كيف نتعامل مع الطفل الموهوب
في بداية نشأة هديل، كانت تظن والدتها “بوخولة خيرا” أنها طفلة عادية مثل أخيها، ولكن بعد فترة قد لاحظت والدتها بأنها مميزة عن الأطفال الذين في نفس عمرها، فكانت هديل تتذكر بشكل ملحوظ.
وتقول “هديل حلاف” بطلة العالم العربي في قوة الذاكرة: أن الشيء الذي يميزها عن بقية الأطفال هو سرعة التذكر، وسرعة الحفظ كذلك، فقد شاركت في العديد من المسابقات مثل مسابقة البطولة العربية، وكانوا يعطونهم ورقة بها العديد من الأرقام العشوائية والتي يجب أن يحفظها الأطفال في وقت محدد وكانت والدتها تساعدها في الكثير من التدريبات الخاصة بسرعة التذكر قبل دخول المسابقة، كما يساعدها أخيها كثيراً كذلك، وقد حصلت على المركز الأول في صنف الأطفال، وكذلك حصلت على الميدالية الذهبية والفضية بعد ذلك.
ما هي الموهبة ومن أين تأتي للطفل تحديداً
تقول الدكتورة “سماح جبر” رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية: أن الموهبة هي عبارة عن قدرة استثنائية لدى الطفل مقارنة بمن هم في نفس العمر، والتي قد تكون مرتبطة بقدرات عقلية معينة أو قدرة إبداعية أو حتى قدرة جسدية لدى الطفل على إنجاز شيء معين.
أما عن مصدر الموهبة، فتؤكد الدكتورة “جبر” أن الموهبة لها مصدر چيني أو خلقي بالتحديد؛ لذلك يطلق عليها اسم موهبة أي أنها هبة من رب العالمين، لكن بدون شك أن تغذية الموهبة عند الطفل يساعد على نموها بشكل سليم؛ فالعائلات التي تنتبه للفروقات الفردية بين أبنائهم وبين من هم في نفس العمر، وكذلك العائلات التي تسمح لأطفالها بالتمايز تغذي الموهبة الفطرية الربانية لدى الطفل.
فإذا كان الطفل يوجه جهده وتركيزه ووقته لشيء معين كالرياضيات مثلاً أو الكتابة أو القراءة، أو لفن معين كالرسم أو النحت، أو لألعاب رياضية معينة، يجب هنا على الأهل أن تدرك ذلك وتساعده على نمو هذه الموهبة بالشكل الصحيح.
المؤشرات الأولية لوجود موهبة معينة لدى الطفل
توضح الدكتورة “سماح” ذلك مؤكدة أن الموهبة ليس لها عمر معين كي تظهر، كما أنها قد تبدأ في الظهور من عمر مبكر جداً؛ فقد تلاحظ الأم قدرات خاصة لدى طفلها من عمر السنتين تقريباً، كوجود قدرة لغوية معينة، أو اهتمام الطفل برياضة معينة، كما أنه كلما زاد عمر الطفل، كلما تجلت هذه الموهبة بشكل كبير.
ومن أهم مميزات الأطفال الموهوبين هو أنهم أشخاص فضوليين، كثيري التساؤل، خاصة للأسئلة الخارجة عن المألوف، كما أن معظم هؤلاء الأطفال قادرون على النقد بدرجة كبيرة، لذلك فلابد أن يتجاوب الأهل مع فضول أطفالهم وأن يشبعوا هذا الفضول وألا يقوموا بإسكات الطفل وإلجام هذه الموهبة بأي شكل من الأشكال.
هل المواهب مضيعة للوقت
إن الأهل الذين يفرضون على الطفل أشياء معينة معاكسة لما يميل ويفضل، يضيعون وقت طفلهم بشكل سلبي جداً، كما أنه قد يضر الطفل نفسياً.
وبسبب وجود الموهبة كشيء فطري داخلي لدى الطفل، فغالباً ما تظل هذه الموهبة المدفونة تلح عليه إذا لم يهتم بها الأهل فتظهر بعد ذلك إذا أتيحت لها الفرصة.
كما أن المدرسة لها دوراً هاماً في تنمية مواهب الأطفال، فالأطفال الموهوبون بالقراءة مثلاً أو بالكتابة ويظلون بنفس المرحلة العمرية قد يصابوا بالملل والإحباط؛ ففي مثل هذه الحالات قد يتم تنمية مواهب هؤلاء الأطفال عن طريق نظام التعجيل “Acceleration”، بتمرير هؤلاء الأطفال من مستوى إلى مستوى آخر أعلى، وكذلك هناك طريقة الجمع “Grouping”، والتي تتم عن طريق جمع هؤلاء الأطفال في مجموعات خاصة مما يخلق لديهم روح التحدي والمنافسة.
وعن كيفية تمكن الأهل من المساواة بين الطفل الموهوب وأخوه الذي لا يمتلك موهبة خاصة، فتؤكد الدكتورة “جبر” أن معاملة الأطفال عموماً لا يتم من خلال المساواة في المطلق؛ فالمصروف اليومي مثلاً لا يكون متساوياً بين الأخوة في حالة اختلاف أعمارهم، ولكن المهم هنا هو التعامل بالعدل مع الأخوة؛ فكل طفل لديه ما يميزه ولديه احتياجاته الخاصة والتي يجب أن تلبي ولا يتم إهمالها أبداً.