دائما أتساءل ماذا لو عاش المبدعون الأوائل في زمننا هذا؟ واضطروا إلى الجلوس في فصولنا، تنهال على رؤوسهم العبارات المحطمة وسياسات تشجيع الكسل والتخاذل؟ أتساءل ترى هل سيخلدون ذكراهم كما فعلوا في زمانهم؟ دعونا نتخيل كيف سيكون الوضع.
عباس بن فرناس: يا أستاذ أريد أن أحاول الطيران. المدرس: يا أهبل ألا تستطيع أن تدرك أنك إنسان والإنسان لا يستطيع الطيران؟ ومن أنت لتطير؟ عباسوه: ولكن يا أستاذ هناك طائرات تصنع في الغرب ويطير فيها الناس. المدرس: أين أنت من أولئك، لا تستطيع أن تكون مثلهم، فالعرب جرب الأرض ولا يستطيعون أن يكونوا كما الغرب فدع عنك التخريف وسماع قصيدة «بلاد العرب أوطاني».
عباسوه أصبح من أكبر مفحطي الوطن، وله سجل حافل في كل مراكز الشرطة.
الحسن بن الهيثم: أستاذي الفاضل، يتراءى لي في الماء انعكاسات غريبة للعصا، أيكون لذلك تفسير يقبله العقل لو درسنا تلك الظاهرة؟ الأستاذ: يا غبي، أتظن أنك ستأتي بما لم يأت به غيرك، تلك تهيؤات صورتها لك نفسك، ولا تكثر الهرطقة في هكذا مواضيع، فذلك طريق الشعوذة والدجل، اسمع «النظرية النسبية يا عبقري زمانه».
الحسن بن هيثم أصبح مراسلا في إحدى وزارات الوطن، يعول تسعة أطفال وأقصى أحلامه بيت ملك.
ابن النفيس: أستاذ، لقد اكتشفت أن الدم يخرج من القلب إلى الرئتين لتنقيته ومن ثم يعود إلى القلب. الأستاذ: ما شاء الله، وماذا عن الكبد، هل هي الأخرى تغسل الصحون وتحضر الشاي؟ بدلا من التخريف احمل كتاب القواعد وتعلم شيئا مفيدا.
ابن النفيس أصبح ممرضا متخرجا من معهد صحي خاص، لا يعلم كيف يقيس حرارة مريض.
الخوارزمي: أستاذي يا أستاذي، ماذا لو أخبرتك أني وجدت طريقة جديدة في حل مسائل الرياضيات المعقدة أسميتها الجبر؟ الأستاذ: جبر الله مصيبة أهلك فيك، أيرسلونك هنا لتدرس أم لتضيع وقتك في اختلاق الأكاذيب والادعاءات؟ يا لك من ولد غير مسؤول. احفظ إثبات نظرية فيثاغورث لأسمعها لك غدا.
الخوارزمي أصبح سائق سيارة أجرة يحمد ربه أنه تعلم الرياضيات ليحسب ريالاته التي يكسبها.
آلاف المواهب تقتل، فقط لأننا نعجز عن الرؤية خلالها.
بقلم: محمد السرار