إن الإيمان باليوم الآخر يزِنُ إيقاع الحياة الدنيا، وإن التربية على ربط الأبناء، ربط هذا الجيل بالأخرى، بالباقية؛ أنه يخفف تعلقهم بالفانية؛ حتى لا يصيب قلوبهم صدوع إذا فقدوا شيئا منها؛ فكل مفقود هنا سنجده هناك.
جميل أن نقول لأبنائنا: إن العوض يا بني هو الله. ومن كان الله عوضه فإنه -جل وعلا- يكفيك عن كل شيء؛ إنه الله.
التشويق للجنة
ومن أجمل ما نربط أبنائنا به التشويق للجنة. جميل أن نجتمع مع أبنائي وأن أتحدث معهم عن الجنة ونعيمها، عن أبوابها، عن مصاريعها، أتحدث عن القنطرة، وهو مكان اجتماع أهل الإيمان قبل دخول الجنة.
يقول الشيخ سعد العتيق -حفِظَه الله- إن ما بين مصراع ومصراع (مصراع الباب) كما بين مكة والأحساء؛ إنه عرض الجزيرة العربية. ثم إنه سيأتي عليه يومٌ وله كَظِيظٌ من الزحام -كما ورد عنه ﷺ-.
وأُكمِل حديثي مع بُني: ثم يا بني، أجمل منظر في الحياة الأخرى، أن ألتفِت يميني أجدك يا بني، ويساري أجد باقي إخوتك، ومعكم زوجتي؛ فندخل الجنة على أرائِكها نتقابل.
أتحدث عن أنهار الجنة، اللبن والخمر والماء والعسل. أتحدث عن أرائكها؛ أتذكر وإياهم الأرائك ونحن ننظر إلى النعيم، وعلى وجوهنا نضرة النعيم. وذاك النهر يجري بجواري من تسنيم، إن كنا من المقربين فنشرب منه.
أتحدث عن ابني الذي راهق وأتعبتني مراهقته في ملاحقة الصور والأفلام؛ يا بني أخشى أن ترى مالا يحِل لك هنا من حور الطين فتحرمك هذه النظرة النظر إلى حور العين.
يا بني إياك وأن تأخذ كأسًا من خمر، فإننا على موعدٍ أن نشرب الخمر تلذذًا، وختامه مِسك؛ ما يُغطي به مسك، وحثالته مِسك؛ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
جميل أن نتحدث عن حشيش الجنة وهو الزعفران؛ وأنت كل ملاط الجنة وهو المسك؛ وعن لبِن الجنة، لبِنةٌ ذهب ولبِنةٌ فضة. خيامها مسيرة شهرٍ في السماء.
ما أجمل أن نتكلم عن الشوق للجنة أن نكون من أقرب الناس مجلسًا إليه عليه الصلاة والسلام. أن نشرب من حوضه عليه الصلاة والسلام، أن نتكلم عن القصور والحور القاصرات الطرف والمقصورات في الخيام.
واقرأ هنا: تتسارع الأيام والليالي.. فهل أدركت المغزى؟
شوِّقوهم للجنة
شوِّقوهم؛ فإن النبي ﷺ شوَّق أصحابه؛ فعندما قال: ألا هل مشمر إلى الجنة! قالوا “شوقا”: نحن المشمرون لها.
ما أجمل أن نربِط أبنائنا بالعالم الآخر وباليوم الآخر وبنعيمٍ سرمديٍ أبديٍ؛ يُذبح الموت بين الجنة والنار؛ فيقال لأهل الجنة: خلود بلا موت.
شوِّقوهم؛ حتى يشتاقوا وتسيروا إلى الجنة مجتمعين. اللهم اجمعنا بمن نحب في جنات النعيم؛ اللهم آمين.