ما هو مرض الإيدز (نقص المناعة)؟
يُعد مرض الإيدز من الأمراض المعروفة والقديمة، وهو من الأمراض التي أخذت حقها من التوعية والتثقيف الجماهيري في كل دول العالم وبالأخص في المنطقة العربية. ولا ننكر إنتشار الإيدز في منطقتنا العربية لفترة من الوقت، تبعًا لعدم الوعي الصحي عن المرض من ناحية، ومن ناحية أخرى نتيجة لتهور بعض المراهقين وممارساتهم الخاطئة وحملهم للفيروس من دول أخرى إلى داخل بلادنا دون إدراك منهم أو تنبه.
ما رسالة الحملة الداخلية لبنك الدم بمدينة فهد الطبية؟
رسالة الحملة هي التأكيد على أن التبرع بالدم عمل إنساني بحت، ولا يقوم به إلا أصحاب النفوس الكريمة. مع التأكيد على أن جزء بسيط من دم الأصحاء له فضل كبير في علاج وشفاء ثلاثة مرضى، لأن كل كيس دم من متبرع واحد يُحول إلى ثلاثة منتجات، تُنقل إلى ثلاثة مرضى. والإحصائيات تقول أن كل 60 ثانية يوجد مريض يحتاج إلى نقل دم في عموم الكرة الأرضية.
والطريقة الوحيدة للحصول على هذا السائل الحيوي للحياة هو التبرع، فلا يمكن شراءه، ولا يمكن تخليقه مخبريًا.
ما حجم الإقبال على الحملة؟
أضافت “د. مي” أن الإقبال على مثل هذه الحملات دائمًا ما يرتبط بوعي المجتمعات بأهمية التبرع بالدم، فإذا زادت الثقافة المجتمعية بأن التبرع بالدم واجب ديني وأخلاقي ووطني كلما كان الإقبال مذهلًا وفوق المطلوب.
وهذا هو الهدف الثاني للحملة في خلق ونشر ثقافة المشاركة والتبرع، بعد الهدف الأول وهو تغذية بنك الدم بإحتياجاته وسد العجز والنقص.
وللطمأنة وكبت اللغط، يجب التأكيد على الإلتزام الكامل بالتأكد من سلامة المتبرع الصحية والنفسية والجسدية قبل الشروع في عملية التبرع. مع التأكيد على أثر التبرع بالدم في تجديد الدورة الدموية، وعلى الإنعكاس الإيجابي لعملية التبرع على صحة المتبرع.
وسابقًا، كانت من الصعوبة الوصول للحالات المُصابة للعلاج والتوعية، أما الآن زادت قابلية مرضى الإيدز وحاملي الفيروس للنصح والإرشاد والعلاج والتعايش معه. هذا الوعي الثقافي والصحي بطبيعة المرض وأعراضه وآثاره على الفرد والمجتمع، نتاج جهود مشتركة للعديد من المؤسسات الرسمية والأهلية، في جميع الأفرع والتخصصات الدينية والطبية والتربوية والنفسية.
ومرض الإيدز ينتج عن فيروس – كغيره من الفيروسات الشائعة – (HIV)، ويُعرف عالميًا بنقص المناعة.
إلا أن الحساسية المفرطة في التعامل مع مرض الإيدز في المجتمعات الشرقية المحافظة ترجع إلى صَبْ كل تفكيرنا حول الإصابة به من خلال الإتصال الجنسي المُحرم وحسب، وهذا من المفاهيم الخاطئة شكلًا وموضوعًا، فالحقيقة الواقعية والبحثية تقول أن مُسببات مرض الإيدز كثيرة ومنتشرة في كل المجتمعات بغض النظر عن قِيَمَها وأعرافها.
أسباب مرض الإيدز (فيروس نقص المناعة البشري)
• الإتصال الجنسي بشخص حامل للفيروس، والإتصال الجنسي الغير طبيعي (إتصال الشواذ).
• مراحل نقل الدم، سواء كان الدم مُلوثًا بالأساس، أو لُوِثَ خلال مراحل النقل والتخزين.
• التشارك في إستعمال شفرات الحلاقة في محلات تهذيب الشعر العامة (الحلاق).
• التشارك في إستعمال الحُقن مع الغير، خصوصًا عند مدمني المخدرات.
ما هي أعراض مرض الإيدز؟
أردفت “د. نجوى”مرض الإيدز من الأمراض المزمنة التي تم إكتشافها عام 1981م ، ويُسبب خطر على حياة المصاب، وهو ناجم عن فيروس يسبب قصور في الجهاز المناعي للإنسان، ويُعرف باسم فيروس نقص المناعة البشري.
