لماذا زادت الإصابة بالقولون العصبى في السنوات الأخيرة؟
قال “د. أنس الشلالفة” أخصائي الأمراض الباطنية. يعتبر القولون العصبى أو ما يُعرف بمتلازمة القولون المتهيج مرض غير عضوي، ناتج عن إضطراب في تقلصات عضلات الأمعاء الغليظة وبالتحديد القولون مما يؤدي إلى خلل في وظيفتها العامة. وبشكل عام أصبحت الإصابة بالقولون العصبى ظاهرة متفشية بين الشعوب، يُعزى إتساع الإنتشار هذا إلى نمط الحياة الذي يعيشه أغلب الناس. هذا النمط الحياتي الذي يتضمن طبيعة الغذاء المتناول، والإعتماد على الوجبات السريعة، بالإضافة إلى زيادة الأعباء والضغوط الحياتية الواقعة على البشر.
ما هو القولون؟ وما هي وظيفته؟
الجهاز الهضمي عامة يتألف من مجموعة من الأجزاء. والأمعاء الغليظة جزء مهم في الجهاز الهضمي، وتبدأ بعد الأمعاء الدقيقة. والقولون يشكل جزء كبير من الأمعاء الغليظة. ويتكون من القولون الصاعد، والقولون المستقيم، والقولون النازل، والقولون السيني.
ووظيفة القولون ضرورية جدًا، حيث أن له دور كبير في عمليات الإمتصاص، حيث يختص بإمتصاص الماء والمعادن وبعض الأملاح الضرورية للجسم البشري. ولهذا كانت الحكمة الربانية في خلق القولون، وتقسيمه كما سبق وأن أشرنا إلى صاعد ونازل ومستقيم وسيني، فلكل قسم دور في إمتصاص عناصر معينة، كذلك حال المرض تختلف الأعراض المَرَضية بإختلاف القسم المصاب منه.
ما الفرق بين القولون العصبى وإنتفاخ القولون بالغازات؟
تابع “د. الشلالفة” وجود الغازات في القولون قد تكون أحيانًا أحد أعراض مرض القولون العصبى، ولكن ليس شرطًا فقد تكون ناتجة عن أمراض أخرى في الجهاز الهضمي. لذلك من المعلوم طبيًا ضرورة إستثناء الكثير من الأمراض العضوية الكثيرة لتأكيد التشخيص بالإصابة بالقولون العصبى، فليس كل إنتفاخ في البطن مرتبط بالقولون. لذا فإن من السلوكيات الخاطئة عند كثير من الناس تشخيصهم بأنفسهم دون الرجوع للطبيب إصابتهم بالقولون العصبى، ومن ثَم تناول أدوية له بمجرد إستمرار حالة الإنتفاخ عندهم. والأجدر إستشارة الطبيب لتأكيد سبب الإنتفاخ ومعه وصف العلاج الخاص بالسبب الذي قد يكون بعيد كل البعد عن القولون في كثير من الحالات.
ما أهم العوامل التي تعزز الإصابة بالقولون العصبى؟
مبدئيًا تجدر الإشارة إلى وجود أسباب مباشرة للإصابة بالقولون العصبى، وعوامل أخرى مجرد وجودها يُعزز فرص الإصابة بالقولون العصبى، وهناك عوامل مساعدة إن وجدت تزيد من تأثير وحدة وشدة مرض القولون العصبى.
فإذا بدأنا بأسباب الإصابة بالقولون العصبى، نجد أن أبرز نتائج الدراسات الحديثة تشير إلى أن الأسباب هي فرط في حساسية أعصاب القولون، مما يؤدي إلى تقلصات وتشنجات في عضلات القولون.
فإذا كانت التشنجات سريعة معناها أن الطعام سيمر في القولون بشكل سريع، أي أنه لن يتم إمتصاص كمية الماء منه، وبالتالي تحدث الإصابة بالإسهال وألم البطن. وعلى العكس تمامًا، إذا كانت هذه التقلصات والتشنجات أبطء بكثير مما هو مطلوب، فمعناها بقاء الطعام لفترة زمنية أطول في القولون، وبالتالي إمتصاص كمية أكبر من الماء، وبالتالي الإصابة بالإمساك.
