حين يتعرض الناس لسلسلة من الحوادث الفجائية، يعجز بعضهم عن اتخاذ موقف منها، ويختار بعضهم طريقا لا يميز فيها بين الحق والباطل، وقد يلجأ نفر منهم إلى حلول سريعة لا يتبين فيها الخطأ من الصواب إلا بعد أن تحل المصيبة، وهو ما قد يسميه العلماء: الفتنة.
ومع كثرة الأحاديث النبوية الشريفة التي أبلغ فيها رسول الله ﷺ أمته بشرور الفتن وأسلوب تجنبها، لا يزال كثير من المسلمين يجهلون الأسلوب الأمثل في اتقائها والتعامل معها.
وربما يرى كثير من علماء المسلمين أن الفتن تداعت في زماننا هذا واستفحل شرها، كما يشير الشيخ سعود الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام «هو زمن خطير قلت فيه الأمانة ونزعت فيه الخشية من الله، وتنافس الناس فيه على الدنيا وحظوظ النفس، وكثر فيه القتل إلى درجة أن القاتل قد لا يدري فيم قَتَل، ولا المقتول فيم قُتِل، كما أخبرنا النبي ﷺ فيما صح عنه».
لكن الشيخ محمد السلطان، عضو الدعوة بوزارة الشؤون الإسلامية سابقا، يرفض أن يسمي زمنا بعينه زمن الفتن، كما يحلو لكثير من الناس أن يفعلوا مستشهدين ببعض الأحاديث وإسقاطها على الواقع الحاضر «بينما منهج السلف مختلف تماما، فهم علمونا أن أحاديث الفتن لا تُنزل على واقع حاضر, وإنما يظهر صدق النبي ﷺ بما أخبر به من حدوث الفتن بعد حدوثها وانقضائها, مع الحذر من الفتن جميعا».
ومن ذلك أن بعض الناس يسردون حديث رسول الله ﷺ «يكون بينكم وبين الروم صلح آمن» للاستدلال على أنه حاصل في زماننا، كما يقول السلطان «وهذا زعم باطل، واستحضار للنص في غير محله، وهذا ليس من منهج أهل السنة والجماعة».
ويقتضي المنهج القويم، كما يوضح السلطان، أن يذكر الناس الفتن وأحاديثها على سبيل التحذير منها حتى يتجنب المسلمون شرورها ويأمنوا غدرها، لا بهدف مطابقتها مع الواقع.
ورغم رفضه إسقاط النصوص على الواقع اليومي، يرى السلطان أن هناك مؤشرات يمكن من خلالها معرفة الفتن وكيفية تجاوزها بأمان «فإذا التبس على المسلم أمرها فالمرجع العلماء، فهم من يزنون بالموازين الصحيحة وهم الذين يرون الأمر على وجهه الحق, وهم من يحكمون بالحكم الشرعي».
ويرى الشريم أن الأسلوب الأمثل لمقاومة الفتنة أن يحمد المسلم ربه على العافية مما ابتلي به غيره من الرزايا والحروب المدمرة، وأن يصبر على أقدار الله المؤلمة، مؤمنا بأن ما يريده الله كائن لا محالة، وأن ما أصاب الناس لم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، «وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ».
ولعل الناس تنظر إلى الأحداث والمستجدات التي تحدث على حين غرة فلا يدرون ما يفعلون، كما يشير الشريم «وهنا ينبغي الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ واللجوء إليه، وخشيته وحده، بالتوبة والإنابة، وكثرة الدعاء والاستغفار والصدقة، وبذل الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا ملجأ من الله إلا إليه».
ويرى الشريم أن ما يحدث في هذه الأزمنة من كوارث تحل بنا بغتة إنما الهدف منها تذكير الناس باليوم الآخر «حين تقوم الساعة والناس في غفلة معرضون رغم ما يتقدمها من أمارات وأشراط تدل عليها، لكن الأحاديث تدل على فجاءة النقمة التي ينبغي أن يستعيذ منها المسلم».
ورغم خطورة الحدث، يحذر الشريم المسلمين من الوقوع في براثن اليأس والقنوط مهما بلغت فظاعة الأحداث والمتغيرات «فلا ينبغي للمسلم أن يركن إلى مخاوفه التي قد لا يكون محقا فيها دائما، كما أن مع المحنة منحة ومع الكربات فرج».
بقلم: محمد السهيمي
وهذه بعض المقترحات أيضًا:
- فتقرأ أولا: عقوبة أكل المال الحرام في الدنيا والآخرة
- ثم: ذنوب الخلوات نذير الهلاك
- وختامًا؛ مع: حكم كذبة إبريل.. بالدليل