منذ عشرات السنين لم يتوقف سعي العلماء والباحثين في تطوير أطراف صناعية تقوم علي تجسيد الأطراف الحقيقية ليشعر المريض وكأن هذا الطرف جزءاً منه وليس قطعة صناعية يستند عليها، كان حلم الباحثين تطوير أجهزة تمثل امتداداً لجسم الأنسان لا تنحصر مهمتها في الوظيفة الميكانيكية بل يمكن أن تتحرك عند التفكير بها طبيعياً مسألة صعبة للغاية لكنها تحققت الأن، أجهزة يتم التحكم بها عن طريق ثنى العضلات في الطرف المتبقي من العضو المبتور وزرع أجهزة استشعار توصل النشاط الكهربائي لأنسجة العضلات، طريقة أخرى يعمل عليها الباحثون تسمى أعادة الربط الهادف وهو مصطلح علمي يتضمن تغيير مسار الأعصاب التي كانت تتحكم بالطرف ووصلها بأجزاء أخرى من الجسم تقنية أدت لاحقاً إلي فتح الأبواب لدمج حاسة اللمس بالأطراف الصناعية، مشروع آخر أعلن عن حقبة جديدة في عالم الأطراف الصناعية وهو مشروع يدى سيبر الذي يهدف إلي تطوير يد آلية يعتمد عملها علي الإشارات الكهربائية الصادرة من اليد الأخرى الطبيعية أضافة إلي الإشارات العصبية من الدماج واليوم وصل العلماء إلي مرحلة أخري من تطوير الأطراف الصناعية وهو أنتاج يداً آلية كاملة الإحساس تعتمد علي الإحساس باللمس وحركة اليد، ثورة أخرى قدمت الكثير بالتزامن مع تطوير الأطراف الصناعية وهي الطباعة ثلاثية الأبعاد التي دخلت الطب من أوسع أبوابه، الثورة التي بدأت منذ الثمانينيات تطورت لتدخل العمليات الجراحية منذ عام ٢٠٠٧ وهي تقوم علي محاكاة أي نموذج أو عضو بشري لتكون صورة مشابهة له ولوظيفته، ثورة ستمثل إنجازاً بمعني الكلمة خاصة فيما يتعلق بزراعة الأعضاء و ترميمها، ومفهوم الطباعة الحيوية، ثلاثية الأبعاد يعتمد علي أنتاج أعضاء بديلة للتالفة عبر نسخها بشكل دقيق واستعمال المادة الوراثية للمريض نفسه كمادة أولية للطباعة مما يقلل فرص رفض الجسم للعضو المزروع كما كان يحدث سابقاً، وستساهم هذه التقنية في تشكيل المستقبل خاصة مع دخلوها إلي الحياة العملية للإنسان وتوظيفها في مجالات الصناعة والصيدلة وحتي الطعام إذ أن وكالة الفضاء الامريكية ناسا ستعتمد علي هذه التقنية كما أعلنت ليستخدمها رواد الفضاء في تحضير وجباتهم وهم علي بعد أميال من الأرض.
وهُنا حديث على شاشة سكاي نيوز عربية مع الدكتور أنطوني عطا الله، وكان الحوار كالتالي:
نتحدث اليوم عن القمة العالمية للحكومات التي تركز في أحدي قطاعاتها علي الصحة والطب ماذا نقصد بالطب التجديدي وهل المستقبل وراء هذا القطاع من الطب؟
وهنا قال د. أنطوني عطا الله “مدير معهد ويك فوريست للطب التجديدي”، نحن نعمل في مجال الطب التجديدي وهو مجال يعيد تجديد الخلايا والأنسجة في الجسد من خلال استخدام الأنسجة الخاصة بكم.
