ما هو مرض حساسية القمح (السيلياك)؟
قالت “د. حنان” أخصائية التغذية. حساسية القمح هو مرض وراثي مناعي، يؤثر تحديدًا على الأمعاء الدقيقة في الجهاز الهضمي، إلا أن أعراضه ومشكلاته الصحية تُصيب كامل الجسم البشري.
وأضافت “د. حنان” ومن المعروف تشريحيًا أن الأمعاء الدقيقة تحتوي على أهداب داخلية لإمتصاص المواد الغذائية من الطعام، فتعمل حساسية القمح (السيلياك) على اختفاء هذه الأهداب، وهي لا تزول بالكُلية ولكن تموت في مكانها، وهو ما يُعرف طبيًا باسم الداء الزراعي.
مما يؤدي إلى انزلاق الطعام كله وخروجه مباشرة وسريعًا من الأمعاء الدقيقة، وهذا عند تهيج الحساسية.
لكن بمجرد أن يمتنع المريض عن تناول بروتين الجلوتين الموجود في القمح والشعير تبدأ الحالة في التحسن نوعًا ما من ناحية قيام الأمعاء الدقيقة بدورها في إمتصاص العناصر الغذائية، ولكن لا يختفي المرض نهائيًا، حيث يتطلب الأمر معيشة المريض كامل عمره بحمية غذائية بعيدة عن بروتين الجلوتين حتى لا تحدث تطورات للأعراض، لأنه إذا تناول الجلوتين ستظهر عليه الأعراض مرة أخرى.
كيف نعرف أن الطفل مصاب بحساسية القمح؟
يُعاني من التأخر في النمو مقارنة بأقرانه، الفجوة تتسع بينه وبين زملاؤه، حتى تخرج عن النطاق الطبيعي والمألوف. ومن ثَم يتولى أطباءه المعالجون القيام بالفحوصات المستمرة والدقيقة، إلى أن يتوصلوا إلى أن السيلياك هي السبب الرئيسي لتأخر النمو.
وبعد إلتزامه بالحمية التي يقررها الأطباء، تتحسنت حالته، وتعود مرة أخرى نوعًا ما شبيهًا بأقرانه وزملاؤه في مثل عمره.
أبرز أعراض حساسية القمح
في البداية لم ننتبه لأعراض الحساسية، وكان جُل تفكيرنا يدور حول مشاكل النمو لِقِصر قامته الشديدة نسبة إلى من هم في نفس فئته العمرية.
ولكن بعد تشخيص المرض والإلتزام بالحمية، راجعنا ما كان يظهر عليه من أعراض فكانت الإمساك المزمن، وآلام البطن.
والتي كنا نتوقعها أعراض طبيعية لطفل يشكو من خلل في النمو، لكن بعد إتباع الحمية اختفت هذه الأعراض، وبالتالي كانت ناتجة عن الحساسية وليس خلل النمو.
من المسئول عن وضع البرنامج الغذائي لعلاج حساسية القمح؟
هذه واحدة من الصعوبات التي كانت تواجه أولياء الأمور منذ عدة سنوات، فبعد أن يشَخَّص الطبيب مرض الطفل يطلب من الأبوين التوجه إلى أخصائي تغذية كفء، وحتى عام 2010 م كان عدد الأخصائيين التغذويين الأكفاء في المملكة العربية السعودية يُعدُّون على أصابع اليد الواحدة، فلم يوفق في الوصول إلى أخصائي تغذية على درجة عالية من الخبرة مع هذا المرض، فتضطر الأسرة أن تبحث بأنفسها، وستجد الكثير من المعلومات المتداخلة والمُتشعبة والمُحيرة، والمشاركة مع أولياء الأمور المعلومات، وبدأ العمل كمجموعات لتوحيد المعرفة الثقافية بالمرض وطرق التعامل معه وأنسب الحميات التي تعود على المريض بالنفع والتحسن.
ما أبرز أعراض الحساسية؟
قبل أن ننتقل إلى الأعراض يجب الإشارة إلى أن المعاناة التي يُعانيها أهل المريض نابعة من أن المرض غير ظاهر وغير محدد، ويتشابه ويتداخل مع كثير من الأمراض العضوية. وكانت الدراسات القديمة تَقصُر إصابته على الأطفال فقط، لذلك كان يُستبعد تشخيصه عند كثير من الحالات، لكن الدراسات الحديثة الآن أوضحت أنه يمكن أن يُصيب أي شخص في أي مرحلة عمرية.
