قبل عدة أيام، كنت «عالقة» في حوار غريب جدا.. أقول إني عالقة لا مشاركة! ربما مجالس النساء ارتقت قليلا كي تتحدث عن الأمور الدينية والاجتماعية وعن أشياء كثيرة لم تكن موجودة سابقا، وكان لي ملاحظة تناقشت فيها مع أختي التي تجلس في الطرف الآخر من المجلس عن طريق البلاك بيري ماسنجر، وكان له دور فعال جدا في النقاشات السريعة والملاحظات الطيارة.
تحدثت أنا وليتني لم أفعل عن ملاحظتي في تعامل بعض «الملتزمين» مع المتغيرات ومع الآخر المختلف ورمقه بنظرة تكفيرية على اعتبار أن الحق معنا وأنتم الآخرون مخطئون بائسون مصيركم إلى النار وعليكم من الله الغضب والعذاب!. بل هناك من يرفض التعامل مع المختلفين واعتباره شيئا منهيا عنه في الكتاب والسنة، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتعامل في المدينة «وهي في نظري أكثر الدول الإسلامية انفتاحا» مع عدة أديان وطوائف من اليهود والمجوس الذين كانوا يسكنون المدينة في ذلك الوقت، ونعلم أنه صلى الله عليه وسلم رهن درعه عند يهودي، فكيف بمن هم مسلمون لكن لهم تفكير مختلف أو مذهب مختلف؟
كانت ردود الفعل كلها في تلك الجلسة مطعمة بالشفقة علي لأنني لم أصبح بعد مثلهم ولم أرق للحقيقة التي ينعمون في رغدها حتى الآن!. يقولون «أن تكون متشددا في الدين فهذا من باب الاحتياط اللازم». طيب ماذا عن: «لا إفراط ولا تفريط؟».
من يسمع بعض الخطابات الدينية القديمة، وبعضها لا يزال يصدر من أشخاص معينين، يصيبه اليأس! كل فعل في النار، كل خطيئة، كل تصرف مخالف لهم فصاحبه خالد مخلد في النار! فبعضهم لا يراعي مسألة اختلاف المذاهب وأن بعض الأحكام اجتهاد من أصحابها، ولا يلزمني اتباعها.
كفت العقول عن البحث وعن فهم الدين، وبالتالي أصبح الجميع في عرض فتوى تخرجهم من نار الحيرة حتى في الصلاة التي هي عماد الدين أصبحنا نشك في قدرتنا على أدائها أحيانا ونتصل لنستفتي بمشروعية فعل ما أو تسليمة تختلف طريقتها أو زاوية أدائها قيد أصبع!.
نعود لمجلسنا الذي انقسم إلى ثلاث فئات، فئة تتكلم، وأخرى تستمع وتتأثر بسرعة وقد توافق إحداهن كلا الطرفين في مجلس واحد! وفئة ثالثة تؤكد عدم جدوى هذا الحوار وأن الحديث يجب أن يرتقي لأمور مهمة!. ما هي؟ من أين نحضرها؟ لم يوضحوا!
عرفت ما معنى أن الكلام مضيعة للوقت في مثل هذه الموضوعات، فالمتلقي لا يعمل عقله للفهم، فالذاكرة هي التي تعمل لنسترجع ردود أفعال غيرنا ممن سيطر حديثهم على العقول، نستحضرها حتى لو كانت انفعالات من غير اقتناع، فهو الطريق الأسلم كي تسلم دفة عقولنا، ويستمر الحوار يردد عبارات «معلبة»، ربما تقال بلا اقتناع لكنها «العادة» التي مورست بها النقاشات سابقا.
بقلم: مشاعل العمري
من مقترحاتي أيضًا: