مر وقت طويل على اللحظة التي ذكرنا فيها اسمك، اللحظة الوحيدة يا «كائن» التي تغلبنا فيها على خوفنا منك، واستجمعنا قوانا فيها حتى استطعنا الإشارة إليك. صحيح أننا فعلنا ذلك مرة فقط، وصحيح أيضا أننا ما زلنا نبحث عنك، لكنك بالتأكيد تتفق معي كما يفعل الجميع أنها كانت لحظة تاريخية!
كيفك «كائن»؟ هل ما زلت تتذكر المرة التي عكرنا فيها صفوك؟ هل تملكك الخوف وقتها؟ وهل لا تزال خائفا حتى الآن؟ هل كنت تعتقد أننا لا نعرف عنك أنك اللاعب الخفي خلف إحباطنا؟ كوننا لا نستطيع الحديث لا يعني إطلاقا عدم وجودك.
وما يجب أن تعرفه حق المعرفة يا «كائنا من كان» هو أنني لا أكرهك لشخصك، أنت في النهاية كائن مثلنا، تبذل الجهد كي ترى الفرحة على وجوه أطفالك، بينما نحن نموت ألف مرة كي لا نرى الحزن! الأمران متشابهان في النهاية، وربما لو أتيحت لنا الفرصة التي أتيحت لك لأصبحنا أكثر سوءا، أو تحولنا إلى كوابيس بشرية؛ في النهاية نحن نكره ما تفعله لأنه يؤذينا يا «كائن» ويقلص فرصنا في الحياة، أي حياة كانت!
هذا الصمت الشديد هو ما سيخيفني لو كنت مكانك، على الرغم من كل ما فعلته، وما تزال تصر على فعله يبقى صمتهم حتى الآن أمرا مرعبا، خصوصا عندما عرفت أن الجميع يتابعك منذ زمن بعيد. هل كنت تعتقد أنهم متسامحون معك للدرجة التي يجعلونك فيها تختطف اللقمة من أفواه أطفالهم دون أن يحركوا ساكنا؟ يوما ما سيزداد خوفهم، سيزداد جدا للدرجة التي لا يعود فيها طعم لحياتهم. يوما ما سيموت العصفور الذي في يدهم، ولن يجدوا العشرة التي على الشجرة، هل تعرف ماذا سيفعله شخص ليس لديه ما يخسره؟
بقلم: أيمن الجعفري
وهنا نقدم لك: شيخوخة مبكرة.. كلمات من ذهب
وكذلك؛ لا يفوتك: الإنسان وأشياء أخرى.. كلمات حزينة