اقتضت سنة الله في كونه أن يبدأ كل شيء صغيرًا ثم يكبر بمرور الأيام والسنوات، وان يترك مرور الوقت أثاره التي لا تخفى على أحد، والانسان ينطبق عليه نفس القانون، يولد طفلا صغيرًا ويتدرج في مراحل حياته، فيشب عوده ويخطو خطواته نحو المراهقة والشباب، ليشهد أروع راحل عمره وقمة حيوته، ثم ينضج شيئا فشيئا حتى يتجاوز الثلاثين وتتراجع علامات الشباب وتبدأ علامات النضج والعقل والرزانة، والمرأة والرجل في هذا الأمر سواء، غير أن أنوثة المرأة وقدرتها على العطاء كأنثى تتأثر جدًا بعامل الوقت، فضلًا عن ثقافتنا ومعتقداتنا، وتقييمنا للأنثى، العوامل التي تتحد جميعها لتجعل غالبية النساء ينزعجن من فكرة تقدم العمر، بل تصدمهن فكرة اقتراب الأربعين، وما تحمله لهن من مخاوف وأفكار مقلقة.
وهنا سوف نضع بين يديك عزيزتي المرأة بعض النصائح الرائعة التي تجعلك قادرة على الاستمتاع بحياتك في مرحلة ما بعد الأربعين، وكيف يمكنك أن تتخلصي من كل الأفكار التي تؤرقك بخصوص تلك المرحلة.
أعيدي صياغة رؤيتك للمرحلة
من العدل مع نفسك أن لا تسمحي للأفكار المزعجة أن تبدد طاقتك وتسرق وقتك، تخلصي من الأفكار السلبية عن مرور العمر واقتراب الأجل، وانقضاء عهد الشباب، لا لأنها ليست حقيقية ولكن لأنها مسلمات قدرية لا دخل لأحد فيها ولا سبيل لتغييرها، ولكن يمكن التصالح معها وتقبلها واستثمارها في تصحيح مسار حياتك كلها.
اعلمي أن الشباب وجمال المظهر لا يذهب به مرور العمر بل يدمره الهم والحزن، ويحافظ عليه الشعور بالسعادة وتعززه الابتسامة الصافية التي ترتسم على الوجه فتغسل هموم الروح، مهما كان انجازاتك أو ما حققتي في حياتك فاحمدي الله على كل يوم جديد يمنحك الله فيه فرصة للقرب منه والتزود من الطاعة والتوبة من الذنوب، والاستمتاع بحياتك.
انتبهي للمزايا الرائعة لتلك المرحلة
مرحلة الأربعينيات من العمر ليست مرحلة سيئة تمامًاكما يتصور البعض، ولا تخل من المزايا الرائعة التي لو انتبهت إليها فعلا ستتمكنين من استغلالها والاستمتاع بها، ومن أهم مزايا تلك المرحلة أن أعباء الحمل والولادة ومتاعبهم قد انتهت، وأن أعباء التربية وضغوط المسؤوليات صغيرها وكبيرة غالبًا قد قلت، وأصبح لديك من يشاركك المسؤولية ويعتمد على نفسه وهم ابنائك أو بناتك، فضلًا عن ذلك فإنك تستمتعين بفراغ جيد لم تكوني تمتلكيه من قبل، وقد أصبح لديك الحرية والوقت لممارسة ما تودين ممارسته من أعمال أو متع أو استثمار للوقت.
استمتعي بوقتك، فالاستمتاع بالوقت يقتضي فقط ان تذكري نفسك بتلك النعمة، ومن ثم تمارسي كل ما يحلو لك.
جددي علاقتك بزوجك
بعد أن خفت عنك أعباء المنزل وتكاليفه التي لا تنتهي، وبعد أن صار بإمكانك أن تنامي وتستيقظي وقتما تريدين، يمكنك أن تركزي على علاقتك بزوجك وتجدديها وتبعثي فيها روح الحب، يمكنك الإعداد لرحلة خاصة تقضين فيها وقتًا ممتعًا مع زوجك وتستعيدي فيها ذكريات الحب الأولى، ويمكنك القيام بتغيير بعض الروتين اليومي الذي اعتدته منذ سنوات، ويمكنك التخطيط لرحلة مقدسة تجمعك مع زوجك في رحاب مكة المكرمة.
مارسي هواياتك المفضلة
مرحلة الثلاثينيات غالبًا ما تزدحم بمسؤوليات التربية والمذاكرة، وأشغال المنزل، فتأخذك من هواياتك، وينقضي يومك في دوامة لا تتوقف ولا تكادين تحصلين حتى على القسط الكافي من النوم، وخاصة لو كنتي عاملة، لذا فقد حان الوقت لتمارسي هواياتك المفضلة، فتحققي لنفسك التطوير والتنمية والمتعة في نفس الوقت، اقرئي أو اكتبي او ارسمي أو مارسي رياضتك المفضلة أو استمتعي بممارسة العمل التطوعي والاجتماعي، افعلي ما يمنحك الرضا عن نفسك ويضيف لوقتك قيمة حقيقية.
استمتعي بعلاقاتك الاجتماعية
العلاقات الاجتماعية والإنسانية من صلات الأرحام أو الأقارب أو الأصدقاء كلها تتأثر سلبًا بانشغالنا بواجبات الحياة اليومية، ولا نجد الوقت الكافي للاستمتاع بها القيام بما تفرضه علينا من واجبات، لذا يمكنك أن تعيدي النظر في تلك العلاقات وتعيدي تقويتها، وتجددي التواصل بكل من تحبين قضاء الوقت معهم، وكل من يمنحك وجودهم السعادة والدعم، تواصلي مع أصدقائك القدامى، واجعلي لصلة الرحم جزءًا من وقتك، وتفقدي أحبائك ومن يهمك أمرهم، فهؤلاء تطيب الحياة بهم، وتسعد القلوب بوصالهم فلا تضيعين فرصة أوقات الفراغ.