رغم اعتقاد البعض بأهمية المضادات الحيوية كعلاج صحى للكثير من الأمراض، إلا أن تقريراً جديداً لمنظمة الصحة العالمية يؤكد على أخطارها الجسيمة أخطار فقامها سوء استخدام تلك الأدوية والأفراط بها فبحسب التقرير اكتسبت البكتيريا مناعة ضد المضادات الحيوية بل وفاقتها قوة.
تهديد تلك المضادات صار قلقاً عالمياً ومخاوف من أخطارها بعد تأكيد ارتباط سوء استخدامها بارتفاع مناعة تلك البكتيريا في التصدي للأدوية.
التقرير أشار ايضاً إلى اجتياح البكتيريا المقاومة للمستشفيات ما يرفع المخاوف من عدم السيطرة على أمراض بسيطة كالرشح مثلاُ وإلى جانب تقرير منظمة الصحة العالمية صدر أيضاً تقريراً للبنك الدولي يحذر من أزمة تسببها مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية قد تتساوى مع الأثار المدمرة للأزمة المالية عام ٢٠٠٨ مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية ستؤدى إلى وفاة ١٠ ملايين شخص سنوياً حتى عام ٢٠٥٠ إلى الان توفي نحو ٧٠٠ ألف شخص بسبب تلك البكتيريا ٢٣ ألف منهم في الولايات المتحدة، ووفقاً للعلماء فإن البكتيريا تعتبر من الميكروبات الذكية القادرة على التكييف والتطور وهى تتغير طبقاً للظروف المحيطة بها، ولأن الافراط باستخدام المضادات الحيوية عزز مناعة تلك البكتيريا اتجاهها فان الوعى بخطرها و اتخاذ الاجراءات اللازمة لترشيد استخدامها ربما يقلل من تهديدها في المستقبل.
كيف تصبح البكتيريا مقاومة أو مضادة لهذه الادوية؟
قال د. أنس جمال ” استاذ في مستشفي دانه بالإمارات ” على قناه سكاي نيوز عربية، أن بشكل عام مثل كافة الكائنات بالعالم البكتيريا تطور نفسها تجاه أي امراض أو أي مواد تدخل جسمها، فالبكتيريا بشكل عام هى امراض المضادات الحيوية هى مرض يصيبها وبسبب استخداماتنا السيئة للمضادات الحيوية في خلال الخمسين او الستين عام السابقين فقد قامت البكتيريا بشكل عام بتطوير نفسها لتصل لمراحل يصعب علينا مهاجمتها بالمضادات الحيوية المعروفة حالياً فهذا هو السبب الأساسي في هذا الموضوع.
تطوير المضادات الحيوية صار ابطأ من تطور البكتيريا الذى يحدث في الوقت الحالى والسبب الأساسي هو عدم وعى المجتمع بأستخدامها او كيفية استخدام المضادات الحيوية مما أدى إلى تطور البكتيريا وتطويرها لمقاومة لهذه المضادات الحيوية.
المشكلة في استخدامها او سوء استخدامها بشكل مطلق ففي بعض الدول السلطات لا تمنع شراء الدواء او المضادات الحيوية دون وصف الطبيب وفي دول اخرى تمنع ذلك ولكن المشكلة في استخدامها في المستشفيات بشكل كبير أو استخدامها الشخصي.
أوضح د. أنس جمال، عدة عوامل أدت إلى مقاومة البكتيريا، فالسبب الأول الاستخدام السيء من الأفراد هو السبب الأساسي واستخدامها بالزراعة والانتاج الحيواني هو احد الاسباب الاخرى، اما السبب الثاني الدول بشكل عام قامت بالانتباه لهذا الموضوع خلال آخر عشر سنوات وبدأت بالتباطؤ في استخدام هذا لكن الافراد سيطر عليهم بشكل اصعب من الحكومات والشركات، فأغلبية الناس في حالة حدوث أي مرض بسيط كنزلة البرد او أي نوع من الامراض بيقومون باللجوء الى الصيدلي.
في كثير من الحالات يوجد بعض الاطباء الذين يلجاؤن للمضادات الحيوية مبكراً على حساب المريض فهذا منتشر على جميع العالم فتذهب للطبيب برشح او أي شيء بسيط ممكن ان تعالج بمرور الوقت ولكن أسهل شيء يكون عند الطبيب هو تقديم المضادات الحيوية.
