نشرت «إحدى الصحف» خبرا مفاده أن مكتبا للتوظيف اشترط جنسية معينة للعمل في شركة سعودية براتب “كبير” في الشهر، الخبر تناقلته الكثير من المواقع، وحفل بالكثير من الردود الغاضبة، والحقيقة أن الغضب له ما يبرره، فإعلان التوظيف مستفز، خاصة أن المملكة تعاني من بطالة بين شبابها، إلى جانب أن من يعملون منهم في القطاع الخاص أجورهم متدنية، فالأمثلة على نيل كثير من أبناء جنسيات محددة رواتب عالية أمر واقع في سوق العمل السعودي.
لا أخالف في أن العمل في حد ذاته أمر إبداعي يختلف من موظف إلى آخر، وأن من حق الجهة الموظفة أن تعطي مالا كثيرا لمن تراه مبدعا دون الالتزام بجنسيته، لكن الإبداع له ضوابط تحدد ملامحه، بيد أن هذه الضوابط في كثير من شركات القطاع الخاص منتفية، فهناك سيطرة عليها من قبل أشخاص يحددون -بناء على مصالحهم الشخصية- رواتب غيرهم، ويفصلون الوظائف على مقاسهم، وهذا في رأيي سبب الغضب من محتوى الخبر.
وجود أشكال فساد إداري متعلق بتوظيف السعوديين في شركات القطاع الخاص قاد إلى حالة من الكراهية تجاه الأجانب كرد فعل على هذا الفساد، قد تكون صورة الفساد المتخيلة مبالغا فيها إلى حد كبير، لكن الخطاب الاجتماعي وحلول مشكلة البطالة كأولوية لدى المجتمع حول الصورة المتخيلة إلى واقع، وبات يتعامل معها على هذا الأساس.
بقاء السعوديين أقلية في القطاع الخاص فيما هم الأغلبية بحكم أنهم المواطنون يعزز من كراهية الأجانب، ولهذا على وزارة العمل وغيرها من الجهات الحكومية أن تنتبه إلى إفرازات مشكلة البطالة، وأن تبادر إلى وضع حلول عاجلة تساعد على تقليص المشكلة وتحجيمها، فالكراهية مرض يغذيه الآن العقل الجمعي، متى ما تحول إلى ثابت اجتماعي، فمن الصعب التخلص منه، وقد يفرز أشكالا أخرى للتعبير عن الكراهية تأخذ طابعا عنيفا في الفعل أسوة بالطابع العنيف اليوم في القول.
بقلم منيف الصفوقي