كان لديكم جلسة اليوم هنا في القمة العربية للحكومات قمتم بطرح العديد من الأفكار، ماذا طرحتهم اليوم وأهمية طرحها في القمة العربية للحكومات؟
وهنا أوضح د. أنطوني، إذاً الطب التجديدي يتطور اليوم بشكل كبير فهناك تقنيات كثيرة ولكن التقنية الأساسية هي أن نذهب إلي المريض ونأخذ منه نسيج من العضو التالف ونقوم بتجديد هذه الأنسجة خارج الجسم وبالتالي نقوم بأعادة بناءه خارج الجسد من أجل أن نعيد بناء مثل هذا العضو تماماً كما نقوم، إذاً ما نقوم به بمثابة خبز الكعكة ونقوم بذلك بالطريقة نفسها نقوم بتطويرها خارج الجسد ونضعها لاحقاً في فرن نقوم باستخدامه.
عن الطب التجديدي، ما الذي تم تحقيقه إلى الأن علي أرض الواقع في هذا المجال؟
وقد تابع د. عطا الله، هناك الكثير من المجالات التي حققنا تقدماً فيها وهي ترتبط بمدى تعقيد النسيج الذي تتم أعادة تجديده مثلاً الجلد هو الأسهل الأقل تعقيداً وبعد ذلك يكون هناك الأعضاء والأعضاء الأكثر تعقيداً هي الأعضاء التي تكون فارغة من الداخل وبعدها بقية الأعضاء، عندما نقوم بتحقيق التقدم عى هذا المستوي وقمنا بالفعل باستخدام مثل هذه الأعضاء لدى بعض المرضي ولكن السؤال المطروح هو كيف نقوم بأتمتت هذه العملية من أجل أن نقوم ببناء وإنتاج عدد أكبر من هذه الأعضاء وفي الوقت عينه عندها سوف نستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد.
عمر الأنسان وصحة الأنسان و إطالة عمره فنستعرض ربما زاوية أخري في الحديث الصحي سلوكيات ساعدت في ارتفاع معدل عمر الأنسان بشكل عام ولكن كيف؟
في أقل من قرن أزداد متوسط عمر الأنسان المتوقع بمعدل ثلاثين عام في الدول المتقدمة، ارتفاع ساهمت فيه عوامل الرعاية الصحية والتطورات الهائلة علي مستوى علاج الأمراض فمرض السكري الذي كان ينظر إليه علي أنه المرض الذي لا شفاء منه أصبح اليوم من أكثر الأمراض التي يمكن التعايش معها وفي أعقاب عودة أنتشار أمراض كالسرطان والسكري وأمراض القلب وارتفاع الضغط الذي فرضته تعقيدات الحياة العصرية، كان لابد للعلماء والباحثين أن يعيدوا تصميم الحياة من أجل تحسين ورثاه البشرية تصميم يتناول جوانب وتفاصيل دقيقة كأبحاث الخلايا الجذعية والجينات وصولاً إلى التحكم بطول التيلومير وهو جزئ الحمض النووي المسئول عن الشيخوخة، تصميماً يأتي جنباً إلى جنب مع أتباع نظم الحياة الصحية كالعادات الغذائية السليمة و الإقلاع عن التدخين وممارسة النشاط الرياضي ومع ذلك العمل الدقيق للعلماء والأبحاث المتواصلة لم يتمكن الباحثون حتي الأن من إيجاد تفسيراً أو علاجاً لمرض الزهايمر وهو أكثر أسباب الخرف شيوعاً فنحو 48 مليون شخص حول العالم مصابون بشكل من أشكال الخرف ومع قلة الإحصائيات التي تتناول صحة كبار السن عالمياً فأن منظمة الصحة العالمية تشير إلي عدم وجود شخص مسن مثالي خاصة فيما يتعلق بالصحة فالشيخوخة ترتبط ارتباطاً فضفاضاً بعمر الشخص المحسوب بالسنة إذ قد يتمتع بعض المسنين ممن تبلغ أعمارهم الثمانين عاماً بقدرات بدنية وعقلية مماثلة لتلك التي يتمتع بها الكثيرون ممن تبلغ أعمارهم عشرين عاماً فيما يشهد أخرون من كبار السن تدهوراً في أعمار أقل وعلي الرغم من بعض الاختلافات في صحة كبار السن بسبب موروثهم من الجينات إلا أن معظم تلك الاختلافات يرجع إلى البيئة المادية والاجتماعية التي يعيشون بها مما ينعكس إيجابياً علي سلوكياتهم الصحية.
إطالة أمد عمر الأنسان ربما نعيش إلى ١٠٠ أو ٢٠٠ عام هل هذا فعلاً واقع قد نشهده يوماً ما؟
وقد قال د. أنطوني عطا الله، كما تعلمون الأن أن أمد الحياة الأقصى بلغ لمئة عشر سنوات قد لا يكون من الغريب وبعد بضعة عقود أن نتمكن من إطالة أمد الحياة لمئة وعشرين عاماً، في نهاية هذه الحياة قلة قليلة من الأشخاص سوف يبلغوها ولكن هذا ممكن خاصة إذا قمنا بتغيير نظامنا الغذائي، أن كنا أكثر صحياً في ممارستنا اليومية، إن أخذنا أدوية من شأنها أن تعيد التجديد الأعضاء والأجهزة التي قد تتلف.
تتحدث إلى الأشخاص الذين وصلوا لعمر مئة وخمسة ومئة هم الأشخاص الذين لم يذهبون إلى المستشفيات هم الأشخاص الذين يقيموا في القري البعيدة هم الأشخاص الذين يعتادون على ما هو حولهم ربما بعيدين عن كل شيء مضر و بعيدين عن الحياة العصرية ومما تطرحه الأن فقط الحياة العصرية!
وقد تابع د. عطا الله، من بين العوامل الأساسية التي نري أنها مشتركة بين الأشخاص الذين يعيشون لفترة أطول هو أنهم فاعلين جداً لذا هم موجودين في القري البعيدة يعملون في الزراعة يستيقظون مبكراً يتناولون مأكولات صحية وكل ذلك يصب في مصلحة إطالة أمد الحياة فمنذ عدة عقود لم نفهم هذا الموضوع فكنا نعتقد أنه من المناسب أن نتناول السكر إن كان قليل الدسم واكن الأن نعلم أن هذا ليس مناسباً، ما هي الأمور التي ينبغي علينا أن نتناولها ما هي التمارين التي يجب أن نقوم بها وكيف يؤثر كل ذلك علي الأعضاء في الجسد وكيف يمكن له أن يطيل أمد الحياة.
ولكن هنا من المفارقة نتحدث عن شخص يعيش إلي ٢٠٠ عام ولكن في نفس الوقت نتحدث عن أن ما زالت هناك أمراض خطيرة مثل السرطان والأيدز فلم يوجد علاج لهذه الأمراض نتحدث عن عمر طويل ولكن في المقابل لم يتم علاج لها !
وهنا أوضح د. أنطوني، أن ٢٠٠ عام هو أكثر ما يمكن تحقيقه ما نتطلع له هو ١٢٠ عاماً حتي الآن هناك أشخاص يعيشون ل ١٠٥ عاماً و ١١٠ عاماً وإن نظرنا في الماضي من الأهمية أن نفهم بما كان أنه من التسعينيات، في القرن الماضي في أمريكا مثلاً الشخص كان قد يعيش فقط لعمر الأربعين ولكن في العام ٢٠٠٠ أرتفع هذا المعدل أو أمد الحياة إلى ٨٠٪ إذا في هذه الفترة البسيطة تمكنا من مضاعفة أمد الحياة، لم نقم بذلك لأن الموروث الجيني تحسن ولكن لأننا تمكنا من تحسين نمط الحياة والغذاء فبالتالي أرى أن التوازن في النظام الغذائي والحياة العملية هو الحل المناسب.