الأمر الثاني يعود إلى أن تحليل حساسية السيلياك هو عبارة عن تحليل خاص عادةً غير متوفر وغير متاح في العديد من معامل التحاليل الطبية، لذلك أيضًا كان يستبعد إحتمالية الإصابة به.
وهذه كلها من العوامل التي كانت تُصعِّب تشخيص المرض من الأساس. فلم يكن من السهولة الحصول على الإحصائيات الفعلية بعدد المصابين ودرجة إنتشار المرض، ولم يكن من السهل إجراء التحليل المعملي في أي مدينة سعودية. لكن الآن اختلف الوضع تحسنًا بشكل كبير.
أهم الأعراض التي تظهر على مصاب حساسية القمح هي:
عند الأطفال:
نقص النمو، بما يتضمنه من مشكلات صحية في تكوين العظام والطول والتركيز والذاكرة.
عند البالغين:
المشكلات الصحية في القولون.
المشكلات الصحية في عملية إخراج الفضلات من الجسم (التبرز).
الإصابة بهشاشة العظام.
ويُضاف عند النساء:
مشكلات سقوط الحمل قبل إتمامه.
العقم في كثير من الحالات، تبعًا للخلل الهرموني الحاصل في جسم المرأة.
وكما هو مُلاحظ فإن تشعب هذه الأعراض وتشابهها مع كثير من المشكلات الصحية، قد تؤدي إلى إستبعاد الإصابة بحساسية القمح، والدخول في متاهات إستثناء الكثير من الأمراض العضوية قبل إثبات تشخيصه، فيتجه الأطباء إلى إثبات نقص النمو عند الأطفال، وإثبات مشاكل القولون والجهاز الهضمي عند البالغين، وإستبعاد الإصابة بحساسية القمح إلى حين عدم تحسن الحالات المرضية مع علاجات هذه الأمراض.
هل يصح طبيًا إنتشار حساسية القمح عند الأطفال أكثر من البالغين؟
هذه الفرضية ليست صحيحة، فهو منتشر بين الإثنين. ولكن يرجع الأمر إلى ظهور العَرَض بشكل أوضح عند الأطفال، مما يؤدي إلى تسهيل تشخيصه، لأن الأعراض عند الأطفال في مجملها يمكن عدم ربطها بأمراض أخرى كثيرة، فقد تصل ببعض الأطفال إلى الإعاقة عن الحركة والكساح. لكن عند البالغين عادة ما يتجه الأطباء لوصف مشكلات الإخراج والقولون بالحدث الطبيعي نوعًا ما تبعًا للفئة العمرية.
كيف هي أطعمة مرضى حساسية القمح؟
تحسنت المنتجات الغذائية الخاصة بمرضى حساسية القمح كثيرًا عما كانت عليه في السابق. فأصبح لديهم تقريبًا جميع أشكال الأغذية المصنعة مثل شرائح البطاطس الشيبسي، ولكنها خالية من المادة الحافظة الجلوتين، كذلك يُخبز لهم خبز بدقيق الأرز والذرة عِوضًا عن دقيق القمح… إلخ، وأصبحت كلها عالية الجودة وممتازة نسبيًا من حيث الطعم واللون والرائحة والجذب للأطفال.
يجب أن تحدث نقلة نوعية داخل الأسرة المصاب أحد أفرادها بمرض السيلياك، من نواحي الوعي والثقافة والتعامل النفسي مع المريض، نظرًا لحالة الإكتئاب التي يسقطون فيها مُرغمين بسبب المرض.
ويبدأ الأمر من مطبخ المنزل، بتخصيص أغذية وأواني للمريض فقط ولا تُستعمل لعموم الأسرة.
بل وقد تلجأ الأسرة إلى تغيير نمطها الغذائي كله، وإستبدال عنصر غذائي مثل دقيق القمح بعنصر آخر مثل دقيق الذرة البيضاء لمشاركة مريضها في غذائه لتخفيف العبء النفسي عليه وعدم شعوره بالعزلة والوحدة الغذائية.
ولامجال أبدًا للإستغناء عن الحمية على طول المراحل العمرية لمريض حساسية القمح بمشاركة أسرته.