يسلب هذا الفيروس قدرة الجسم على محاربة ومقاومة الفيروسات والجراثيم والفطريات من خلال إصابته الجهاز المناعي، وتحديدًا يُصيب خلايا الـ CD4، وهي نوع من أنواع خلايا الدم البيضاء. وهذا الخلل المناعي يجعل الجسم عُرضة للإصابة السهلة بالسرطانات والإلتهابات.
وتختلف أعراضه من حالة إلى أخرى تبعًا لمرحلة العدوى، لأن مرض الإيدز يمر بثلاثة مراحل هي:
المرحلة الأولى: العدوى الأولية، أو المراحل المبكرة من التلوث. قد لا تظهر أية أعراض خاصة بمرض الإيدز عند هذه المرحلة، ومن الشائع جدًا مع هذه المرحلة ظهور أعراض تُشبه أعراض الإنفلونزا، مثل الزكام، وإحتقان الحلق، والصداع، وإرتفاع درجة حرارة الجسم.
المرحلة الثانية: أو مرحلة العدوى السريرية، وقد لا يعاني المُصاب بأية أعراض خلال هذه المرحلة أيضًا، وتستمر هذه المرحلة المرضية من عام إلى عشرة أعوام، وأحيانًا تصل إلى عشرين عامًا.
المرحلة الأخيرة: وهي المرحلة المتقدمة من المرض وتطوره، وهي مرحلة ظهور الأعراض. ونُشير إلى ظهور الفيروس في تحاليل الدم المخبرية عند هذه المرحلة فقط، لكن لا يظهر مع المراحل الأولى والثانية من المرض.
وبالوصول إلى المرحلة النهائية للمرض تبدأ ظهور الأعراض، والتي منها:
• فقدان الوزن.
• ضيق التنفس.
• الإسهال.
ما الفرق بين حامل الفيروس ومُصاب الفيروس؟
أوضحت “د.نجوى” أن مصطلح حامل الفيروس يشير إلى أنه في المراحل المتقدمة قبل ظهور الأعراض يمكن للمريض التعايش مع الفيروس، حيث يتم السيطرة من خلال الأدوية على نشاط الفيروس وإبقاءه في الوضع الكامن والغير نشط، أي أن الفيروس لا يمارس دوره في القضاء على بقية الخلايا المناعية (ونشير هنا إلى أن الإمتناع أو رفض العلاج يؤدي حتمًا إلى تكاثر وإنتشار الفيروس، والتَنَشُط في أداء وظيفته بالقضاء على خلايا الجهاز المناعي عامةً، ومن ثَم الوفاة).
أما المُصاب فهو ذلك الشخص الذي وصل به المرض إلى مرحتله الأخيرة، وظهرت الأعراض كاملة عليه.
ما هي إيجابيات الكشف المبكر للمرض؟
• الكشف المبكر يساعد في تفادي الأعراض السريرية والمضاعفات الوخيمة لمرض الإيدز.
• إبعاد شبح نقل العدوى العشوائي من المصاب إلى المحيطين به، ومنهم إلى أفراد المجتمع.
• تفادي نقل العدوى من الأم المصابة إلى جنينها، بمنع الحمل من الأساس، أو بأخذ الإحتياطات الضرورية.
• يساعد الكشف المبكر في تمتع الكثيرين من حاملي الفيروس بحياة هادئة وخالية من الأعراض لسنين طويلة.
• وفي النهاية أثبتت الدراسات الطبية أن الكشف المبكر يُمكِّن من الوصول إلى شفاء مريض إيدز من كل عشرة مرضى.
هل بالضرورة إنتقال مرض الإيدز من الأم المصابة إلى الجنين؟
تابعت د/ نجوى: أنه في الغالب الأعم ينتقل مرض الإيدز من الأم المصابة إلى الجنين خلال فترة الحمل، أو مع الرضاعة الطبيعية بعد إتمام عملية الوضع. لذلك من الإحتياطات المتبعة حال إصابة الحامل بالإيدز بدء علاجها فورًا، مع اللجوء للولادة قيصريًا وإستبعاد الولادة الطبيعية، لأنها تقلل فرص إنتقال العدوى للجنين، مع منع الأم من الرضاعة الطبيعية نهائيًا.
ما أبرز المشكلات الإجتماعية المتعلقة بمرض الإيدز؟
أكثر ما يواجه المختصين بنشر التوعية الصحية لمرض الإيدز تفاجؤ الزوجة أو الزوج بإصابة الطرف الآخر وحمله للفيروس، وخاصة مع الزوجات بعد إتمام مراحل الحمل والولادة. وقد ترجع هذه السلوكيات المُشينة إلى الخوف من وصمة العار المجتمعية التي قد تلحق بالمُصاب عند ذيوع مرضه بالإيدز، والأمر لا يخلو من بعض الأنانية والذاتية.