وهنا تابع د. انس جمال، ان بعض الاطباء يلجأون للمضادات الحيوية بشكل اسرع حتى يقوم بعلاج المرض عند المريض في شكل سريع في حالة حدوث مرض بكتيري حتى ينتهى من الاحراج من بعض المرضى ويوجد بعض المرضى الذين يصرون على الحصول على المضادات الحيوية فهذا أدى الى ضغط على الاطباء في اعطاء المضادات الحيوية للمرضى بشكل مفرط مما أدى الى حدوث هذا الشيء من مقاومة البكتيريا بشكل اسرع من الوضع الطبيعي.
في أي حالة يجب على الطبيب ان يصف المضادات الحيوية ومتى يتفادها ويترك المريض حتى يتعافي ربما بمفرده؟
وقد أوضح د. جمال، من اشهر المقولات ” حاول ألا تستخدم المضادات الحيوية وان استخدمتها استخدمها بشكل صحيح ” فالأطباء من الضروري ان يحاولوا والمرضى ان يقللوا استخدام المضادات الحيوية قدر الامكان لتطوير جهاز المناعة الخاص بالإنسان لان الجهاز اصبح ضعيف لأن المريض يعطيه السلاح السهل لمقاومة البكتيريا فصار جهاز المناعة اضعف واضعف، البكتيريا الجيدة هى اول ضحية لاستخدام المضادات الحيوية.
هل تطور البكتيريا ضد المضادات الحيوية ترتبط بسن معين او جنس على الاخر من البشر؟
تابع د. “جمال” تطور البكتيريا ذاته ليس لها علاقة ولكن بشكل عام اذا لم يتم القضاء على البكتيريا بشكل جيد عند أي مريض فأن هذا الجيل من البكتيريا بيطور دفاعات ضد المضاد الحيوى فمن الممكن ان يكون عند صغار السن او كبار السن الذين يوجد عندهم المناعة بشكل أقل من الناس الاصحاء وفي حالة عدم استخدام المضادات الحيوية بشكل صحيح وبالوقت المناسب فهذا البكتيريا لا تموت بسهولة وتنتج جيل جيد مقاوم للبكتيريا ويبدأ بتوريث المقاومة لأجيال اخرى ومنهم تبدأ ظهور الاشكال الجديدة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية
ما الحل في ذلك لان يوجد في بعض المستشفيات ان المريض يدخل الى المستشفي لاجراء عملية بسيطة فيخرج بأخطر نوع من البكتيريا، واخطر نوع هو البكتيريا فقد تؤدى الى الوفاة.
الوعى اهم شيء سواء مقدم من الرعاية الطبية من الاطباء او الافراد نفسهم والحكومات والشركات فالجميع من الضرورى ان يوجد لديه وعي، فمنظمة الصحة العالمية بدأت في التنبيه انه قد حان الوقت لوجود حل للمضادات الحيوية.
هل يوجد حل لذلك؟
هنا قال د. انس جمال: انه يوجد حل سريع، ولكن لابد من الجميع ان يتعاونوا مع بعضهم البعض ليتمكنوا من الحصول على نتيجة وهو عدم الاستخدام في أي وقت، وعدم الالتزام بطريقة الاستخدام الصحيحة، محاولة ابقاء المضاد الحيوى هو الحل الاخير
المفارقة العجيبة في موضوع الادوية وموضوع المجال الطبى هو اكثر المجالات حساسية للبشر وهو اكبر مجال للكسب المادى فالآمران متناقضين ولكن مجتمعان على مصلحة على صحة الانسان.
للأسف صحة الانسان دائماً هى اغلى ما يملك فبعض الشركات من الممكن ان يقوم باستغلال هذا الموضوع بموضوع مادى فالوعى والثقافة والتعليم هو الذى من الممكن ان يحد من هذا.
ولكن هناك مجتمعات تخلو من التعليم او نسبة التعليم متدنى فبالتالى نسبة الوعى عند المجتمعات غير متساوية فيما يخص ذلك فعلى من تقع مسئوليتهم؟ منظمة الصحة العالمية ما دورها في هذه الحالات؟
وهنا اوضح د. انس جمال، ان الحكومات في مثل هذه الظروف لها دور كبير فمثال ذلك دولة الامارات العربية المتحدة خلال الخمس او الست سنوات الماضية بدأت في اجراءات حيوية لمحاربة الاستخدام السيء للمضادات الحيوية من الوصفات ومراقبة الاطباء في المستشفيات فتعتبر مشاريع جيدة في هذا الوقت، ولكن الدول النامية هي التى تظهر بها اكبر نسبة من مقاومة البكتيريا.