ما هي هشاشة العظام تحديداً؟
يقول الدكتور علي العتوم “استشاري أول أمراض المفاصل والتأهيل”، هشاشة العظام هي أحد الأمراض الشائعة. وبشكل عام، فهي تعتبر من أكثر الأمراض التي تصيب النسيج العظمي. فالنسيج العظمي مثله مثل أي أنسجة بالجسم، مثل الجلد والعضلات وغيرها. النسيج يتطوّر وينمو ويتعرّض إلى البناء وإلى الهدم. ولكن مرض هشاشة العظام هو أكثر ما يُصيب النسيج العظمي. فإذا أردنا أن نتحدّث عن تعريفه بشكل مبسّط، نقول: هو مرض ناتج عن نقص في الكتلة العظميّة الموجودة في الجسم، ممّا يؤدي إلى اختلال البنية الدقيقة، والتي نقصد بها الهندسة الداخليّة للنسيج العظمي، ممّا يجعلها قابلة للتخلخل، وتؤدّي إلى حدوث الكسور.
ما أعراض هشاشة العظام ؟
تابع “د. علي”، هشاشة العظام تسمّى بالمرض السارق الصامت، وتسمّى هكذا لأنّها تتقدّم عند الإنسان، سواء عند النساء أو عند الرجال، إلى مرحلة متقدّمة دون أن تعطي أية أعراض، وهذه مشكلة حقيقيّة نواجهها مع المرضى الذين يأتوننا. فيأتي المريض ليشتكي من ألم بالمفاصل أو الرّكب أو الظهر، ويقول أنّ عنده هشاشة، ثم يظهر أن السبب ليس الهشاشة، وإنّما مشاكل أخرى كتنكّس المفاصل أو مشاكل في الغضاريف إلى آخره. هشاشة العظام عندما تعطي أعراضاً، تكون قد وصلت إلى درجة متقدّمة. فالأعراض تبرز عند حدوث الكسور، أو إذا لاحظ الإنسان وجود نقص في الطّول، حوالي 3 سم، ممّا يعني أنّ هناك كسراً ما حدث في فقرات العمود الفقري.
كيف يمكن للشخص أن يعرف إذا كان معرّضاً لهشاشة العظام أو لا؟
لا شكّ أنّ دائماً “درهم وقاية خيرٌ من قنطار العلاج”. فنحن حين نهتم بأنفسنا، ونهتم بأطفالنا، ونهتم بكبار السنّ، يجب أن نركّز على بناء الكتلة العظميّة، وعلى صحة الجهاز العظمي منذ الطفولة. فالنسيج العظمي يبدأ في البناء بشكل قوي في مرحلة الطفولة ما بين سنتين إلى أربع سنوات، ويزيد بشكل كبير أثناء سنّ البلوغ. هذه المراحل مهمّة؛ لأنّه يتم فيها بناء الكتلة العظميّة. والكتلة العظميّة هي الرصيد الذي يضعه الإنسان في جهاز العظام؛ لكي يستفيد منه في مراحل متقدّمة من العمر. فعلى سبيل المثال، ما تبنيه الفتاة في كتلتها العظميّة ما بين عمر 11 و 13 سنة، يعادل ما تخسره على مدار 30 عام بعد سنّ الخمسين. عند الرجال، ينطبق نفس الشيء من عمر 13 إلى 17 سنة. والرجال دائماً يظنّون أن النساء هنّ فقط اللائي يصبن بهشاشة العظام، ولكن على العكس، فالرجال أيضاً معرّضون إلى حدوث الهشاشة ومضاعفاتها، مثلهم مثل النّساء.
50% من النّساء معرّضات للإصابة بهشاشة العظام. بعد سن الخمسين، واحدة من كل اثنتين تُصاب بكسر ناتج عن الهشاشة، وواحد من خمسة رجال يُصاب بكسر ناتج عن هشاشة العظام.
هل يوجد سبب معيّن لتعرّض النساء أكثر لهشاشة العظام؟
لا شك. السبب الأول هو أنّ الكتلة العظميّة أو طبيعة العظام عند الرّجال أقوى. هذه هي التركيبة فسيولوجيّا. النقطة الهامّة الأخرى هي أنّ الهرمونات الموجودة عند النّساء في جسمها تحميها، وبشكل رئيسي هرمون الأستروجين. هذا الهرمون عندما يختفي من الجسم بعد انقطاع الطمث في نهاية الأربعينات أو بداية الخمسينات، يذهب هذا الدور الوقائي، فتبدأ السيّدة في خسارة الكتلة العظميّة بشكل كبير، وهذا الأمر لا يوجد بالطبع عند الرّجال.
