غالبا ما تجد الشاب يدافع عن أفكاره بحماسة، يحفظ جيدا كل الحجج التي تؤيد ما يقول دون أن يتأنى له فهم معظمها، يصرخ في وجه كل من يحاول إثبات خطأ فكرته، وتراه يهب واقفا ليدافع عنها ببسالة ضد من يختلف معه وكأنه في معركة! حتى يصل الأمر عند البعض بمقاطعة كل من يختلف معه في الأفكار ولا يتشابه معه في القرار.
فهو حين يؤمن بفكرة يظل متمسكا بها حتى لو اكتشف في لحظة دفاع حقيقة بطلانها، وأنها لا تستحق كل هذا النضال منه، لكن يمنعه الغرور والكبرياء من التراجع عنها أمام الجميع! فتقوده الحماقة لأن يقع في خطأ آخر، حتى يدرك في سن أكبر بأن سنة الحياة هي الاختلاف.
وهذا هي مرحلة التطرف التي تحدث عنها أرسطو، حيث ذكر أن: الشباب هو زمن التطرف، فعندما يرتكب الشباب خطأ فإن هذا الخطأ يجنح إلى التطرف والمبالغة. وإن صعوبة الشباب الكبرى هي الخروج من تطرف والوقوع في تطرف معاكس له، لأن التطرف الواحد يؤدي بسهولة إلى الآخر.
وفي كل مرة نلاحظ أن فئة الشباب هي التي يستغلها تنظيم القاعدة لتجنيدهم وتنفيذ عمليات إرهابية تخدم مصالحهم كونها الفئة التي تملك القدرة للتحول من أقصى اليمين لأقصى اليسار بسهولة ويسر وذلك لانعدام الوسطية في مرحلة الشباب، فزرع الأفكار بداخل هذه العقول المتأججة لا يحتاج لوقت طويل، فرسائل بسيطة كافية لتؤجج المشاعر العاطفية التي ينقاد خلفها بحماسة وتطرف كبيرين، ليرحل تاركا أهله وأسرته ووطنه، مقايضا دراسته ومستقبله مقابل الموت في سبيل «الأفكار المتغيرة».
ووزارة الداخلية مازالت تلاحق هؤلاء الإرهابيين وتفضح مخططاتهم، وهو عمل جبار لابد أن يتشارك الجميع مسؤولية القضاء عليه، لا أن نقف موقف المتفرجين منه، فالمشكلة حين تنشأ داخل المنزل الصغير يسهل القضاء عليها وحلها كون الشاب لايزال تحت كنف والده وبين عائلته، لكن إن وقعت المشكلة خارج الأسرة فستحدث معركة تشهر فيها الأسلحة التي لن يعود معها الشاب كما كان بذلك المنزل الذي خرج منه.
بقلم: سعود البشر