تكثُر التساؤلات التي يطرحها الأشخاص بالتزامن مع تفشي وباء كورونا حول التمييز بين الإنفلونزا التقليديّة (Influenza) وفيروس الكورونا (Coronavirus)، وتأتي هذه التساؤلات إثر المخاوف التي تسيطر على الأشخاص نتيجة التشابه بين الأعراض بينهما، وفي الحقيقة إنّ هناك الكثير من الفيروسات تُظهر أعراضاً مشابهة بالكورونا والإنفلونزا التقليدية (الموسمية) عند الإصابة به نظراً لاتّساع دائرة ونطاق الفيروسات المتشابهة ومن أبرزها مرض السارس، لذلك أُطلق على مرض الكورونا في بداية الأمر مُسمّى “شبيه السارس” أو سارس السعودي.
وينتمي فيروس الكورونا إلى فصيلة الفيروسات التاجية، ويتّخذ صفةً تشبه التاج عند رؤيته باستخدام المجهر، ويصل طول قطره إلى ١٥٠ نانو متر، وتعتبر فرصة تكاثره أسرع من أي فيروس آخر، وسجلّت الدول العربية نسباً في عدد الإصابات بهذا المرض وكانت السعودية على قمة الهرم في عدد المصابين به ثمّ تلتها الإمارات العربية ثم المملكة الأردنية الهاشمية.
ومن أنواع فيروس الكورونا ما عُرف بالكورونا المُسببة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، أو فيروس كورونا الشرق الأوسط، أو كورونا نوفل، ويرمز له اختصاراً بـ(MERS-CoV) وهي اختصار الكلمات الإنجليزية (Middle East Respiratory Syndrome)، وتمّ اكتشافه في العاصمة السعودية جدّة في الرابع والعشرين من شهر سبتمبر من عام ٢٠١٢، وكانت قد تكلّلت محاولة عزل الفيروس بالنجاح من جثة رجل متوفٍّ بعد أن بدت عليه أعراض مشابهة لأعراض الأنفلونزا لكنّها تطورت مع الزمن؛ كالفشل الكلوي.
وتبدأ رحلة حياة فيروس الكورونا في جسم الإنسان عندما تصل المادة الوراثية لفيروس الكورونا إلى سيتوبلازم الخليّة المصابة فيبدأ بالتكاثر، فيقوم بإرسال الحمض الريبي النووي، ويختلف هذا الفيروس عن فيروس الإنفلونزا والحصبة بأنّ فيروس الكورونا لا يستنسخ ذاته، وكما ذكرنا سابقاً فإنّ فيروس الكورونا هو الفيروس الأسرع انتشاراً من غيره من الفيروسات نظراً لعدم وجود عمليّة النسخ، وفيما يتعلّق بقضية انبثاق فيروس الكورونا من فيروس الإنفلونزا فهي حقيقة مغلوطة تماماً لأنّ كلّاً منهما ينتمي إلى عائلة فيروسية مختلفة لكن هناك تشابه في أعراض الإصابة بهما فقط.
وتستمرّ فترة حضانة فيروس الكورونا لمدة تصل إلى اثني عشر يوماً، ومن الممكن أن يحافظ الفيروس على حياته وانتشاره في ظل ظروف مُعيّنة تسمح له بالتكاثر كالأسطح الجافة وفي البيئة السائلة لمدة أقصاها ستة أيام.
كيف نميز إصابتنا بفيروس كورونا؟
تقول الاختصاصية في الطب العائلي الدكتورة “مايا روماني”: أنه كثيراً ما نصاب بالذعر خلال هذه الأيام عندما تظهر لدينا أي أعراض تنفسية، حتى وإن كانت هذه الأعراض خفيفة، خاصةً لما تظهره لنا وسائل الإعلام من اعداد متزايدة من الإصابات، وكذلك الوفيات، ولذلك فنجد الكثير من الأشخاص يذهبون إلى المستشفى فور ظهور أي أعراض خفيفة، وهذا أمر غير مقبول، ولكن هذا لا يعني أن نهمل الأعراض المرضية التي نشعر بها؛ حيث أن هذا له دوره في أن يتسبب في تطور المرض، إلى جانب أنه يتسبب في نقل العدوى للناس المقربين، ومن ثم للأشخاص الآخرين في المجتمع، وخاصةً إذا تحدثنا على الأطفال الذين يلتقطون العدوى وينتقلون من مكان لآخر دون أن تظهر عليهم أي أعراض مرضية، وهذا يساعد في نقل العدوى؛ لذلك فزيارة المستشفى أمر ضروري أيضاً.
وتشير الدكتورة “مايا” إلى أن أعراض فيروس كورونا مميزة، ولكن هناك احتمالية بنسبة ١٥٪ أن يكون الشخص مصاب ولا تظهر عليه أعراض، وفي المقابل فإن أكثر من ٧٠٪ من الحالات التي تظهر عليهم الأعراض تكون الأعراض خفيفة، و٢٠٪ من الحالات قد تصبح لديهم الأعراض شديدة، ومن أكثر الأعراض الخاصة بمرض كوفيد-١٩:
- الحمى: ومتوسط درجة حرارة الجسم للشخص السليم ٣٧ درجة مئوية، قد تنخفض أو ترتفع قليلاً، لكن إذا بلغت درجة حرارتك ٣٨ درجة مئوية، تكون مصاب بالحمى.
والحمى عادة ما تكون علامة على أن الجسم يقاوم نوعًا ما من العدوى، وارتفاع درجة الحرارة الداخلية يجعل من الصعب على الفيروسات والبكتيريا المسببة للأمراض البقاء على قيد الحياة، وقد تكون الحمى من الآثار الجانبية لبعض الأدوية واللقاحات.
- السعال: والسعال مثل الحمى وسيلة للجسم للتخلص من الفيروسات التي تجعلنا مرضى، فالسعال يطرد الفيروسات والبكتيريا من الجهاز التنفسي قبل وصولهم إلى الرئتين، حيث يمكن أن يسبب مشاكل أكثر خطورة.
لكن الدكتورة “روماني” ذكرت أن السعال أمر طبيعي لكن إذا استمر لأسابيع فينصح بالذهاب للمستشفى، والأمر نفسه ينطبق على السعال الذي يصاحبه البلغم والذي يحتوي على دم، وكذلك السعال الشديد الذي يصل لدرجة أنها يمكن أن تسبب الصداع ، والدوار.
- ضيق التنفس: ويمكن أن تسبب أمراض الرئة وأمراض القلب ضيقًا في التنفس، مثل الالتهاب الرئوي والربو وانخفاض ضغط الدم، ودقات القلب غير المنتظمة.
ويتحمل القلب والرئتان مسؤولية إيصال الأكسجين إلى الأعضاء والأنسجة في جميع أنحاء الجسم وإزالة ثاني أكسيد الكربون الناتج عن التنفس، وإذا لم يحدث هذا وكانت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الدم مرتفعة للغاية، فإن الدماغ ينبه الجسم إلى التنفس بعمق، مما قد يؤدي لضيق في التنفس.
- الالتهاب الرئوي: ففي الأيام الأولى من تفشي المرض، كان يعتقد أن مرضى الكورونا في الصين يعانون من الالتهاب الرئوي، وتقول منظمة الصحة العالمية الآن إن الالتهاب الرئوي يمكن أن يكون أحد أعراض الإصابة بفيروس كورونا، وإذا أصابت عدوى الكورونا إحدى الرئتين أو كلاهما يمكن أن تؤدي إلى التهاب رئوي.
لذلك فنجد أن الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة من أمراض القلب، والأوعية الدموية وأمراض الرئوية، والأمراض المناعية هم الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات كوفيد-١٩.
- الفشل الكلوي: وتقول منظمة الصحة العالمية إن الحالات الشديدة للإصابة بفيروس كورونا قد تؤدي إلى فشل كلوي، ويعتبر المريض مصابًا بالفشل الكلوي عند اختفاء ٨٥٪ على الأقل من وظائف الكلى، وفقًا للمؤسسة الوطنية للكلى.
وتوضح الدكتورة “روماني” إلى أن من الأعراض الأخرى القليلة التي تظهر على مصابي كوفيد-١٩ هو اختفاء حاسة الشم، والتذوق.
وأخيراً فيجب أن نذكر أن فترة حضانة الفيروس تتراوح بين ٢-١٤ يوم، وخلال هذه الفترة يكون المريض سبباً لنقل العدوى، وبشكل عام تظهر الأعراض عند اليوم الرابع، أو الخامس من التقاط العدوى؛ لذلك فمن المهم أن نظل في منازلنا، حتى نتأكد من عدم وجود عدوى، خاصةً بالنّسبة للأشخاص المسافرين، وإذا كان الطفل هو من يخضع للعزل الذاتي، فلابد وأن يرتدي الكمامة هو ومن يرافقه في غرفته في العزل، مع الاهتمام بأساليب الوقاية، وبأن يستخدم المريض مرحاض مستقل؛ حيث أثبتت الدراسات الأخيرة أن الفيروس من الممكن أن يظل سبباً للعدوى في براز المريض لمدة تصل إلى شهر.
وتشير الدكتورة “روماني” إلى أنه إذا لم يكن هناك إمكانية للعزل الذاتي في المنزل خاصةً بالنسبة للطفل، لذلك فمن المهم أن يتم نقل المصاب إلى المستشفى ليتم عزله؛ منعاً لتفشي المرض بشكل أو بآخر.