الدعاء منحة ربانية امتن الله بها على عباده ليستعينوا بها على الشدائد والصعوبات، حين تقل الحيل وينعدم النصير، والدعاء ليس حكرًا على العابدين ولا الراكعين والساجدين فقط بل حتى أهل الذنوب ومقترفو المعاصي لهم الحق أن يطرقوا باب الدعاء ويقفون به ويطلبون المدد من الله عز وجل.
ومع علمنا أن الله عز وجل ما أمرنا بالدعاء إلا لييسر لنا الاستجابة وانه جعل الدعاء بلا واسطة أو مقدمات أو شروط، غير أن معظم الناس –الا من رحم الله- يدعون الله ولا يوفقون إلى الاستجابة، ويرددون: مالنا ندعو ولا يستجاب لنا؟ لذا خصصنا تلك السطور القليلة القادمة للحديث عن أسرار وكنوز استجابة الدعاء، كيف يكون المسلم ذكيًا وفطنًا بما يكفي ليتحين الفرص التي تضمن له بإذن الله استجابة الدعاء.
أسرار تجعلك مستجاب الدعاء
قبل ذكر الأسرار التي علمنا اياها الحبيب المختار –عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- اعلم أن دعواتك مجابة لا محالة حتى وإن جاءت الإجابة خلافًا لهواك، فإن الله إما يحققها لك كما هي إن كان فيها خيرًا لك في حالك ومستقبلك، وإما أن يدخرها لك يوم القيامة، وإما أن يدفع بها عنك من الضر ما لا تعلم ويقيك الله من السوء ما لو ابتليت به ما تحملته، وهذا اليقين يريح قلبك ويرضيك.
شروط وأسرار استجابة الدعاء
أطب مطعمك: من شروط الاستجابة للدعاء طيب الطعام والشراب والملبس، ومراعاة حدود الله في كل ما يدخل بيتك وجسمك من رزق الله، فلا تقبل الحرام ولو كان قليلا فإن قليل من الحرام يهذب الكثير من الحلال ويحرم العبد بركة استجابة الدعاء.
لا تدع بسوء: يستجاب للمرء ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فتعلم أن تكون دعواتك دائمًا بما هو طيب ومستحب، ادع دائما بالخير لنفسك واجعل دعائك مشفوعًا بدعوة عامة شاملة بظهر الغيب لعامة المسلمين أو عامة المرضى أو المحتاجين، حتى تبارك الملائكة دعائك وتقول: ولك بالمثل.
ادع وأنت موقن بالإجابة: ادع دعاء الموقن بالإجابة الذي لا يتسرب الشك إلى قلبه لحظة واحدة، واعلم أن الله ما وفقك للدعاء إلا ليرزقك الإجابة ويؤتيك سؤلك، وذكر نفسك ببركة الدعاء وكم مرة كشف الله عنك الضر وانجاك بها، وثق تمامًا في كرم الله، ووالله لو وقر في قلبك ذاك اليقين فلن تدع بشيء إلا تحقق.
تحين أوقات استجابة الدعاء: دائما تحين أوقات استجابة الدعاء التي نبهنا إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل دبر الصلاة، وبين الآذان والإقامة، وعند افطار الصائم، والدعوة في ليلة القدر وفي يوم عرفة والساعة الأخيرة من يوم الجمعة، ووقت السحر، تعامل مع تلك الأوقات على أنها كنوز ولا تتركها تضيع من بين يديك.
تحين أحوال استجابة الدعاء: أحوال الاستجابة مهمة جدًا كأن تدع وأنت ساجد، أو تدع عند الطواف بالكعبة أو عند الفطر بعد الصيام، وأن تكون حاضر القلب خاشعًا واثقًا وأنت تدع.
ادع حين تكون مضطرًا: لحظات الاضطرار والضعف وقلة الحيلة هي أكثر اللحظات التي يستشعر المسلم فيها معنى الاستسلام والتوكل والعبودية لله، ويتجرد فيها من الأسباب ويتعلق برب الأسباب، فحين يشتد عليك أمر قف بين يدي الله باكيًا ضارعًا داعيًا بما تشاء، وأنت على يقين بأنه لن يخذلك أبدًا، ثق به وأحسن الظن في مدده وسترى من أثر هذا اليقين عجبًا.
قدم بين يدي الدعاء صدقة: من الرائع جدًا أن تقدم بين يدي دعائك صدقة بنية أن يقض الله حاجتك ويؤتيك ما سألت، فلا تبخل على نفسك بتلك المكرمة.
ابدأ دعائك بالصلاة على النبي، واختمه بالصلاة عليه: أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله عز وجل يحب الصلاة على نبيه ويقبلها وهو عز وجل أكرم من أن يقبل الصلاتين ويرد ما بينهما.
كن متفائلا وأحسن الظن: التفاؤل أمر أساسي في استجابة الدعاء، ووعيك الكبير بأهمية الدعاء وقوة تأثيره وقدرته على تبديل الأحوال وتفريج الكروب نصف الطريق نحو إدراك ما تريد من حاجات الدنيا والآخرة.
أكثر من الاستغفار وذكر الله: الاستغفار وذكر الله من الأمور التي يجب ان يتعهدها المسلم في جميع أحواله، فمن بركة ترطيب اللسان بالذكر والاستغفار أن يفق العبد على الدعاء ويرزق الإجابة بإذن الله.