بيروت من العواصم العربية اللطيفة معنويا لمن ارتبط بتاريخها وعايش الحالة الثقافية فيها، والسعوديون يقبلون عليها بكثرة، على الرغم من أنها لا تتميز بالخدمات ولا بالبنية التحتية المتطورة، ولهذا هي للسائح الذي ينشد الراحة مكانٌ كل ما فيه تعيس، وكل شيء فيه متوتر.
المهم ليس الحديث عن بيروت، بل عما يحدث في بيروت، فذات مرة نقلت لي زميلة صحافية لبنانية أنها كانت تريد أن تتناول غداءها في مطعم فندق فاخر جدا في بيروت في نهار شهر رمضان، ولمعلومات القارئ فهي مسيحية، وبعد الغداء طلبت أن تشرب خمرا، فأبلغها الخادم أنه غير مسموح به، وبعد شد وجذب حضر مدير المطعم، وكان هو أيضا مسيحيا، وأبلغها ذلك وأن المطعم يمتنع عن تقديم الخمور في شهر رمضان حرصا على مشاعر المقيمين في الفندق من الخليجيين والسعوديين خاصة!
أخبرتني هذه الزميلة أنها نشرت موضوعا في إحدى الصحف اللبنانية عن الحادثة، عبرت فيه عن استيائها من «انتشار الفكر المنسوب للسعودين في لبنان»، وما إلى هناك من الخرافات التي لا أصل لها.
رددت على هذه الزميلة بعدها بجواب بسيط، فما ذنب السعودي أو الخليجي إن كنتم تتملقون الناس؟ فنحن لم نطلب أن تفعلوا لنا شيئا، فمدير المطعم مسيحي واتخذ قرارا يتملق فيه الخليجيين دون أن يراعي خواطر إخوانه من مسلمي لبنان الذين هم أولى، لكن هي حالة من النفاق، ويبدو أن اللبنانيين سيختلفون حول هذا النوع من النفاق، وسيكون أيضا سبب هذا الاختلاف «الخارج»، ولهذا من الممكن أن نتهم أننا سبب في تردي حالة النفاق والتملق، وأن نحمل مسؤولية شيء لم نأمر به، أو حتى لم نفكر فيه، فيجب أن ننتبه وأن نختار بعناية من يتملقنا تجنبا للحرج.
بقلم: منيف الصفوقي