حملات المقاطعة في «السابق» كانت تحتاج فضلا عن وجود إيمان لا يضعف بهذه الثقافة إلى آلية تنظيمية يستحيل تحققها في ظل عدم وجود لجان أو جمعيات من مهامها متابعة المستجدات والاجتماع بشكل دوري نيابة عن المجتمع لتصدر القرارات التي تكتسب صفة القوة والأهمية من خلال تنفيذها من قبل المجتمع، فهو هو من يلعب دور الجهة التنفيذية. وبهذا تحظى مع الوقت بالاحترام وتكون صوت المجتمع الذي يعبر عن همومه.
ولأنه من الضروري أن تكون هذه اللجان قد شكلت عن طريق انتخابات نزيهة، وأن تكون بلا هرمية وظيفية، كي لا تموت كغيرها من روتين الانتظار الذي ينسينا أهدافها، وأن تكون مستقلة فلا يمارس عليها ضغط أيا كان نوعه حتى لا يفقد البعض مقاومته للمغريات والعروض فيفسد! الأمر الذي يجعل وجود مثل هذه اللجان أمرا صعبا -إن لم يكن مكلفا- على أرض الواقع!
بينما في لجان «تويتر» يحق لأي مغرد -أيا كان- الانتساب لها فهي تتسع للجميع، فرغم أنها في عالم افتراضي لا وجود له، إلا أنها استطاعت وفي وقت قصير أن تساهم بشكل كبير في تغيير هذا العالم الواقعي.
ومن خصائصها أنها لا تكلف شيئا، فالحكومة يجب ألا تخصص ميزانية لها تصرف سنويا، أو رواتب موظفين، أو حتى مبنى مستأجر بضعف المبلغ الحقيقي، أو حتى فواتير هواتف بها خاصية الصفر الدولي لتلقي البلاغات والشكاوي.
«تويتير» سهل لأفراد المجتمع أن يتواصلوا فيما بينهم ويتحدوا لتنظيم أول حملة مقاطعة «ناجحة» احتجاجا على رفع الأسعار، فحملة «المقاطعة» ضد إحدى شركات الألبان، هي حملة ولدت بكلمات عبرت عن إرادة المجتمع، هذه الإرادة مثلها مجموعة من الشباب، لم يكلفهم الأمر سوى حروف لا يتجاوز عددها مئة وأربعين حرفا، و«هاشتاق» ليبدأ التغريد بحث الناس على مقاطعة سلعة أساسية من منتجات الألبان وأن يضعوا حدا لهذا التلاعب الذي يحدث في السوق الاستهلاكية دون أية اعتبارات اقتصادية أو منطقية، ولم يمر وقت طويل حتى نجحت هذه الحملة في تحقيق مقصدها وعادت أسعار السلعة «المقاطعة» لما أرادوه.
بقلم: سعود البشر
وهنا تقرأ: استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك