يعتبر قلب الإنسان من أهم الأعضاء في الجسم حيث أن أي خلل يصيب العضو النابض يمكن أن يشكل خطرا كبيرا على الإنسان، ومع تسارع نمط الحياة والضغوطات اليومية التي نعيشها ازدادت أمراض القلب وأصبحت أكثر انتشارا، ومع زيادة أمراض القلب تم تطور الأبحاث العلمية والدراسات إلى جانب أساليب العلاج لمرض القلب، معنا “د /جورج فادي – أخصائي جراحة القلب والشرايين” للحديث عن ذلك تفصيلاً.
ما المقصود بعملية زراعة القلب؟
تعتبر عملية زرع القلب هي عملية استبدال للقلب لذلك يجب في البداية معرفة نوعية المرضى الذين يصلوا إلى هذه المرحلة من المرض حيث أنه ليس كل مرضى القلب يصلون لتلك المرحلة ويستلزم لهم استبدال القلب.
يعتبر القلب عبارة عن طلمبة تضخ الدم مكون من الشرايين التي تغذي العضل والعضلات إلى جانب الصمامات التي يمكنها توجيه الدم في القلب.
وتابع الدكتور ” جورج “: يمكن لأي من مكونات القلب السابق ذكرها التعرض للمرض ولكن الصمامات لها علاج آخر عبارة عن استبدالها أو ترميمها في حالة وجود مشكلة في الصمام أما الشرايين فيمكننا زراعتها.
يصاب بعض مرضى القلب بقصور حاد في عضل القلب لتصل إلى 20% من عملها مما يتسبب في عدم قيام القلب بوظيفته الأساسية وهي ضخ الدم لكافة أعضاء الجسم ويمكن العلاج في بعض الحالات ولكن في حالات أخرى تصعب عملية العلاج.
هناك بعض الأدوية التي يمكنها تحسين عضلة القلب لفترة قصيرة إلى جانب وجود البطاريات الكهربية الصادمة التي يمكنها أيضا تحسين عمل عضلة القلب ولكن بشرط تحسين كهربة القلب عن طريق 3 شرائط كهربية بنسبة 10%، ولكن للأسف كثير من المرضى لا يمكنهم الاستفادة من نوعية هذا العلاج الطبي ولا العلاج الكهربائي مما يضطرنا إلى عملية الاستبدال الجذري للقلب.
عند القيام باستبدال قلب لابد من وجود قلب جديد جيد ونابض. تتم عملية الاستئصال للقلب للمرضى المتوفين دماغيا بسبب نزيف حاد في الدماغ أو حدوث حادث سيارة أدى إلى انفجار الشرايين الدماغية.
تُحدد حالة المريض الذي مستأصَل قلبه عن طريق جراح الدماغ للتأكد من عدم وجود نشاط كهربائي في الدماغ، لذلك يعتبر الموت الدماغي هو الموت الحقيقي للإنسان وليس موت القلب.
لابد من التأكد من عدم وجود التهابا أو أمراض معدية لمريض الدماغ عند نقل القلب منه لمريض القلب إلى جانب عدم وجود سرطان أو مشاكل في الكبد أو الرئة.
هناك قانون حاليا ينظم طريقة نقل الأعضاء عن طريق إذن من الأهل ثم هناك الهيئة الوطنية لنقل الأعضاء التي تقرر درجة التجانس بين قلب المريض وقلب الواهب إلى جانب تناسق الوزن بين المريضين قبل نقل القلب.
ماذا عن عملية زراعة القلب للأطفال؟
يعتبر الاطفال مثل الكبار فعند وجود قصور في عضلة القلب لديهم يمكن عمل عملية زرع القب ولكن غالبية أمراض القلب عند الأطفال يمكن إصلاحها قبل الوصول لمرحلة زرع القلب حيث يمكن علاج الثقوب الموجودة بين الأذين والبطين يمكن علاجها بكل سهولة وتعتبر عملية هينة.
أردف أخصائي جراحة القلب والشرايين دكتور ” جورج فادي “: هناك تشوهات خلقية قد تكون في قلب الطفل مثل وجود بطين واحد في القلب بدلا من وجود 2 بطين أيسر وأيمن وفي تلك الحالات لا تفيد العمليات الجراحية القلب كثيرا ولابد من زراعة للقلب.
هل عملية زرع القلب عملية خطيرة؟
تم عمل أول عملية لزرع القلب في أمريكا الجنوبية عند طريق البروفيسور برنار عام 1968 ولم تتطور عملية زرع القلب تقنيا ولكن يتم عملها بنفس الطريقة منذ هذا التاريخ حتى الآن ولكن تكمن مشكلة زرع القلب هي في نقل جسم غريب إلى جسم أخر وليس في تقنية النقل في حد ذاتها حيث يكون هناك تخوف من تقبل الجسم للقلب الجديد أم لا حيث في حالة رفض الجسم للقلب الجديد يحدث هنالك موت فوري للمريض.
تم اختراع دواء السيبروسبورين أو النيورال حاليا الذي غير مجرى كل عمليات زرع القلب الذي عمل على تحسن عملية رفض القلب بدرجة كبيرة وأصبح المرضى يمكنهم العيش بالقلب الذي تم نقله لمدة خمس أو عشر سنوات كما يعتبر عميد عملية نقل القلب على قيد الحياة منذ 22 عاما بسبب قلب غير قلبه تم نقله عن طريق شخص آخر.
واستكمل ” جورج “: في حالة جراحة القلب دون تناول المريض لأدوية المناعة فإن القلب يرفض عملية النقل وتتم الوفاة خلال الوفاة نتيجة توقف القلب ومن هنا تكمن أهمية الأدوية التي ليس لها أية مضاعفات جانبية بعكس الأدوية الأولى التي كانت لها مضاعفات على الكُلى والجهاز الهضمي إلخ إلخ..
تم عمل أول عملية زرع قلب في لبنان عام 1999 بعكس أول عملية في العالم التي تمت عام 1968 أما في أبو ظبي تم عمل أول عملية نقل قلب في مطلع عام 2017 لذلك هنالك تأخر في الوطن العربي في هذه العملية لوجود بعض الصعوبات.
تعتبر لبنان والمملكة العربية السعودية هما البلدين العربيتين الوحيدتين اللتين يتم فيهما زرع قلب بغير بعض البلدان التي تعتبر أكبر من هاتين البدلين وبالرغم من ذلك لم يتم فيها عمل هذه العملية، لذلك فنحن فخورون بلبنان لهذا السبب.
تم عمل حملات توعية كثيرة عن طريق الجمعية اللبنانية لوهب الأعضاء كما توجد بطاقات يتم ملئها عن طريق الأشخاص المتبرعين ولكن هذه البطاقة لا تخول للأطباء بشكل مباشر أن يقوموا بنقل القلب من هذا الشخص المتبرع لشخص آخر في حالة حدوث حادث سيارة لا قدر الله وتسبب في موت المتبرع دماغيا قبل استئذان الأهل كما توجد تلك البطاقات أيضا في أوروبا وكندا.
في لبنان، كان هناك سيدة عمرها 35 سنة وكتبت أنها تود نقل أعضاءها فور وفاتها وعند حدوث حالة موت دماغي لها تم موافقة الأهل بكل سهولة الذين تم إزالة الضغط النفسي لديهم عند وجود دليل لرغبة المريض بالسماح بنقل أعضاءه.