لم يبق إلا شهر ونصف الشهر ويجود الله عز وجل على الدنيا بشهر رمضان المبارك،،ويفوح عطر ه ليملأ القلوب والنفوس والأماكن، ليقترب البعيد ويدنوا إلى رحاب الإيمان كل من يكرمه ربه ويجتبيه، ونسأل الله أن يجعلنا ممن يحسنون استغلال هذا الشهر الكريم في الطاعة والقرب من الله عز وجل.
وهنا سيدور حديثنا عن كيفية الاستعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك بكل ما يليق به من الحيوية والطاقة والنية الطيبة والحرص على الانتفاع ببركاته.
طرق للاستعداد لاستقبال شهر رمضان
رمضان شهر العبادات كلها، ففيه الصلاة والصيام والصدقة وفيه يستحب العمرة، وفيه معاني مجاهدة النفس والخضوع لأوامر الله عز وجل، ومن هنا وانطلاقًا بوعينا بقيمة الشهر الكريم وما يستحب فيه وما يكره فيجب أن يكون استعدادنا عبارة عن تدريب للدخول في تلك الطاعات بهمة عالية وقلب جسور وعزيمة لا تتزعزع وذلك بعدة طرق منها:
التدريب على صوم النافلة: من الجيد أن نستعد للصوم وندرب أنفسنا عليه بصوم بعض الأيام مثل الاثنين الخميس، أو الثلاثة أيام البيض من كل شهر، أو صوم التطوع في مطلقه، حتى لا يشق عينا صوم رمضان، ونحصل الثواب ونوطن النفس على الامتناع عن المباحات ابتغاء مرضاة الله وابتغاء الوصول إلى شهر رمضان المبارك.
الحفاظ على قراءة القرآن: القرآن الكريم لم ينزل علينا لنقرأه من رمضان إلى رمضان، ولكن لنتعهد تلاوته طوال العام، فمن كان من الذين هجروا القرآن الكريم منذ رمضان الماضي، فعليه أن يجتهد في الاستغفار وطلب العفو من الله عز وجل، ويجدد عهدها مع القرآن حتى إذا ما أقبل رمضان وجد الود بالقرآن موصولًا، وقد اعتاد على تلاوة ورد يومي، ومع حلول رمضان يشتد عزمه، ويسعى الى الاستزادة من التلاوة ومضاعفة الورد ليحصل من الأجر والفضل ما تيسر له.
صلاة النافلة: رمضان ليس شهر الصوم فقط بل هو شهر الصلاة أيضًا حيث يسن فيه صلاة لا تسن في غيره من الشهور، وتعمر المساجد بالقائمين والعابدين والركع السجود في صلاة القيام، من أول يوم في الشهر حتى آخر يوم، فمن كان مقصرًا في الصلاة المفروضة فإنه يجد مشقة كبيرة في أداء تلك النافلة، ومن ثم فيجب على المسلم الحريص على تحصيل خيرات الشهر الكريم أن يذكر نفسه بالصلاة ويكثر من النافلة حتى يوفق إلى الصلاة في شهر رمضان، فيجمع بذلك خيري الدنيا والآخرة.
الإكثار من الذكر والدعاء: قبل أن نعد موائدنا ونعمر خزائن بيوتنا بالأطعمة استعدادًا لشهر رمضان يجدر بنا أولًا أن نعمر خزائن قلوبنا وعقولنا بما يشحذ الهمم ويقوي العزائم ونلح في طلب المدد والعون من الله عز وجل أن يبلغنا رمضان ويوفقنا إلى الذكر والشكر، وذلك بالدعاء والاستغفار والذكر الكثير، فمن سارع إلى رحاب رمضان ومعه من زاد الذكر والدعاء والصلاة وفق إلى اغتنام الشهر الكريم وعطايا رب العالمين في هذا الشهر.
خطة للإنفاق: من طرق الاستعداد لشهر رمضان أن نضع خطة جيدة للإنفاق في شهر رمضان المبارك، ولتخل خطتنا هذا العام من مظاهر البذخ والإسراف غير المبرر، ولتحل محلها مظهر جديد ومنطق سديد في الانفاق وهو منطق الصدقة والعطاء وتفقد الفقراء والمساكين والمحرومين من متع الحياة وأحيانًا من أبسط متطلباتها،، ليكن في خطة انفاقنا الرمضانية مكان لمن يصومون يومهم ولا يعرفون رفاهية إعداد أصناف الطعام والإفطار الشهي، ولنضع فيها مكانا للمحتاجين من المرضى الذين اجتمع عليهم هم المرض وهم الحرمان، وليكن خطة الإنفاق هذا العام مساومة على تحصيل الأجر وليست منافسة على ادخار الطعام وصنوفه الفاخرة، اجعلوا لله منها حظًا.
تذكرة
وأخيرًا: لنعلم أن خير ما يعين على حسن الاستعداد للشهر الكريم أن نذكر أنفسنا بفضله ونعمه وخيره، وأن ندع الله أن يبلغنا إياه غير فاقدين ولا مفقودين، ولنتذكر كم مسلم توفاه الله وقضي أجله وحرم ثواب هذا الشهر، وكم ميت في قبره يتمن لو عاد للحياة فاغتنم شهرًا واحدًا من أشهر رمضان ليحسن استغلاله ويخرج منه وقد غفر له وعفي عنه، واعتق من النار،، اغتنموا شهر رمضان فمن يدريكم أنه سيعود إلي الدنيا وأنتم فيها، تعاملوا مع الشهر الكريم كأنه آخر شهر، وأحسنوا فيه إلى أنفسكم.