هل تُصاب الفئات العمرية الصغيرة بمتلازمة القولون المتهيج؟
أوضح “د. الشلالفة” معظم الحالات المرضية التي يتم تشخيصها بالإصابة بالقولون العصبى تكون في الفئة العمرية من 18 إلى 45 عام، ولكن هذا لا يعني أن الفئات العمرية الأقل بعيدة عن الإصابة به، فعادة ما يمكن أن يصابوا بحالات من القلق والتوتر النفسي والعصبي، الأمر الذي يدعو للإصابة بتوتر القولون بالتبعية. لذلك فإن العلاج الأمثل لمن دون الـ 18 عام يكون في غالبه علاج نفسي أطول، والأهم فِهم الدوافع النفسية والعصبية التي تصيب الطفل في هذا العمر، والتي يتبعها بالضرورة الإصابة بالقولون العصبى وإنتفاخ البطن. فلا ننكر أن من ضمن العوامل التي تساعد على الإصابة وزيادة حدة أعراض القولون العصبى هي العنف البدني والنفسي داخل المنزل أو في المدرسة على الأطفال.
لماذا يُصاب كبار السن في العموم بالإمساك؟
لا ننفي أن القولون العصبى يمكن أن يوجد في الفئات العمرية الأكبر من 45 عام، وإن كان يحتاج إلى دقة في التحري أكثر من الفئات العمرية الأقل. لذلك مع كبار السن بالخصوص نحتاج إلى أنواع أكثر من التحاليل. فقد يكون الإمساك نتاج لقلة الحركة أو سوء في التغذية، وقد يكون بسبب أمراض أخطر وأصعب، لذلك يُنصح كبار السن بضرورة مراجعة الطبيب المختص فور ظهور أعراض الإمساك عليهم، لأن الأمر يتطلب تنظير القولون للتعرف الدقيق على تفاصيله الداخلية.
هل بالضرورة إستخدام المنظار مع مرضى القولون العصبى؟
ليس شرطًا إستخدام المنظار مع مرضى القولون العصبى، ويعتمد الأمر على عدة عوامل. ونشير هنا إلى أنه حتى الآن لا يوجد فحص معملي أو صورة أشعة يمكن أن توضح الإصابة بالقولون العصبى، ويعتمد الطبيب في تشخيصه على الأعراض التي يقوم المريض بشرحها للطبيب والفحص السريري، بجانب خبرة الطبيب في التعامل مع أعراض هذا المرض، بجانب تحديد الفئة العمرية الوارد إصابتها بالقولون العصبى والمعروفة طبيًا تبعًا لكثير من الأبحاث. لكن عند الشك في شرح المريض للأعراض أو اختلاف الفئة العمرية للمريض عن الفئات المحددة بحثيًا بالكبر أو بالصغر، يمكن اللجوء للتحري بدقة أكثر من خلال التصوير بالمنظار.
وعليه فإن إستخدام المنظار ليس ركيزة لتشخيص مرض القولون العصبى، ولكن يتم اللجوء إليه مع بعض الحالات لإستثناء إصابة القولون بأمراض أخرى أكبر وأخطر تتشابه في أعراضها مع أعراض مرض القولون العصبى، هذه الأمراض تحتاج إلى رؤية جدار القولون الداخلي لتحديدها.
ما السبب في الشعور الدائم بالإنتفاخ مع كل أنواع الأغذية التي يتم تناولها؟
كثير من الناس نتيجة ضغط العمل، ونتيجة لعدم توفر الظروف الصحية في كثير من بيئات العمل، يلجأون إلى الأغذية المعلبة وبخاصة البقوليات، وهذه الأنواع من الأغذية مع المداومة على تناولها تسبب ظهور أعراض القولون العصبى، والتي من أشهرها الإنتفاخ الدائم والغازات في البطن. ومثل هؤلاء الناس دائمًا ما يُنصحون بضرورة متابعة الطبيب، مع إعلامهم بأن القولون العصبى من الأمراض المزمنة التي تحتاج فترات زمنية طويلة للعلاج، فهو مرض مُعقد نوعًا ما. مع ضرورة تغيير النمط الغذائي والإعتماد على الأغذية الأكثر طزاجة والغنية بالألياف كالخضروات والفواكهة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مرض القولون العصبى من الأمراض المزمنة التي ليس لها علاج نهائي، ولكن الذي يدعو إلى الطمأنينة هنا أنه مرض غير خطير ولا يمكن أن يؤدي إلى أعراض أو أمراض خطيرة.
هل يسبب القولون العصبى صعوبة في التنفس؟
بكل تأكيد يمكن أن تتسبب الإصابة بمرض القولون العصبى صعوبة في التنفس نتيجة لضغط الغازات على الحجاب الحاجز. وصعوبة التنفس جزء من أعراض الإصابة بالقولون العصبى.
هل يلعب العامل الوراثي، وكذلك العوامل البيئية دورًا في الإصابة بالقولون العصبى؟
أشارت بعض الدراسات العلمية إلى وجود سبب وراثي في الإصابة بالقولون العصبى. ولكن الأكثر أهمية في الإصابة هو العامل البيئي، لأن العامل البيئي يندرج تحته العديد من مسببات الإصابة، ومنها طبيعة المأكولات مثل البقوليات والحمص والفاصوليا والأغذية المقلية والتوابل والبهارات والمشروبات الغنية بالكافيين، ورُغم أنها ليست السبب الرئيسي في الإصابة، إلا أنها من العوامل المحفزة لفرص الإصابة بالمرض.
ما أبرز أعراض القولون العصبى؟
يجب التنويه أولًا إلى أن التشخيص بالإصابة بالقولون العصبى يعتمد كليًا على شكوى المريض، ودقة شرحه للأعراض التي يعاني منها. ومن أبرز تلك الأعراض:
ألم البطن، ونؤكد على أن أصحاب مرض القولون العصبى عادةً ما يذهب ألم البطن عندهم بمجرد دخول المرحاض وتفريغ الفضلات. وهذا الذي يُفرق ألم البطن الناتج عن القولون، وآلام البطن الأخرى الناتجة عن الأمراض الأخرى.
أحيانًا يعاني المرضى من المغص والإنتفاخ.
أحيانًا تكون من الأعراض الإصابة بالإسهال أو الإمساك أو الإثنين معًا بالتناوب والتبادل.
الغثيان، والقيء أحيانًا.
صدور أصوات من البطن.
الشعور بعدم إستكمال الإخراج بعد الذهاب للمرحاض.
أحيانًا ظهور أعراض القلق والتوتر والإكتئاب على المريض.
هذه هي أبرز الأعراض المصاحبة لمرض القولون العصبى، ويُضاف إليها عمر المريض. فوجود هذه الأعراض عند فئات عمرية أكبر أو أصغر من المثبتة بحثيًا يجعل الطبيب يتوجه إلى مزيد من الفحوصات والتحاليل للإشتباه في وجود أمراض أخرى غير القولون العصبى.
ما أقرب الأمراض الباطنية تشابُهًا مع القولون العصبى في الأعراض؟
حقيقةً تتداخل أعراض القولون العصبى مع العديد من الأعراض العضوية في الأمعاء، لذلك كما سبق وأن ذكرنا أن الطبيب يقوم بتشخيص مرض القولون العصبى بعد إستبعاد مجموعة من الأمراض الباطنية، وأهمها إلتهابات القولون وبخاصة مرض (كورونز) ومرض التقرح القولوني، بالإضافة إلى مرض حساسية الجلوتين، كذلك بعض الإلتهابات الميكروبية مثل الجيارديا، وكذلك في كثير من الأحيان بعض أورام القولون التي تبدأ بأعراض تتشابه مع أعراض القولون العصبى.
من هنا نُذكر المرضى بعدم الإجتهاد بعلاج أنفسهم بأنفسهم، لأن أعراض القولون العصبى تتشابه كما هو واضح مع العديد من الأمراض التي تتراوح فيما بينها من حيث درجة شدتها وخطورتها. لذا يجب التوجه للطبيب فورًا للتثبت من وجود مرض عضوي في القولون من عدمه.
وهذا هو المؤشر الذي تحدثنا عنه سابقًا فيما يخص العمر، فبمجرد إختلاف العمر عن الأعمار التي أثبتتها الدراسات العلمية في الإصابة بالقولون، يتم التحري الدقيق بالفحوصات والتحاليل لئلا يكون المرض واحد مما ذُكر سابقًا من الأمراض التي تتشابهة في أعراضها مع القولون.
