الحب ومعانيه أكبر من أن نحصرها في سطور، أو نجمعها في موضوع واحد، فهو سر من أسرار الحياة، وهو تلك الكومة من المعاني والمشاعر التي تمنح الحياة قيمة وتجعلها تعج بالضجيج والصخب، وتنهي حالة الفراغ والسكون التي تكتنف الحياة قبل أن يدق هو قلوبنا، وقبل أن نفتح له أبوابنا.
ومن ظلم الحب والقصور في فهمه أن نجعله محصورا في ذلك الحب الذي يربط بين رجل وامرأة، فالحب أوسع وأشمل من هذا المعنى الضيق بكثير، بل إن الحب بين الرجل والمرأة حالة خاصة من حالات الحب، فالحب هو كل حب يقع في قلب الإنسان لغيره، سواء حبه لخالقه أو حبه لغيره من الخلق، أو حبه لوطنه، وتتفق كل صور الحب في جوهرها وتختلف في متطلباتها.
من معاني الحب
- من معاني الحب أنه تلك الأيادي الحانية التي تمتد إلى أعمق أعماقنا، فتلمس مواطن الضعف والوجع والتعب فتهدمها، وتشيد بدلًا منها صروحًا من الثقة والقوة، وتلمس مواطن الخوف فتملأ أركانها بالأمان والطمأنينة، وتتحسس مواطن الوجع والتعب فتحولها إلى راحة وسكينة.
- الحب هو تلك العيون التي تنظر إلينا بإعجاب وإعزاز، وتسلط الضوء على مواطن الجمال والقوة فينا، تلك العيون التي تغض الطرف عن مساوئنا ولا تراها، تمر بأخطائنا ولا تقف عندها، تلك العيون التي ترفض تشويهنا ولا تقبل الانتقاص منا، الحب هو عيون الأمهات والآباء والعاشقين، التي تضيف إلى الحسن حسنا وتمح عن الصورة كل عيب ونقص.
- الحب كذلك هو السلطة الدكتاتورية التي تفرض سطوتها على القلب، وتمسك بزمام الروح، فتجعلها تسير وفق ما يريد المحبوب، وتهوى ما يهواه، وتصبح منتهى راحتها في تحقيق راحته، فلا تجرؤ على مخالفته، ولا تملك الانشقاق عنه ولا الانفصال عن تبعيته، دون أن يؤلمها هذا الخضوع أو ينتقص منها هذا الاستسلام.
- الحب هو التضحية في أروع صورها، فالتضحية ألف باء الحب، وبعض أبجدياته، تضحية المحب براحته في سبيل راحة المحبوب، التضحية برغباته في سبيل رغبات المحبوب، والتضحية بسعادته في سبيل سعادة المحبوب، بل إن من معاني الحب أن تضحي بقرب المحبوب نفسه لأجل سعادته وتحقيق راحته.
- ومن صور التضحية التي يتجسد فيها أجمل معاني الحب، الأمومة والأبوة والأخوة الصادقة الخالصة.
- الحب هو اهتمام وتركيز مع المحبوب، يتأتى معه القدرة الكبيرة على ملاحظته ومراقبة أحواله وأوضاعه، ومعرفة ما يشغله ويؤلمه ويسعده ويتعبه، هو اهتمام المحب بتفاصيل محبوبه التي لا تعني لغيره الكثير، ولكنها تعني ذلك له.
- الحب رغبة دائمة ومستمرة في الوصل وحرص على القرب، لا يفتر ولا يبهت أبدا، فيه يستطيع المحب أن يجد في قرب محبوبه الراحة والسعادة التي تعدل عنه متع الدنيا جميعها وسعادتها كلها.
- الحب هو ذلك الدافع الغريب الذي يجعلنا نصبر على أذى من نحب، وننتظر دون كلل أو ملل، هو تلك القوة التي تمكننا من العفو والسماح حين نسمع اعتذار من نحبهم، هو ذلك التحول العجيب من الوجع والحسرة والجزع إلى الفرحة والسعادة، والتحول من اليأس إلى الأمل الذي يولد من جديد مع قدوم من نحبهم.
- الحب هو التبرير الغير منطقي غالبا لأفعال من نحبهم، بل التبرير لظلمهم لنا وجورهم على حقوقنا، والتماس الأعذار لهم، وقبولها منهم حين يلقونها بين أيدينا، وإن كانت واهية أو ضعيفة أو عارية عن الصحة أو الحجة.
- الحب هو ذلك الشيء الذي يدفعنا لتصديق أحبتنا حين يلقون على أسماعنا كلمة مدح أو ثناء، تصديقهم حتى مع العلم أنهم كاذبين.
- هو ذلك الشك القتال والغيرة الحارقة التي تعبث بقلوبنا، حين يبتعد المحبوب عنا، أو يجاور غيرنا أو يتركنا ويرافق سوانا في رحلته، سواءً اختار هو ذلك بإرادته أو فرض ذلك عليه فرضا.
- الحب هو اثنين يختلفان في كل شيء ويتشابهان في احتياجهما، فالحب احتياج مشترك للمحب والمحبوب معا.
- الحب هو القدرة على الشعور بالمحبوب، والتواصل الروحي معه مهما حالت المسافات بينه وبين المحب، واستشعار الوجع وانقباض القلب إذا مسه مكروه، وانبساط الروح واشراقها حين يكون المحبوب بخير، فالحب هو وصل لا يعترف بالمكان ولا الزمان، ولا الظروف.
- الحب ان يشعر القلب أنه مقسوم بين اثنين، نصفه هنا ونصفه الثاني هناك، حيث يوجد المحبوب