ما هو مرض الإكتئاب بشكل عام؟
قال “د. مشعل العقيل” استشاري الأمراض النفسية. الإكتئاب كمصطلح طبي يشمل مجموعة من الإضطرابات النفسية، وأبرز أعراضه الشعور بالضيق والحزن، وتختلف باقي الأعراض بإختلاف نوع الإكتئاب.
ما أبرز أنواع الإكتئاب؟
تتعدد أنواع الإكتئاب، وأبرزها:
• الإكتئاب الجسيم: وهو الذي يستمر لأكثر من أسبوعين.
• عُسر المزاج: ويستمر لعامين فأكثر.
• الإكتئاب الوجداني: وهو جزء من الإضطراب ثنائي القطب.
• الإكتئاب الذي يكون جزء من إضطراب عدم التوافق.
• الإكتئاب الناتج عن إدمان المخدرات.
• الإكتئاب الناتج عن الأمراض العضوية.
كيف نفرق بين الإكتئاب المرضي وبين الضيق النفسي وعدم السعادة؟
أوضح “د. العقيل” أعراض الأمراض النفسية بشكل عام – ما عدا الذُهنية – موجودة عند كل البشر، فكلنا يشعر بالضيق والخوف والتوتر والقلق، لكن عند زيادة هذا الشعور عن الحدود الطبيعية، ويبدأ تأثيره على الحياة الوظيفية والإجتماعية والدراسية، إذن تحول هذا الشعور من طبيعة فطرية في الإنسان إلى مرض يستوجب العلاج.
فالعامل الفارق بين الحالة المزاجية العادية وبين الحالة المرضية هو إستمرارية الشعور ومدى تأثيره على الوظائف الحياتية اليومية.
هل توجد أنواع إكتئاب خاصة بالمرأة؟
الأنواع المذكورة سابقًا تُصيب الجنسين، بالإضافة إلى الأعراض الإكتئابية التي تصيب المرأة في فترات معينة، مثل أعراض ما قبل الدورة الشهرية (متلازمة الدورة الشهرية)، وإكتئاب ما بعد الولادة، ورُهاب الولادة في فترة الحمل وما يُصاحبة من أعراض إكتئاب.
وهذه الأنواع الإضافية من الإكتئاب لها عوامل عديدة، وأهم هذه العوامل هو العامل البيولوجي المتمثل في التغيرات الهرمونية بجسم المرأة.
هل الضغوط اليومية الواقعة على المرأة سبب في إصابتها بالإكتئاب؟
تابع “د. العقيل” كلما زادت الضغوط الحياتية كلما زادت فرصة الإصابة بالإكتئاب، ويختلف هذا بإختلاف طبيعة شخصية المرأة، ويختلف كذلك بإختلاف مهارات التأقلم عندها، فكلما زادت مهارات التأقلم والنضوج وقوة الشخصية عند المرأة، كلما زادت درجة إمتصاصها ومرونتها في التعامل مع الضغوط والصدمات النفسية. أضف إلى ما سبق الطبيعة العاطفية للمرأة في التفاعل مع الأشياء، وكذلك حجم المسئوليات الملقاه على عاتقها، ومدى إحتمالها لهذه المسئوليات من الناحية النفسية.
متى يلجأ الشخص للعلاج الطبي؟
يمكن لأي شخص في أي مرحلة من مراحل الضيق والحزن أن يلجأ للتقييم النفسي للإطمئنان على صحته النفسية.
وبالنسبة للإكتئاب البسيط فيمكن تشخيصه وتقييمه عن طريق التقييم الإكلينيكي خلال المقابلة العيادية أو من مقاييس معينة تُعطى للشخص المكتئب. وغالبًا ما يتمحور علاجه حول النصح والتثقيف والإرشاد النفسي، وتعديل الجدول اليومي من حيث النوم والإستيقاظ، وممارسة الرياضة، والتخلي عن العادات الغذائية الخاطئة. أما من حيث الإكتئاب المتوسط فيكون علاجه بالجلسات النفسية أو الدواء. والإكتئاب الشديد فيكون بالإثنين معًا الجلسات والدواء.
وتجدر الإشارة إلى عدم وجود خط فاصل بين درجات شدة الإكتئاب، ولكن التصنيف من حيث الشدة يتوقف على مدى تأثير الإكتئاب على الحياة الطبيعية للمريض، فكلما زاد التأثير زاد معه التصنيف بشدة الإكتئاب، والعكس بالعكس.
كيف نُغير المفهوم السائد بأن ترك العبادات هو السبب الأوحد للإكتئاب؟
كثيرًا ما تُطالعنا مثل هذه المفاهيم في مجتمعاتنا الشرقية، ومن لم يمر بالتجربة لن يستطيع الحكم عليها. فالقائلون بهذا يتفوهون بما لا يعلمون لأنهم لم يعيشوا تجربة الإصابة بالإكتئاب.
والأدهى أن مثل هذه العبارات تزيد من حدة الإكتئاب عند المريض، ذلك لأن أحد أعراض الإكتئاب هو الشعور الذنب، وتكرار هذه الجُمل أمام المريض يؤدي إلى مزيد من زرع الذنب في وجدانه، فيزيد لديه شعوره بالذنب وتأنيب الضمير، وأن هذا الذي يشعر به ما هو إلا عقوبة، وإذا لجأ للعبادات والتدين ولم تتبدل أعراض المرض، استقر يقينًا في وجدانه أن الله غير راضي عنه رغم إلتزامه بالطاعة، من هنا يزيد الضغط النفسي عليه أكثر، وتزداد حدة إكتئابه وشدته، فأصبحت هذه العبارات – والتي ينطق بها صاحبها على سبيل الدعم للمريض – حِمل ومعاناة نفسية جديدة أُضيفت للمريض.
هل يُصنف شعور الضيق بعد الولادة بالإكتئاب دون إستثناء؟
أردف “د. العقيل” يجب التفريق بين: كَدر ما بعد الولادة، وإكتئاب ما بعد الولادة.
كَدر ما بعد الولادة: وهو الذي يُصيب من 60 إلى 80% من االسيدات، ويظهر من اليوم الرابع، وتكون من أعراضه: الضيق، والتوتر، والخوف، والبكاء بدون سبب، ولَوْم المحيطين، والشعور بالخوف من المسئولية، والشعور بعدم القدرة على تحملها. وهذا الشعور يمتد من عشرة أيام إلى أسبوعين ويختفي تدريجيًا بدون أي تدخل علاجي. فهو شعور عابر ومؤقت ولا إنزعاج منه.
إكتئاب ما بعد الولادة: وهو يُصيب ما بين 10 إلى 12% من السيدات، وأعراضه هي: إضطراب النوم والشهية والإنعزالية والشعور بالذنب والشعور بعدم القدرة على تحمل المسئولية والبُعد عن الطفل ثم الشعور بالذنب لعدم الإهتمام ورعاية هذا الطفل، وهذا الإكتئاب يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للأم، وتستمر أعراضه لأكثر من أسبوعين، وقد يتطلب التدخل العلاجي.
هل تلعب الوراثة دور في الإصابة بالإكتئاب؟
يجب التفريق بين المرض الوراثي وبين العامل الوراثي المؤثر في الإصابة، فالإكتئاب ليس مرضًا وراثيًا بأي حال من الأحوال. لكن العامل الوراثي يلعب دور في زيادة نسبة الإصابة به، وإن كانت الزيادة بنسبة بسيطة جدًا. لذلك لا داعي للخوف والتوتر وتوهم أن المُكتئب سيُصاب أبنائه حتمًا بالإكتئاب خلال مراحلهم العمرية، وهذا غير صحيح.
هل يوجد إرتباط بين الوسواس القهري والإكتئاب؟
الإضطرابان مختلفان تمامًا، لكن تزداد فرص الإصابة بالإكتئاب عند المصابين بالوسواس القهري أكثر من غيرهم، حيث أن 50% من المصابين بالوسواس القهري يُصابون بأعراض إكتئابية، و 25% منهم يُصابون بإضطراب الإكتئاب فعلًا، وهي نسب ومعدلات مرتفعة جدًا مقارنة بالأشخاص العاديين.
كيف نحمي أنفسنا من الإكتئاب؟
نستطيع حماية أنفسنا من الوقوع في فخ الإكتئاب بمجموعة من الممارسات، منها:
• تطوير مهارات التأقلم.
• الحرص على العادات اليومية الجيدة من حيث النوم وممارسة الرياضة.
• المرونة في التعامل مع الضغوط، ومحاولة حل المشكلات القابلة للحل وعدم تركها للتفاقم والإزدياد.
• التواجد وسط الأشخاص الإيجابيين والداعمين لنا بالنصح والإرشاد.
هذه الممارسات تفيد كذلك مع الأشخاص المصابين بالخلل الهرموني، حيث أنها تقلل من حدة سطوة الهرمون على حياة الفرد، وتؤخر تأثيره على الفرد بتأخير العوامل المساعدة على نشاط الهرمون في ظهور أعراض الإكتئاب وتوابعها.
كيف تساعد الأسرة في خروج الفرد المصاب من دائرة الإكتئاب؟
الإنطواء أو العزلة من أشهر أعراض الإكتئاب، وعادةً ما يجد المُكتئب راحته النفسية فيهما، حيث أن إشكالية مريض الإكتئاب هي فقدانه للإستمتاع بالأشياء المحيطة، ومع طول فترة العزلة والبُعد عن الناس يبدأ في فقدان علاقاته ومهاراته الإجتماعية. ودور الأسرة هنا كبير وفعال إذا ما إستطاع أفرادها الموازنة بين الضغط الشديد على المُكتئب لترك عزلته وبين تركه والتساهل معه في عزلته، والأفضل قيامهم بالمساعدة في الخروج التدريجي من العزلة، وعدم إستعجال النتائج.
هل توجد علاقة بين نقص الفيتامينات والإكتئاب؟
بشكل عام توجد علاقة بين الإكتئاب وبعض الأمراض العضوية، ومن الأمراض العضوية المرتبطة بالإكتئاب نقص فيتامينات د و ب12، وفقر الدم، ونقص الهيموجلوبين، ونقص الحديد، وخلل الغدة الدرقية، ومرض السكري، والأمراض المستعصية كالأورام. لهذا كان من طرق التشخيص للوقوف على السبب الرئيسي للإكتئاب هو التوجيه بالفحص الطبي لمثل هذه الأمراض.