هل توجد مضاعفات لهشاشة العظام إذا لم ننتبه إليه؟
أردف الطبيب “الضيف على شاشة رؤيا”، المضاعفات الرئيسيّة هي الكسور. وأكثر الأماكن التي تتعرّض إلى حدوث كسور بسبب هشاشة العظام هي: كسور العمود الفقري، مفصل الحوض، مفصل الرسغ، ويمكن أن يصيب أي عظم آخر، ولكن هذه هي الأماكن الشائعة. وكلّ مكان له سنّ معيّن، فمثلاً: الإصابة بكسر عظم الرسغ يكون في سن الخمسينات؛ لأنّ الإنسان عندما يشعر بأنّه سيسقط على الأرض، يحمي نفسه بمدّ يده. ولكن عندما يتقدّم في السن، لا يستخدم هذه الطريقة في الوقاية. فالرجل الكبير – أو المرأة الكبيرة – عادةً يسقط إلى الجانب، وبالتالي يتعرّض عنق الفخذ إلى حدوث كسر، وهي إصابة شديدة جدّاً تؤدّي إلى مضاعفات شديدة، وإلى نسبة وفيّات. وللتذكير فقط، من يُصاب بكسر في عظم الحوض، أو في عنق الفخذ، في حوالي 20 إلى 25% من الحالات، تؤدّي إلى الوفاة، و 40% ممّن يُصابون لن يعودون إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي بعد الكسر، بغضّ النظر عمّا يتمّ له كعلاج.
ما علاج هشاشة العظام ؟
قبل الحديث عن العلاج، لا بدّ من التركيز على الوقاية؛ لأنّ مرض هشاشة العظام، وإن كان شائعاً وله مضاعفات خطيرة، إلّا أنّه يمكن الوقاية منه، ويمكن علاجه. تشخيص المرض يكون بمنتهى السهولة، وذلك عن طريق مراجعة الطبيب المختص. وهناك أجهزة حديثة متوفّرة بالأردن، يمكن من خلالها – في خلال خمس دقائق – أخذ صورة كاملة عن الكتلة العظميّة، وعن نسبة الهشاشة الموجودة. وهناك مقاييس أخرى وضعتها منظمة الصحّة العالميّة تسمّى الفراكس، وهو عبارة عن مقياس يدلّك كم أنت معرّض لحدوث الهشاشة أو للكسور، على مدار العشر سنوات القادمة. فبمجرد معرفتك، تحتاج إلى الاهتمام بنمط حياة صحي، والتركيز على الغذاء الغنيّ بالكالسيوم، وفيتامين د، والبروتين، وممارسة النّشاط الرياضي والحفاظ عليه، والتعرّض لأشعة الشمس، والابتعاد عن عوامل المخاطرة التي تؤدّي إلى حدوث الهشاشة. والأدوية متوفّرة بعدّة أشكال، منها: حبوب تُعْطَى أسبوعيّاً، وحبوب شهريّة، وحقن تُعْطَى للحالات الأقوى كل ستة أشهر، وحقن سنويّة، ويمكن الشفاء بها بشكل تام. ولكنّي أعيد التأكيد على أنّ الوقاية أهمّ من العلاج.
ما نصيحتك عن العلاج الفعّال لهشاشة العظام؟
أنصح دائماً بالتركيز منذ البداية على تعليم أطفالنا النمط الصحّي، والاهتمام بما يشربون، والتركيز على الحليب، وعلى الغذاء السليم، والابتعاد عن المشروبات الغازيّة والتي تحتوي على مواد تمنع امتصاص الكالسيوم، والمحافظة على النشاط الرياضي، والتعرّض لأشعة الشمس والذي يعتبر هامّاً جدّاً للحصول على فيتامين د؛ لأنّ هذا الفيتامين مهم جدّاً للجسم، ولا يتوفّر بشكل مباشر من الأغذية إلّا بكميّات قليلة، والابتعاد عن عوامل المخاطرة. فهناك عوامل مخاطر تستطيع أن تغيّرها، وعوامل أخرى لا تستطيع أن تغيّرها. فإذا كان عندك استعداد لأن يكون عندك هشاشة بالوراثة، وإذا كان يوجد تاريخ عائلي لكسر، أو كنت مصاباً بمرض مزمن، فهذه كلّها أشياء لا تستطيع أن تغيّرها. أمّا إذا كنتَ تهتمّ بحياتك ونشاطك، وتبتعد عن التدخين والإكثار من المشروبات الكحولية، وتمارس الرياضة، وتهتمّ بالعلاج ومراجعة الطبيب، فيوجد أنواع من العلاج تتسبّب بشكل ثانوي في حدوث الهشاشة، كل ذلك مع متابعة طبيّة مختصّة، تمنع من حدوث الهشاشة، وتعفينا من المضاعفات.