والمثير للقلق في هذه التصرفات صعوبة علاج الطرف المُصاب حديثًا، لتَفَرُع العلاج إلى شقين، الأول خاص بالصدمة العصبية والنفسية الحاصلة جراء الإكتشاف المُفاجيء لإصابة شريك الحياة بالفيروس ونقله لشريكه، والشق الثاني وهو الشق العلاجي للمرض نفسه.
هل الإصابة بفيروس الإيدز عامة أم يمكن عدم حدوثها رغم وجود مُسبباتها؟
أوضحت أ/ نجوى: إذا تحدثنا عن الإتصال الجنسي فوقوع الإصابة حاصل لا محالة وبنسبة تصل إلى 99%، ولن يوقفها قوة مناعة الشخص أو ضعفها. كذلك الحال مع الولادة الطبيعية والرضاعة الطبيعية من الأم لجنينها وطفلها.
من المُشاهدات الواقعية لمصابي الإيدز لا توجد حالات امتنعت أو رفضت العلاج، حتى مع عدم الأمل في التعافي.
ما أبرز النصائح الإجتماعية والتأهيلية لمرضى الإيدز؟
أول ما يُشدد عليه مع مرضى الإيدز منعهم من الإتصال الجنسي مع أي طرف آخر إلا وفق الإحتياطات والمحاذير المعروفة. وفي الحالات التي أُصيبت بالإيدز جراء إدمان المخدرات يتم التوجيه بعلاجهم من الإدمان حتى تعافيهم نهائيًا.
هل يتوجب على مريض الإيدز الإخبار عن مُسبب المرض؟
في النهاية الإصابة بالإيدز واحدة، لكن معرفة السبب باعث على حماية أكبر للمجتمع. فإن كانت الإصابة نتيجة للإتصال الجنسي، فلا يُحرم شريك الحياة من معرفة الخطر المُحيط به من شريكه المُصاب (وللعلم، لا يُحرم المُصاب زوج/ زوجة من الإستمتاع بشريكه، ولكن يتم الإتصال عادة وفق إجراءات حماية مثل إرتداء الواقي الذكري مثلًا).
كذلك إن كانت الإصابة بالإيدز نتيجة نقل الدم أو إدمان المخدرات، فللمجتمع والجهات المسئولة الحق في المعرفة، لإتخاذ الإجراءات الوقائية بسلطة القانون لحماية باقي أفراد المجتمع.
هل يصح ما يُشاع بوجود مصل أمريكي الصنع يشفي تمامًا من مرض الإيدز؟
انتشرت الأقاويل حول هذا الموضوع، لكن إلى الآن لم يتثنى التأكد من المعلومة، وقد يكون المصل مازال قيد البحث والدراسة. ومازالت أغلب بلدان العالم تستعمل العلاجات القديمة المسيطرة على نشاط الفيروس، بجانب العلاج السلوكي والتأهيلي لحاملي الفيروس.
مع فحوصات ما قبل الزواج، هل واجه المختصون النفسيون تَمَسُّك الطرف السليم بالآخر المُصاب رغم علمه بإصابته؟
يرجع هذا الأمر إلى الطبيعة الشخصية للإنسان، ومثل هذه الحالات لا تقتصر على مرض الإيدز، ولكن تحدث كذلك مع العديد من الأمراض المزمنة والوراثية التي قد تؤدي إلى تشوهات وإعاقات في الجنين الناتج عن إتمام الزواج. وفي مثل هذه الحالات ينحصر الدور النفسي والتأهيلي للمختص في التوعية بالمرض وأعراضه، وكيفية التعايش معه، وكيفية الحد من إنتشاره وانتقاله، والتوعية بإيجابيات الزواج وسلبياته، أما منع إتمام الزواج فلا حق للأخصائي النفسي والإجتماعي في ذلك، ولا للدولة أيضًا.
ما أبرز المعتقدات الخاطئة عن مرض الإيدز؟
أبزر المغلوطات عن مرض نقص المناعة هي إمكانية إنتقال العدوى من خلال التشارك في إستعمال المرحاض أو أواني الطعام أو المناشف وأغطية السرير… إلخ، وكل هذا لا يصح، فالإيدز يُنقل إما عن طريق الإتصال الجنسي، أو عن طريق كل ما يرتبط بالدم فقط من أدوات وحقن وشفرات حلاقة. ومريض الإيدز شخص عادي جدًا يمكن له التعايش والإنجاز، ويمكن لمن يحيطونه مشاركته في كل شيء ما عدا ما تم ذكره.
وفي النهاية، مريض الإيدز أولى الناس بالرعاية والعطف والمؤازرة الأسرية والمجتمعية، لأنه شخص مُصاب بأي حال من الأحوال، ولن ينفعه أو ينفع أسرته نبذه أو تعنيفه.