فالمرضى فوق الـ 45 عامًا، أو المرضى الذين أصابهم نزول نسبة من الدم مع البراز، أو وجود دم في البراز – وإن لم يتمكن المريض من رؤيته بالعين المجردة – كذلك المرضى الذين عولجوا بأدوية القولون العصبى دون إحراز تقدم ونتائج في الشفاء منه. فكل هذه من الأمور التي تستدعي أن يُبحر الطبيب في فحوصات أكثر وأعمق قبل القول والتشخيص بالقولون العصبى.
ما خطورة تناول مشروبات القهوة والمشروبات الغازية في الإصابة بالقولون العصبى؟
تعتبر المشروبات التي تحتوي على نسب عالية من مادة الكافيين مثل القهوة والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة أبرز العوامل التي تساعد على تهيج القولون. ومازالت الدراسات العلمية مستمرة للبحث في آلية عمل هذه المشروبات مع القولون بعد تناولها.
ولكن لابد من إثبات أن تأثير الأغذية والمشروبات المهيجة للقولون ليس متساوٍ مع كل مرضى القولون العصبى، فهناك مرضى يتأثرون من البقوليات ولا يتأثرون من الكافيين، وهناك مرضى يتأثرون بالكافيين ولا يتأثرون من البقوليات، فهذه من الأمور التي تعتمد على حالة كل مريض على حدة.
لماذا سُمي خلل حركة القولون بالقولون العصبى؟
عبارة القولون العصبى إلى حدٍ ما غير صحيحة، فالقلق والتوتر والإكتئاب من العوامل التي تزيد حدة وخطورة القولون العصبى، ولكن لا تسبب في الإصابة بالمرض من الأساس. والعكس هو الصحيح، فمرضى متلازمة القولون العصبى في الغالب يعانون من القلق والتوتر والإكتئاب،
لإستمرار الشعور بالألم والوجع والمغص معهم لفترات طويلة من اليوم وبتكرار الأيام والشهور. كذلك لأن مريض القولون العصبى تختل عنده مادة السيروتينين، حيث تتراكم هذه المادة في الأمعاء وبالتالي ينقص في الدم، فتؤدي إلى التوتر والقلق.
والدليل الواقعي على ما سبق هو إصابة الكثير من الأشخاص الهادئين والغير مكبلين بضغوط نفسية وعصبية حياتية بالقولون العصبى، من هنا نستطيع التأكيد على أن العصبية ليست شرطًا في إصابة الفرد بمتلازمة القولون العصبى.
ما هي أهم البرامج العلاجية لمرضى القولون العصبى؟
تبدأ البرامج العلاجية لمرضى القولون العصبى بالعلاج النفسي والعلاج السلوكي، لأنه مرض مزمن وطويل الأمد وبالتالي يستوجب التعايش معه وعدم الخوف منه، وهذا هو أساس العلاج النفسي للمريض، بإزالة كل مظاهر الخوف والقلق من المرض وأعراضه، وحث المريض على التعايش معه.
وفي العلاج السلوكي الحياتي، تهتم البرامج العلاجية بموضوع التغذية للمريض بصفة عامة، فيُنصح المريض بالإكثار من الأغذية التي تحتوي على الألياف، مع شرب كميات كبيرة من السوائل والماء، والتشديد على ضرورة الإبتعاد والتقليل من البقوليات والأغذية المقلية والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ومشروبات الكافيين بصفة عامة.
ويدخل ضمن العلاج السلوكي للمريض حثه على ممارسة الرياضة، فقد أثبتت الأبحاث أن ممارسة التمارين الرياضية سبب مباشر في الشفاء التام والنهائي من مرض القولون العصبى. فكما سبق وأن ذكرنا فإن مرض القولون هو عبارة عن خلل في حركة عضلات القولون، وعليه فإن رياضات المشي والجري وتمارين إسترخاء العضلات ذات دور فعال في تنظيم حركة عضلات القولون.
هل تناول الأدوية الطاردة للغازات بدون سبب يضر بصحة الجسم؟
معنى كلمة دواء أنه يجب إستخدامه في المحل الصحيح ولسبب ظاهر. وإستخدام مثل هذه الأدوية قد يُخفي عَرَض مهم للعديد من الأمراض الأشد خطورة. لذا لا يُحبذ تناول أدوية إلا بوصفة طبية، لأن كثير من الناس توقعوا إصابتهم بقولون عصبي، وهم في الأصل مصابون بأمراض أكثر خطورة وأمراض وَرَمِية في القولون.