الانخراط في العمل والحرص على تأديته على أكمل وجه أمر إيجابي يساعدنا على سرعة تحقيق طموحاتنا العملية، لكن المبالغة في الاهتمام بمهام العمل والتشبع بمشاكله وضغوطه قد يدفعنا إلى الدخول في مرحلة ما أسمته منظمة الصحة العالمية “الإحتراق الوظيفي” وصنفته على أنه مرض وله أعراض كحدة الطبع، الأرق، الصداع، آلام الظهر، قلة التركيز والإكتئاب.
ما هو الإحتراق الوظيفي؟ وكيف يُمكن التعرُض له؟
قال الدكتور “عبد الناصر علاء “مسؤول وحدة العلاج النفسي الإكلينيكي. بأن الإحتراق الوظيفي والضغوط النفسية بمفهومها الشامل وجهان لعملة واحدة، وبأن الإحتراق النفسي ما هو إلا امتداد للإحتراق الوظيفي.
وأضاف دكتور عبد الناصر بأن الإحتراق الوظيفي هو حالة من الإنهاك الشديدة جداً يتعرض لها الموظف جسدياً، إجتماعياً ووظيفياً فالموظف في هذه الحالة يُمكن تشبيهه بعود ثقاب يحترق ووصل إلى مرحلة الإحتراق التام، فنلاحظ أن عود الثقاب يظل على نفس شكله، ولكن بمجرد أن نلمسه فإنه ينهار ويتحول إلى حُطام تام، فالموظف يبدأ مسيرته المهنية بحماسٍ شديد جداً وبتوقعات مرتفعة وبالتالي مع بداية تراكم الضغوطات عليه ولا يجد حينها مُتنَفس لتفريغ هذه الضغوطات يبدأ في عملية الإحتراق.
هل الإحتراق الوظيفي كمرض يُعني نقل ضغوطات العمل إلى خارج مكان العمل، إلى المنزل مثلاً؟
يقول دكتور “عبد الناصر علاء ” مسؤول وحدة العلاج النفسي الإكلينيكي. أن المقصود هنا بكلمة مرض هو أن يتوقف الموظف عن القيام بشيئين أساسيين وهما: أولاً أن يتوقف عن التواصل مع الناس ومشاركتهم في المناسبات الإجتماعية، ثانياً أن يتوقف الموظف عن حب عمله، فيدخل حينها في دائرة المرض. فالإحتراق الوظيفي يُعني أن يستمر الموظف يومياً في الذهاب لعمله ومقابلة مديره وزملاء العمل ولكن دون أي رغبة.
وعقب دكتور علاء أن الإحتراق الوظيفي يُمكن تعريفه على أنه عرض وليس مرض، فهو عرض لمجموعة من المُشكلات تُقابل الموظف سواء مع مدير العمل، أو مع العملاء.
ما حل الإحتراق الوظيفي؟ وهل ترك الموظف لعمله هو الحل؟
أكد دكتور عبد الناصر علاء أن ترك العمل ليس هو الحل إطلاقاً، فترك العمل هنا يُعتبر هروب وليس حل.
وأضاف الدكتور بأن الحل يكمن في تقسيم الحياة إلى ثلاث أقسام مهمة، وهما الوظيفة، الأسرة والحياة الإجتماعية، فيجب أن يَشغل كل قسم وقته دون التعدي على وقت أي قسم آخر، التوازن بينهم، رسم الحدود وتحديد الأولويات.
من المسؤول عن حدوث الإحتراق الوظيفي، الموظف أم المدير
أكد الدكتور أن كُلاً من الموظف والمدير مسؤولان عن حدوث الإحتراق الوظيفي؛ فالموظف يجب أن يُخفض سقف توقعاته، ومديره يجب ألا يُكثر من طلباته وألا يضغط على الموظف حتى بعد ساعات العمل الرسمية، فليس ذلك من حق المدير أبداً، ويجب أن يتحلى الموظف ببعض الشجاعة ليوقف مديره إذا تكرر هذا الأمر.