هذه الذبابة التي تحوم فوق رأسي منذ دخولي لهذا المطعم، تفقدني القدرة على التركيز! يبدو أنها تعرف اللحظات المناسبة التي أفقد فيها أعصابي! فجولاتها الاستطلاعية التي تقوم بها كل 20 ثانية من جانب رأسي، ويصاحبها أزيز يكفي لإيقاظ مريض مصاب بالغيبوبة، تُفقدني الكثير من كمية الصبر التي أتحلى بها! أبحث الآن عن أكثر طرق الموت بشاعة في التاريخ البشرية حتى أذيقها إياه، أو على الأقل، حتى ينعم كلانا بالراحة؟
أتذكر الآن أن أنيس منصور، هو الآخر شاركه الذباب إحدى وجباته عندما كان في قبرص! وعندما قرأ صاحب المطعم علامات الامتعاض والاعتراض على وجه منصور بادره بالقول: «سيدي، إن هذا الذباب قادم من جهة اليونان!» ولكن منصور رد عليه سريعا: «لو لم يكن المكان قذرا لما تكاثر عليه الذباب!».
وقد كان محقا، فالذباب القبرصي واليوناني والإسكتلندي والمحلي، يتفقون جميعا على أن البيئة الأكثر ملائمة لها هي أقذرها! أحاول الآن أن استخدم عبارة منصور في هذا المطعم، إلا أن أكثر ما سأجده أن يرشدني أحدهم لباب الخروج!
وكاقتراح من العبد الفقير إلى الله «أنا» فإن عبارة الأستاذ أنيس منصور: «لو لم يكن المكان قذرا لما تكاثر عليه الذباب»، تصلح جدا لتكون عنوانا لحملة جادة لمكافحة الذباب! يدفع الزبون الثمن الكامل لوجبته، إلا أن الذباب الموجود هناك سيشاركه في التهام نصفها!
حتى بعض المطاعم الفخمة ذات الطاولات الوثيرة والمقاعد التي ستجلب لك النوم عند جلوسك على أحدها، هي الأخرى تمتلك في كواليسها الخلفية مجموعة واسعة من هذه الكائنات!
صحيح أن الذباب في هذه المطاعم أقل وقاحة من ذباب تلك المطاعم المتخصصة في رعاية الذباب وتكاثره وعدم انقراضه، إلا أنك ربما تصادف إحدى الذبابات وهي طافية في كوب الكولا خاصتك بعدما لقيت مصرعها متأثرة بجرعة زائدة من حمض الفوسفوريك! أو أنها ستخر صريعة بعد اقتحامها لفطيرتك التي لم تكن تعلم أنها «سبايسي»!
ما دامت تلك المطاعم لا تنوي عمل أي إجراء لمكافحة حشراتها الطائرة التي تملأ المكان، فلم لا توزع «مضرب ذباب» على كل زبون ليحمي أكله على الأقل!
بقلم: ماجد بن رائف
بالمناسبة.. هنا تقرأ حول: كيف تختار أفضل شركة مكافحة حشرات