لا يكون الفرد منا ذو شخصية قوية في مجتمعه ويتحلى بالحكمة والذكاء بدون أن يأخذ النصيحة والخبرات السابقة من غيره، فتقبل النصيحة من الآخرين يعمل على تعديل السلوك وأخذ الخبرات بشكل كبير، فما هي النصيحة وكيف نقدمها وكيف يجب علينا أن نتقبلها، كل ذلك وأكثر في المقال التالي.
ما هي النصيحة وما أهميتها؟
النصيحة هي الإرشاد والتوجيه كما ذكرت ” الدكتورة / آلاء الطائي” الأستاذ المساعد بجامعة الشارقة في بداية حديثها، وهذا التوجيه يمكن أن يقدمه الفرد للمقربين له أو من يطلب النصيحة منه، فالقرآن الكريم بكل ما طُرح فيه من وصايا وأراء وقصص هو عبارة عن نصيحة وارشاد لبني البشر.
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” فمجتمعنا الاسلامي هو مجتمع النصح والارشاد، فضلًا عن أنه هناك فروق فردية بين الاشخاص وقد توضح هذه الفروق من خلال أخذ النصيحة والاستدلاء بأراء الآخرين من أجل تطوير أدوارنا وجودتها في المجتمع الواحد.
من هم الأشخاص الذين لهم علينا حق النصيحة؟
النصيحة يمكن أن نطرحها بشكل رسمي أو غير رسمي، والأشخاص الذين لهم أحقية في النصيحة هم المقربون من الناحية الغير الرسمية كأفراد الأسرة والأصدقاء.
أما من الناحية الرسمية تكون الأولوية للعاملين في بعض المؤسسات بمختلف أنواعها على مختلف المستويات.
كيف نتقبل النصيحة؟
نلاحظ في الوقت الحاضر أن فئة الشباب بشكل خاص لديهم اعتداد بأنفسهم ولا يتقبلون النصيحة من غيرهم، لذلك فنحن نحتاج إلى أسلوب مبسط للنزول إلى مستوياتهم العلمية والثقافية ومستوى ادراكهم للمواقف والأشياء، فيجب أن نقدم لهم النصيحة بشكل مبسط بحيث تكون النصيحة بشكل غير مباشر، كما يمكن الاستعانة ببعض وسائل التواصل الاجتماعي في ايصال النصيحة.
فالشخص الذي ينصح الآخرين المفترض له أن ينصح نفسه أولًا، ومن ثم تقديم النصيحة للآخرين بطريقة مبسطة ومتواضعة ويُظهر للآخرين حسن نيته في النصيحة، ولا يجب أن نتعامل على أننا رئيس ومرؤؤس خاصة في تعامل الآباء مع الأبناء، فيجب أن يكون حديث الأهل مع ذويهم من منطلق ما الذي يريده الأبناء للوصول بهم إلى الطريق الصحيح، ويجب أن يكون صاحب النصيحة صادق في القول والفعل والتعامل مع الآخرين.
كما يجب التنويه إلى أن استخدام اسلوب المقارنة بين الأشخاص في النصح هو أمر خاطئ ولا بتناسب مع كل التغيرات الحاصلة في مجتمعاتنا، فيجب التعامل مع الشباب في الوقت الحالي بنوع من التسامح وزرع الايجابية التي يمكن أن تضفي على شخصياتهم نوع من المرونة التي يمكن من خلالها تقبل الرأي الآخر فالكرة في الحقيقة في ملعب الوالدين لزرع قيم النصيحة والتسامح والديموقراطية في نفوس أبنائهم.
أدب استقبال النصيحة
إذا كانت المنظومة الاخلاقية فاعلة في مجتمعنا بمعنى أن يتحلى أغلب أفراد المجتمع بأخلاق جيدة، فهذا يعني أن يتقبل النصيحة من الآخرين بكل أدب وبكل احترام، على الأقل سيقدر الشخص أن الآخر يريد له المصلحة والمنفعة عند تقديمه للنصيحة، فلا يجب رفض النصيحة بأسلوب خشن وجاف يمكن أن يأتي بردة فعل سلبية من الآخر.
وعندما يكون الشخص واثقًا بنفسه ويريد أن يأخذ بنصيحة لآخر فيمكن أن يأخذ ويتقبل النصيحة بشكل سلس وسريع، والعكس صحيح إذا لم يكن هناك ثقة بالنفس ويكون هناك جهل مركب فيكون هذا الشخص لا يعرف قيمة النصيحة ولا يتقبلها ويكون جاهلًا بأهمية النصيحة وهذه هي المشكلة الكبرى التي تواجه مجتمعاتنا وبالأخص الشباب لأنهم هم الفئة المنتجة في المجتمع.
ولكن يجب ان يركز مقدم النصيحة على أسلوبه في تقديم هذه النصيحة، لأن الاسلوب في النصيحة إذا كان غير مباشرًا فالنتائج تأتي بإيجابية، وإذا كان مباشر وتسلطيًا وبه نوع من الأمر فإن هذا يؤدي إلى سوء الوصول إلى الهدف.
كيف يكون تقديم النصيحة بوسائل التواصل الاجتماعي؟
الاسلوب الشفهي في تقديم النصيحة غالبًا ما يكون اسلوب غير مباشر، خاصة إذا كانت المؤسسات التي ينتمي إليها الفرد مؤسسات غير رسمية كالأسرة أو الأقارب وما إلى ذلك.
أما المؤسسات الرسمية فعليها واجب تقديم النصيحة للآخرين وارشادهم عن طريق مكاتب مخصصة أو لجان أو وحدات للتوجيه والارشاد النفسي والاجتماعي.
وتقدم هذه المؤسسات الرسمية النصيحة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، حيث تنمي هذه النصائح ثقة الفرد في نفسه وثقته بمجتمعه الذي يحتاج له.
ولكن يجب الانتباه إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فعند انتشار الوعي في المجتمع يُفترض عليه تحري الدقة من المواقع التي يأخذ منها النصيحة.
كيف يكون اسلوب النصيحة بين الأزواج؟
اختتمت ” د. آلاء الطائي” حديثها بأنه من المفترض أن تقوم الحياة الزوجية على أساس أن الزوج والزوجة بينهم لغة الحوار والمشاركة في اتخاذ القرار.
فلغة الحوار تصل إلى نتائج مبهرة إذا كان الآخر مستمع جيد وإذا كان الذي يطرح النصيحة ناصح جيد حيث يختار الوقت المناسب للنصيحة وأن تكون باسلوب جيد ومبسط ليتلاقه الآخر بكل بساطة.
فالذكاء الاجتماعي هو فن التعامل مع الآخرين ولا يحتاج إلى قراءة كتب لكنه يأتي من خلال التنشئة الاجتماعية الصحيحة والخبرات السابقة والذكاء في عرض النصيحة، فنقطة المودة والرحمة نقطة أساسية في الحياة الزوجية.