العالم بأسره يحيا لحظات خاصة تتكرر كل عام وتستمد هذه اللحظات أو الساعات خصوصيتها من كونها تشهد رحيل عام منصرم، لم يبقى منه إلا القليل، وتشهد انتظار ميلاد عام جديد ولم يعد يفصل بيننا بينه إلا القليل أيضاً.
وميلاد عام جديد حدث هام لا يمر على العالم مرر الكرام بل يتوقف العالم كله، في استعداد اللحظات الفارقة بين عام يمضي وأخر يقبل، فيستعد العالم للاحتفال بقدوم السنة، ولكن ككل شيء يختلف من منطقة لأخرى ومن دولة إلى أخرى ومن بقعة في العالم إلى بقعة أخرى تبعد عنها أو تقترب، فإن احتفال الناس واستعداده لاستقبال العام الجديد يختلف، وفقا لثقافة وحضارة البلد ووفقا لرؤيتها، ومنطقها!
على الصعيد الداخلي للدولة الواحدة بل المنطقة الواحدة، أو حتى داخل أفراد نفس الأسرة فيحتفل كل فرد بطريقته ويتفرد بطقوسه.
الطرق التقليدية والمتباينة للاحتفال بقدوم السنة الجديدة
يترقب العالم دقات الساعة الثانية عشر مساءا من أخر يوم في السنة، لتعلن الساعة انتهاء عام قديم وميلاد عام جديد، يقبل على الدنيا وأهلها، للبدء في طي صفحة قديمة بكل ما فيها من أفراح وأحزان، وليسطروا أول سطر في صفحات العام الجديد بصخبه وأحداثه ومفاجآته التي ينتظرها العالم.
ومن الطرق التقليدية في احتفال الناس من عدة دول بمقدم السنة الجديدة، والتي لا تخلوا من المتعة والفرحة التجمع في الأماكن العام مع الأهل والأصحاب والأحباب وقضاء ساعات رائعة في مستهل اللحظات الأولى من العام الجديد، فيلتقون في حفل غناء أو حفل استعراض أو رقص أو ممارسة بعض الألعاب المسلية مع تناول وجبة شهية، والسهر معا لساعات متأخرة من الليل.
بينما يحتفل البعض الآخر بإطلاق الألعاب النارية، والقيام بعمل استعراضات غريبة وممتعة، غالباً ما ترتبط هذه السهرات والاحتفالات بوجبات خاصة بمناسبة رأس السنة.
تعتبر مدينة سيدني أول المدن التي تستقبل العام الجديد وتطلق العرض النارية والاحتفالات الصاخبة فرحا بانتهاء عام قديم وميلاد عام آخر، وتتوالى بعد ذلك الاحتفالات في مختلف بقاع العالم.
بعض الناس يحتفلون بقدوم العام الجديد على طريقة تبادل الهدايا، الخروج ومن المنزل بصحبة المقربين جداً.
أما عن الرومانسيون والحالمون، من الشباب والبنات الذي يستقبلون عامهم الجديد وهم على الخطوات الأولى من مرحلة الشباب، فهم يحتفلون بطرقهم الرومانسية الحالمة، حيث تبادل الهدايا ومراجعة ذكرياتهم الماضية التي جمعتهم سويا، ويبدعون في رسائل الحب التي تضج بالعاطفة وتزدحم بالوعود الحالمة، والأمنيات الوردية.
بعض الأماكن تشهد احتشاد عدد كبير جداً من الناس وخروجهم إلى الشوارع للاستمتاع بمشاهدة الأجواء الاحتفالية الصاخبة، حيث إطلاق العروض النارية المختلفة التي تضيء ظلام الليل، وتبعث الدفء وتنشر الضوء والبهجة.
وتعتبر هذه المظاهر من المظاهر الرائعة التي تشير إلى تفاؤل الناس بشكل عام ببداية السنة الجديدة، وتعكس رغباتهم الداخلية وتمنياتهم الصادقة والقلبية بأن يكون العام المقبل أفضل من العام المنصرم، وأن يكون بداية انطلاق أحداث سعيدة مرضية تسعد الدنيا بحالها.
وبينما العالم في هذا الصخب والبهجة هناك على هامش الضوضاء أناس يؤثرن الهدوء ويحتفلون في صمت، بعامهم الجديد، فيقضون ليلتهم في تصفح ذكرياتهم القديمة، ويستعيدون شريط الأحداث فيتوقفون عند أفراحه وأوجاعه، متأملين.
ومنهم من يقضي ليلته يحاسب نفسه محاسبة دقيقة وقاسية، يراجع دفاتره القديمة، يتتبع أخطائه ويعدل عليها ويحاول تجديد نيته، يتدارك ما يمكن تداركه، ويقلب من الصفحات ما لا يمكن أن يصحح فيه أو يعدل عليه، يقلبها تماما بكل ما فيها ويبدأ من جديد.
ومنهم من يعكف على كتابة أهدافه وترتيبها بحسب وقتها وأهميتها، ويضع الخطط لتنفيذ ما ينويه، يضع أمام عينيه أمنياته الغالية ليتحرك في فلكها.
ومنهم من يقضى ليلته بصحبة رفيق الدرب أو حبيب غال أو صديق عزيز، يرسمان ملامح مستقبل مشترك، أو قصة كفاح تولد مع بداية العام الجديد.
احتفل كما شئت، المهم أن تدرك أن لحظات نهاية عام وبداية عام جديد، هي نقطة تحول في تأريخ الدنيا بأسرها فاجعل منها أنت كذلك نقطة تحول قوية في حياتك، وبداية انطلاقة قوية أيضاً نحو وضع أفضل على مستوى علاقتك بالله أو علاقتك بالناس، أو حتى علاقتك بنفسك وبأحلامك.
احتفل بالبدايات ليكون لك نصيب منها ليكن لاحتفالك عمق ومعنى أكثر من كونه مجرد احتفال.