أحد المسلمين يقول: ليلة القدر خير من ألف شهر… فلماذا أخفى الله هذه الليلة في العشر الأواخر من شهر رمضان؟ وهل لها علامات تعرف بها؟
وهنا يُجيبنا فضيلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي -رحمه الله- بقوله: إن الله ﷻ قد أخفى رضاه في طاعته ليستزيد أصحاب الطاعات في أعمالهم، وأخفى غضبه في معصيته لينزجر أصحاب السيئات والمعاصي عن أعمالهم.
وكذلك اقتضت حكمة الله ﷻ أن يخفي أعمار الناس وآجالهم فلم يحددها ليجد الإنسان في طاعة ربه فينال رضاه. قال الله ﷻ ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ — الآية 34 من سورة الأعراف.
كما أخفى الساعة في الزمن، فقال ﷻ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ — من الآية 187 من سورة الأعراف.
كما أخفى الله ﷻ ليلة القدر في رمضان ليجد الصائم في طلبها وخاصة في العشر الأواخر منه، فيشمر عن ساعد الجد ويشد مئزره ويوقظ أهله كما كان يفعل ﷺ أملا في أن توافقه ليلة القدر – التي هي خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر فتكون حظه من الدنيا وينال رضا الله في دنياه وفي آخرته، لذلك أخفى الله هذه الليلة في رمضان لكي يضاعف المسلمون العمل في هذا الشهر بطاعة ربهم.
أما علامات ليلة القدر فقد ذكر القرطبي في تفسيره لسورة القدر أن من علاماتها أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها. وقال الحسن: قال النبي ﷺ في ليلة القدر: إن من أماراتها أنها ليلة سمحة بلجة لا حارة ولا باردة، تطلع الشمس صبيحتها ليس لها شعاع، وقال عبيد بن عمير: كنت ليلة السابع والعشرين في البحر فأخذت من مائه فوجدته عذبا سلسا.
والله ﷻ أعلم.