الفرق بين الرسول والنبي
منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها جعل الإنسان في امتحان طويل، يختبر صبره وحكمته ورجاحة عقله، فمن اتبع سبيل الهدى والرشاد واختار طريق الله عز وجل فقد فاز وأفلح وكان من الناجين في الدنيا والآخرة، ومن ضل وانحرف عن الصراط المستقيم كان كمن هوى في لجج التيه والضياع وسبق عليه أمر الله أنه من المعذبين والهالكين.
ولأن الله عز وجل عدل واسمه العدل ووصفه العدل، يأبى أن يعذب عباده أو يؤاخذهم بجهلهم، أو يقبضهم على حين غفلة منهم، فاقتضت عدالته ورحمته وحكمته أن يبلغ عباده رسالته، ويبين لهم على أيدي بعض خلقه طريق الهدى والتقى والفلاح والنجاة من ويلات الحياة وما بعد الممات، فكانت نعمة إرسال الرسل والأنبياء منذرين ومبشرين وداعين إلى الله بفضله وسراجًا منيرًا.
وهنا سيدور حديثنا حول الفرق الذي يميز بين الرسول والنبي، وهل المعنى الذي ينطبق عليهما واحد؟ أم معنيان متغايران في الوصف والدلالة؟
الرسول والنبي لغةً
معنى الرسول لغة من الرسل أي التتابع، وقيل أن الرسالة معناها التوجيه، فيكون وفقًا لما جاء على لسان العرب الرسول هو الموجه كما يأتي المعنى من التتابع وذلك من تتابع نزول الوحي عليه، أما أصل كلمة النبي لغة فهو مأخوذ من النبأ بمعنى الخبر، فالنبي هو من يخبر عن ربه.
هل هناك اتفاق على وجود فرق بين الرسول والنبي؟
مثلها مثل الكثير من القضايا الشرعية والعقائدية التي اختلف عليها الناس ولم يجمعوا على رأي فيها، فهناك فريق يرى أنه لا فرق بين الرسول والنبي وأنهما لهما نفس المعنى والدلالة، ويؤيد هذا الرأي قلة من أهل العلم.
في حين يرى فريق آخر أن هناك فارق بين الرسول وبين النبي، فالرسول عندهم أعلى مرتبة وأشمل وأعم في الدلالة من النبي فكل رسول هو بالضرورة نبي، ولكن ليس كل نبي هو بالضرورة رسول، وعليه معظم علماء الأمة.
بينما يوجد فريق آخر من المتصوفين يرون أن الرسول هو أعلى مرتبة من النبي، والله أعلى وأعلم.
في نقاط: الفرق بين الرسول والنبي
بداية يجدر بنا الإشارة إلى قول الله عز وجل (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ)، فقد ذكر الله عز وجل لفظ النبي والرسول في آية واحدة وسياق مشترك، وهذا يدل على وجود اختلاف وتغاير في المعنى وإلا لما ذكر اللفظين معًا لو كان لهما معنى واحد.
لذا يرى علماء الأمة وجود فوارق بين الرسول والنبي، ولعل على رأس هذا الاختلافات ما يلي:
- النبي يوحى إليه بشرع ولكن لا يؤمر بتبليغه لغيره، في حين أن الرسول هو من يوحى إليه بشرع ويؤمر بتبليغه والدعوة إليه.
- النبي يأتي بشريعة جاء بها من قبله، مثل الأنبياء الذين دعوا إلى شريعة التوراة، بينما الرسول يأتي بشريعة جديدة ويؤمر بالدعوة إلها مثل عيسى، موسى ومحمد عليهم جميعًا الصلاة والسلام.
- النبي لا يأتي معه كتاب، بينما الرسول يأتي بكتاب من عند الله عز وجل.
- الرسول لفظ أعم وأشمل من لفظ النبي، فكل رسول نبي ولكن ليس كل نبي رسول.
الصفات المشتركة بين النبي والرسول
مهما ذكر العلماء من تفاضل بين النبي والرسول إلا انه يظل أنبياء الله ورسله هم خير الخلق وأتقاهم وأنقاهم، وقد ميزهم الله بفضله واصطفاهم لتبليغ رسالته وهداية الناس، ومن الأمور التي يشترك فيها النبي والرسول:
- الصدق، فلا يكون النبي ولا الرسول كاذبًا أبدًا.
- التبليغ عن الله عز وجل.
- العصمة من الذنوب.
- الأمانة.
- السلامة من كل العيوب المنفرة والحاملة على انفضاض الناس من حولهم خلقة وخلقًا.