تعتبر الأنيميا من أكثر المشكلات الصحية التي يعاني منها الأطفال، خاصةً هؤلاء الذين لديهم عادات غذائية سيئة، كما ويعتبر عنصر الحديد من أهم العناصر التي يحتاج إليها الجسم ليبقى في صحة جيدة؛ حيث يدخل عنصر الحديد في تكوين الهيموجلوبين في الدم، وبالتالي فإن نقصه يسبب حدوث مشاكل صحية متعلقة بالدم، وفقر الدم “الأنيميا” تحديداً، ويعتبر فقر الدم الناجم عن نقص الحديد أحد أكثر الأمراض شيوعاً بين الأطفال.
وتُعد الأنيميا من أشهر أسباب قلة تركيز الأطفال في المدارس، وقلة تحصيلهم الدراسي، ذلك بالإضافة إلى أن الأنيميا سبب رئيسي لسرعة نسيان الأطفال، وقلة قدرتهم على الحفظ، والفهم، والاستيعاب بشكل جيد، ويظهر ذلك جلياً في الدرجات التي يحصل عليها الأطفال مصابي الأنيميا “فقر الدم“.
والأنيميا (فقر الدم) هي عبارة عن حالة مرضية ناتجة عن نقص كرات الدم الحمراء، أو قد تنتج الأنيميا من كون الهيموجلوبين بالدم أقل من المعدل الطبيعي بالنسبة للعمر؛ حيث يختلف المعدل الطبيعي للهيموجلوبين بالدم حسب العمر، وعند الاطفال في سن المدرسة من عمر ٤-١٢ سنة يجب ألا تقل نسبة الهيموجلوبين عن ١١.
ما هي الأنيميا “فقر الدم”؟
يقول الدكتور “عبد الرحمن محمد الجاسمي” استشاري طب الأطفال وأمراض الدم والأورام في هيئة الصحة: أنه تعتبر مشكلة الأنيميا مشكلة صحية عالمية، حيث كان يُعتقد في السابق أن الدول الغربية المتقدمة لا تعاني من مثل هذه الأمراض، لكن أتضح تبعا لبعض الاحصائيات التابعة لمنظمة الصحة العالمية أن الأنيميا هي مشكلة صحية تصيب كلاً من الدول النامية والمتقدمة على حد سواء [طالع أيضاً: الأنيميا عند الأطفال وأعراضها، الوقاية والعلاج].
وكما هو معروف بأن الدم هو سائل حيوي يمشي في الجسم كافة، ويتكون من كريات الدم الحمراء، وكريات الدم البيضاء، والصفائح الدموية، والبلازما “سائل الدم”، وتقوم وظيفة الدم الأساسية على نقل الأكسجين والمواد الغذائية من مكان إلى آخر؛ وذلك حتى يكون الجسم لديه الطاقة والنشاط ليقوم بوظائفه الحيوية بشكل سليم.
وتعتبر كريات الدم الحمراء هي التي تحمل الاكسجين لباقي أعضاء الجسم، وتحتوي قطرة الدماء الواحدة على خمسة بلايين كرية دم حمراء؛ لذلك فيمكن تعريف الأنيميا “فقر الدم” على أنها ضعف مكونات الدم خاصةً تلك المكونة لكريات الدم الحمراء.
وتعتبر مشكلة الأنيميا هي مشكلة حقيقية وشائعة لدى الأطفال، ففي عام ١٩٨٥ م على سبيل المثال كانت نسبة إصابة الأطفال بالأنيميا ٤٥٪، لكن الان مع الجهود المبذولة من قبل منظمات الصحة، وانتشار الوعي انخفضت نسبة إصابة فئة الأطفال بالأنيميا إلى ١٨-٢٠٪.
ما هي أعراض الأنيميا عند الأطفال؟
لقد أشارت منظمة الصحة العالمية على أن نصف أسباب الأنيميا عند الأطفال ناتجة عن نقص الحديد كما أكد الدكتور “عبد الرحمن”، وغالباً ما تكون الأعراض على هيئة:
- الخمول والتعب العام.
- قلة التركيز في المدارس.
- قلة النشاط البدني، والحركة.
- الاضطرابات السلوكية.
- ظهور مشاكل في السمع؛ حيث أشارت بعض الدراسات إلى أنه تتأثر وتضعف الإشارات العصبية للعصب السمعي مع نقص عنصر الحديد في الجسم.
- النوم لفترات طويلة.
- شعور الطفل المستمر بالضعف والإجهاد، والدوخة.
- ضعف التحصيل الدراسي.
- شحوب الوجه والبشرة.
- سرعة نبضات القلب وسرعة التنفس.
- فقدان الشهية.
- ضعف وتساقط الشعر.
وغالباً ما يتم التشخيص عن طريق إجراء فحوصات الدم البسيطة، لمعرفة تركيز عنصر الحديد في الدم، وحجم مخزون الحديد في الجسم، وكذلك معرفة مستوى هيموجلوبين الدم، ويختلف مستوى الهيموجلوبين مع اختلاف المراحل العمرية للطفل، فبعد الولادة مباشرة يكون تركيز الهيموجلوبين لدى الطفل عالي جداً قد يصل إلى ٢٠، ويظل في النقصان حتى يصل إلى ٩ عند عمر الشهرين تحديداً، ويكون المعدل الطبيعي لهيموجلوبين الدم في عمر سنة إلى ثلاث سنوات تقريباً ١١.٥-١٢.٥، ويكون تركيز الهيموجلوبين الطبيعي للإنسان البالغ تقريباً ١٥.
ما أبرز أسباب الإصابة بمرض الأنيميا عند الأطفال؟
هناك العديد من الأسباب المرضية التي قد تؤدي إلى الإصابة بفقر الدم / الأنيميا عند الأطفال، والتي من أبرزها:
- الأمراض الجينية “الوراثية”: ويؤكد الدكتور “الجاسمي” أنه من أهم الأمراض الجينية هذه هو مرض أنيميا البحر المتوسط، والتي قد تُكتشف أيضاً من خلال فحوصات الدم بداية من عمر ٢-٤ شهور من عمر الطفل، وحتى من خلال فحوصات الدم التي تتم للمقبلين على الزواج قبل أن يتم الزواج أصلاً، وكذلك من أبرز تلك الأمراض الوراثية مرض الأنيميا المنجلية.
- سوء التغذية: حيث يمكن للأم أن تسيطر على تغذية الطفل من عمر سنة إلى ثلاث سنوات، لكنها قد تفقد السيطرة على تغذية الطفل بداية من عمر الأربع سنوات؛ لذلك فيُنصح بأن تهتم الأم بتغذية الطفل خلال الثلاث سنوات الأولى من حياته، خاصةً بالأطعمة الغنية بعنصر الحديد والتي أهمها على الإطلاق اللحوم، وذلك مع عمل فحوصات الدم بشكل مبكر حتى إذا ما كان هناك نقصاً في الحديد، يتم تعويضه بالمكملات الغذائية في عمر مبكر، ويستمر تناول هذه المكملات حتى تكون مجدية لمدة ٦ أشهر إلى سنة تقريباً.
- عدم قدرة الجسم على امتصاص الحديد بكفاءة.
- حدوث نزيف متكرر مثل نزيف الأنف أو اللثة المتكرر.
- إصابة الطفل بالديدان المعوية خاصة الأنكلستوما.