الصورة تغني أحيانا عن محاضرات وآلاف الشعارات وتكفي كل من يتمعن في مدلولاتها، لذا هناك جوائز عالمية لأفضل صورة صحافية على مستوى العالم. عندما كنت أتصفح «الشرق الأوسط» يوم الأربعاء الفائت، بهرتني صورة لوكالة الصحافة الفرنسية لأطفال في عمر الزهور يشقون طريقهم عائدين من مدارسهم في غزة، تشرق وجوههم بالبراءة، بملابس نظيفة زاهية، حاملين حقائبهم على ظهورهم، ليعطونا نحن الكبار قبل الصغار دروسا بليغة في العزم والإصرار وطلب الحياة ورفض الاحتلال والخنوع.
عندما أفتح صفحة أخبار فلسطين لا أدقق كثيرا في الأخبار المكتوبة لأنها للأسف تبعث على الأسى لما وصلت إليه الحال، إلا من شموع أمل هنا وهناك وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. لكني أعبر مباشرة إلى الصور التي تبثها وكالات الأنباء لامرأة مسنة تدافع عن حقل زيتون، أو فتى يتعارك بيديه العاريتين مع جندي صهيوني، أو طفل يستذكر دروسه على ضوء شمعة في أقوى رد على طغيان صهيوني حاقد.
قطعت الصفحة التي نشرت فيها الصورة وعرضتها على أولادي ليتعلموا منها وليتذكروا نعمة الله عليهم وابتلاءه عز وجل لنا ولإخواننا في غزة وسائر الأراضي المحتلة، لنا بالنعم ليرى هل نشكر ونعين إخواننا، ولهم ليرى هل يصبرون ويوحدون الصف لاسترداد الوطن. أردتهم أن يتعلموا من تلك الصورة كما تعلمت منها. صورة أولئك الأطفال وهم يمشون وسط أطلال منازل وطرق وعرة مع حقائبهم المدرسية، صورة ترعب الصهاينة، لأنها تدرك دلالاتها.
شعب لم تستطع الآلة العسكرية وحملات البطش والقصف القضاء عليه وعلى عزيمته وإصراره على الحياة. خبر واحد قرأته بعث الأمل في نفسي وهو استعداد السلطة التخلي عن معونة الأمريكان «470 مليون دولار» السنوية التي تضغط بها أمريكا على السلطة لمنع المصالحة مع حماس. أرجو من كل قارئ وقارئة أن يرجعوا إلى تلك الصورة لاستخلاص جمال وعظم معانيها.
بقلم: عمر الرشيد