسم المريض. وبشكل عام لابد أن يحرص الإنسان على مجموعة من العادات الغذائية الصحية لعلاج أو لتفادي مرض سوء التغذية، من هذه العادات:
- تناول الأغذية الغنية بالكربوهيدرات، بالمقدار الذي يعطي 50% من السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم في اليوم دون إفراط.
- تناول الأغذية الغنية بالبروتينات بمصادرها المتنوعة مثل منتجات الألبان والبيض والدجاج واللحوم والأسماك والبقوليات.
- تناول كميات ضئيلة من الدهون يوميًا.
- تناول الخضروات والفاكهة الطازجة، وهذه من العادات الغذائية المُهملة عند الشعوب العربية وبخاصة مع الأطفال.
- تعرض الأطفال والبالغين لأشعة الشمس بمعدل أربعة مرات أسبوعيًا على الأقل، بواقع ربع ساعة للمرة الواحدة، وذلك للحصول على فيتامين D.
- تناول كميات وفيرة من الماء يوميًا، بما لا يقل عن 2 لتر في اليوم الواحد.
هل إتباع الحميات الغذائية أحد عوامل الإصابة بسوء التغذية؟
إتباع الحميات الغذائية تحت إشراف طبي من أخصائي التغذية لا ضرر منه على الإطلاق، أما إتباع الحميات الغذائية بصورة تلقائية وعشوائية من خلال حوارات الأصدقاء أو مواقع التواصل الإجتماعي يؤدي إلى تركز تفكير الفرد في الإمتناع عن الطعام، والحمية الغذائية المتوازنة والمفيدة لجسم الإنسان على عكس ذاك المفهوم تمامًا، حيث أن الحمية المتوازنة هي تناول كميات الطعام التي يحتاجها الجسد فقط دون حرمان، لأن الحرمان من أصناف غذائية بعينها يؤدي بالضرورة إلى الإصابة بسوء التغذية.
ما هي المضاعفات الصحية لمرض سوء التغذية؟
كما سبق وأن ذكرنا يمكن أن يتطور سوء التغذية عند الأطفال إلى الإصابة بمرض الكُساح.
وعند البالغين وكبار السن يمكن أن يتسبب مرض سوء التغذية في الإصابة بإلتهابات المفاصل وأمراض القلب وهشاشة العظام ونقص المناعة، كما أن مرض سوء التغذية قد ينتج عنه أحيانًا الإصابة بالأورام السرطانية.
بالإضافة إلى أن شكوى المرضى من الشعور بالتخمة والحموضة بعد تناول الوجبات الغذائية ما هو إلا نتاج سوء التغذية، حيث أنهم لا يتناولون الخضروات والفاكهة بشكل يومي.
والخلاصة لا يمكننا تحديد السبب المباشر في الأعراض الظاهرة على جسم المريض، أو السبب المباشر في الإصابة بالمضاعفات الصحية إلا بعد إستشارة الطبيب المتخصص، وإستعانته بالفحوصات المخبرية اللازمة في هذا الصدد، وعليه يمكن تحديد البرامج العلاجية المناسبة لكل حال مرضية.
ما أبرز المحاذير الصحية المتعلقة بتناول الوجبات السريعة؟
تكمن مشكلة الوجبات السريعة في أنها غنية بالدهون الضارة جدًا بالجسم البشري، مع فقرها في الفيتامينات والمعادن والأملاح الضرورية للجسم ووظائفه الحيوية، وعليه فهي أحد مسببات العديد من الأمراض الحادة والمزمنة، ويمكننا التصريح بتناولها مرة واحدة أسبوعيًا، أما الإعتماد الكامل عليها في التغذية اليومية فهو من الأمور الخاطئة جدًا.
ومن الناحية الصحية يفضل إعتماد نظام غذائي صحي ومتوازن، يحتوي في مجمل وجباته على كل العناصر الغذائية الضرورية لجسم الإنسان، مع تقليل نسبة الدهون الداخلة إلى الجسم إلى الحدود الدنيا.
كيف يعتاد الطفل على الأغذية الصحية الطبيعية؟
مشكلة الأجيال الجديدة أنها لا تهتم نهائيًا بتناول الخضروات والفاكهة، وللأسف للأمهات يد في هذه العادة الغذائية الغير صحية، ووجب التنويه أن إهمال تناول الخضروات والفواكهة الطازجة أحد أبرز العادات الغذائية التي تتسبب في إصابة الأطفال والطلاب بضعف التركيز والتحصيل الأكاديمي.
من هنا يتوجب على الأمهات تعويد الطفل على تناول الخضروات والفاكهة الطازجة بصورة يومية منذ الصغر، ويتم التركيز هنا على الخضروات الطازجة كتلك الموجودة في السلطات لإحتواءها على الفيتامينات بنسب كبيرة، وليس الخضروات المطهية لأن الفيتامينات من العناصر الغذائية التي تُفقد من الطعام حال التعرض إلى الحرارة.
هل من اللائق صحيًا تناول الطفل للمكملات الفيتامينية؟
تناول أية أنواع من المكملات الغذائية سواء للصغار أو الكبار لابد أن يكون بإشراف طبي كامل، لأن بعض الفيتامينات قابلة للتخزين في الجسم البشري مثل فيتامينات A, D, E, K وبالتالي لا يمكن تناولها بجرعات عشوائية، ولكن تحدد الجرعات بناءًا على فحوصات وتحاليل تثبت إبتداءًا نقص معدلات الفيتامين في الجسم بمقدار معين، وعليه تحدد الجرعة لتعويض ذلك المقدار الناقص.
وبصفة عامة لا يستفيد الجسم البشري من المكملات الغذائية المنتشرة بالصيدليات بدرجة 100%، وبذلك يأتي الحرص على الحصول على كل ما يحتاجه الجسم من الغذاء أولًا، وفي حالة حدوث نقص ما في عنصر ما يتم تكملة النقص بالمكملات الدوائية.
هل التأسيس الغذائي الصحي للطفل يقيه شر الأمراض في الكبر؟
بكل تأكيد، حيث أن التغذية السليمة للطفل ينتج عنها وجود مخزون إستراتيجي داخل جسمه من العناصر الغذائية الضرورية، هذا المخزون يقيه التعرض للإصابة بسوء التغذية، ومن ثَم الإصابة بالأمراض والمضاعفات الصحية.
كما أن هذا المخزون يلعب دورًا في نمو الطفل بوقايته من حدوث خلل في طول الجسم أو الكتلة العضلية أو كثافة العظام، وخاصةً مع الإناث لأن إنتظام إمتصاص الكالسيوم وتكوين مخزون منه ومن فيتامين D في جسم الأنثى منذ الصغر يقي من إحتمالية إصابتها بهشاشة العظام بعد إنقطاع الطمث أو بعد مراحل الحمل والرضاعة.
لماذا يصاب كبار السن بسوء التغذية؟
قد يكون ذلك نتيجة لعدم إكتمال عمليات الهضم، أو نتيجة لعدم الإمتصاص الجيد للعناصر الغذائية داخل الجسم تبعًا لعدم المضغ الجيد للطعام بسبب فقدان غالبية الأسنان وبالتالي عدم إستفادة الجسم بهذه العناصر الغذائية الضرورية له.
ويمكن مع كبار السن تحويل الأطعمة إلى ما يشبه العصائر بخفقها في الخلاط الكهربائي لتسهيل عمليات الهضم، كما يمكن وصف مجموعة من المكملات الغذائية النافعة لهم بمعرفة الطبيب المتخصص.