الثقة بالنفس إحدى دعائم النجاح في الحياة على كل الأصعدة، وإحدى مفاتيح القدرة على مواجهة ما يعرض للإنسان من تحديات في حياته الشخصية والعملية، فالواثق بنفسه يستطيع أن يعبر عن رأيه ويبرز ويتمسك برغباته ويصل إلى أهدافه، كما يستطيع التأثير في الوسط المحيط به وتكون له بصمته الخاصة وعلامته المميزة.
ولكن هل الثقة بالنفس ميزة فطرية أم مكتسبة؟ في الواقع هي ميزة مكتسبة، يكتسبها الطفل من سلسلة التفاعلات التي تحدث بينه وبين العالم الخارجي، الذي يبدأ من الوالدين، فالثقة بالنفس تتأثر بكل ردة فعل تصدر تجاه الطفل وبكل موقف من المواقف التي تمر به يوميا وتكون خبراته ونظرته عن نفسه وعن العالم المحيط به. وهنا مجموعة من النصائح التي تساعد الأم والأب في منح الثقة بالنفس للطفل منذ صغره.
مفاتيح تعزيز الثقة بالنفس لدي طفلك
تتكون الثقة بالنفس نتيجة لمجموعة من التفاصيل والأحداث التي تتراكم في نفس الطفل وترسخ لديه شعورًا بالأهمية وتجعل نظرته إلى نفسه إيجابية ومتزنة، فضلا عن مواقف تثبت له أنه يمتلك قدرات هائلة وأنه يستطيع فعل ما يوكل إليه وانجازه على أكمل وجه، وهذه القناعات تتولد داخل الطفل من عدة أمور أهمها ما يلي:
اجمعي كل قواعد الاحترام في تعاملك معه: تعاملي مع طفلك بمنتهى الاحترام، وأشعريه أن مكانته لديك ولدى والده وأخوته عالية جدا وذلك من خلال عدة أمور، كالاستماع له بحب واهتمام، والنظر إليه عندما يتكلم، وعدم انتقاده أو السخرية منه مطلقًا، واستخدام عبارات الذوق في التعامل معه، مثل عبارة “من فضلك” أو “إذا سمحت” حين تطلبين منه أمرًا ما، وعبارة “شكرًا” حين يقدم لك خدمة ما، كذلك تدليل الطفل –بلا مبالغة- وإطلاق أسماء وألقاب بناءة تناسب شخصيته، مثل “العبقري”، “الأستاذ” وغيرها من الألقاب التي تسعد الطفل وتشعره بتميزه.
احذري مقارنته بالآخرين: مقارنة الطفل بالآخرين من الأخطاء التربوية الكبيرة التي يقع فيها البعض، فسواءً كانت المقارنة لصالحه أو ضده فإن لها نتائج سلبية، لأنك تعودين الطفل أن ينشغل بمن حوله ويركز معهم أكثر من التركيز مع نفسه، ويقيس نفسه مقارنة بغيره، فيصيبه الغرور أو الشعور بالنقص والدونية، لذا حاولي أن تعلمي ابنك أن يقارن نفسه بنفسه وما صار إليه بما كان عليه، فهذا أجدى وأرقى.
اثني عليه أمام الآخرين: كلماتك الطيبة عن طفلك خاصة أمام الآخرين تمنحه الثقة وتجعله معتزًا بنفسه، لأنه يرى أن العالم ينظر إليه بنظرة إيجابية وبإعجاب، ومن ثم يواجه الآخرين بثقة وعدم خوف أو توتر، ومن الرائع أن تثني عليه أو تمتدحيه بما تحبي تعميقه في نفسه، فالطفل المتعثر في دروسه صفيه بأنه مجتهد، والطفلة التي تستاء من شيء ما في شكلها صفيها أنها جميلة ورائعة وهكذا، حتى يتكون عند الطفل صورة رائعة طيبة عن نفسه، فيتعامل انطلاقا منها.
تجنبي اللوم والانتقاد: اللوم الزائد عن اللزوم أو الانتقادات الجارحة تترك في نفس طفلك ندبات عميقة لا تنسى، والأوصاف السلبية ترسخ في ذهنه ويصعب تغييرها، فالأم التي تصف طفلها بأنه “فاشل” أو “خائب” تسهم بنصيب الأسد في تدمير ثقته بنفسه وتشويه فكرته عن نفسه.
تخلي عن الحماية الزائدة: الحماية الزائدة والقيام بكل شيء للطفل انطلاقًا من خوفك عليه يعلمه التواكل، ويجعل قدراته محدودة ومحاولاته قصيرة الأمد ضعيفة وإرادته واهية، لذا فتعلمي أن تراقبي ابنك وهو يحاول ويجتهد وتعززي اعتماده على نفسه.
ذكريه بإنجازاته: ذكري ابنك بإنجازاته، فإن لم يكن لديه انجازات فاختلقي له مواقف وساعديه أن يصنع انجازات حتى لو كانت صغيرة وبسيطة.
اسمحي له بالمشاركة في القرار: اسألي طفلك عن رأيه في القرارات العامة التي تتعلق بالأسرة مثل قرار الخروج في نزهة أو قرار شراء شيء جديد، اسأليه وأظهري احترامك لرأيه.
اتركي له مساحة من الاختيار: اتركي لطفلك مساحة ليختار ما يخصه مثل ملابسه أو أكلاته المفضلة، أو ألعابه المفضلة ولا تجبريه على شيء أو تفرضي عليه رغباتك، وإذا كانت اختياراته غير موفقة فاشرحي له الأسباب وأقنعيه قبل أن تعلني رفضك.
لا تسمحي له بانتقاد نفسه: بعض الأطفال ينتقد نفسه ويصف نفسه بأوصاف سلبية، وهذا غالبا محاكاة لما تفعله الأم تجاهه أو تجاه نفسها، وهذا له تأثير سلبي جدًا على بناء الثقة في النفس، فالكلمات السلبية تكون في العقل الباطن صورة سلبية، وللأسف يأتي الواقع بتفاصيله ليؤكدها.