تقول السائِلة: في الحقيقة لقد ترددت كثيرا قبل أن أبعث لكم بسؤالي هذا، ولكني لم أجد أحدا غيركم يمكنني أن أسأله هذا السؤال لأنني لا أستطيع أن أسأله لشخص آخر مباشرة كطبيب أو غيره، سؤالي بصراحة يتعلق بغشاء البكارة وربما تصلكم العديد من الأسئلة في هذا الموضوع لأنه حساس جدا بالنسبة للفتيات وقد بحثت في الأسئلة الموجودة على موقعكم ولم أجد حالة مشابهة لحالتي وجوابا شافيا لسؤالي.
وإليكم السؤال : كما تعلمون فإننا في مجتمعاتنا العربية نعاني من الجهل بالتربية الجنسية وأهميتها، فنجد الشاب أو الفتاة تتجاوز العشرين من عمرها وهي لا تفقه شيئا في العلاقة الجنسية أو قد يكون لديها فهم مغلوط وصل إليها بطريقة أو بأخرى، وأنا شخصيا عانيت من هذا الموضوع فرغم أنني الآن قد تجاوزت الخامسة والعشرين من عمري فإنني لم أفهم العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة إلا مؤخرا، وهذا ما يقلقني الآن فقد عرفت أن غشاء البكارة عند الفتاة هو دليل عفتها وأنها ما زالت بكرا، ولكني وبسبب جهلي عندما كنت في سن المراهقة ربما كانت بعض تصرفاتي قد تسببت في نقض غشاء البكارة عندي، حيث إنني كنت خلال فترة الحيض ولأنني شخصية خجولة جدا؛ كنت أخجل من أن أطلب الفوط الصحية من أمي إن لم تكن متوفرة وأقوم باستخدام المناديل الورقية عوضا عن ذلك وأحيانا أدخل مجموعة من هذه المناديل في فرجي لأمنع نزول الدم، وأيضا كنت أقوم بذلك خلال فترة الاستحاضة، وفي الواقع فإن الذي أوحى لي بالقيام بهذا هو ما قرأت في حديث رسول الله ﷺ الذي يأمر فيه المستحاضة بأن تسد فرجها بخرقة وتتوضأ لكل صلاة.
ما يقلقني الآن أن يكون عملي هذا قد تسبب في نقض غشاء البكارة والمشكلة أنني لا أعرف كيف أتأكد من ذلك دون الذهاب إلى طبيب فهذا مستحيل، ورغم أني بحثت كثيرا وقرأت كثيرا فلم أجد جوابا شافيا لي. ما أريده منكم أن تخبروني كيف يمكن للمرأة أن تتأكد من عذريتها وسلامة غشاء البكارة بنفسها، هل غشاء البكارة هذا ضعيف ويمكن أن ينتقض بسهولة، هل مساحته كبيرة أم صغيرة ؟ هل هو قريب إلى الخارج أم أنه داخلي ولا يمكن للمرأة رؤيته؟ وهل مجرد دخول شيء في فرج المرأة يعني فض غشاء البكارة أم أنه جزء من فتحة الفرج وهناك مساحة محيطة؟ ثم ماذا تفعل الفتاة إذا اكتشفت أن الغشاء فعلا قد انفض دون قصد منها؟ وهل يكون الرجل دائما قادرا على معرفة إذا كان غشاء البكارة عند زوجته سليما أو تم نقضه عند أول لقاء بينهما؟ أرجوكم أريد جوابا شافيا فهذا الموضوع يقلقني كثيرا حتى يصيبني الهم أحيانا من تفكيري به، وأفكر أن أرفض الزواج كليا بسبب ذلك بل أرتعد خوفا إذا تقدم أحدهم لي لمعرفتي بطبيعة الرجل الشرقي فأخاف أنني بزواجي قد أسبب فضيحة لي أو لأهلي رغم أني عفيفة والحمد لله. أنتظر ردكم بفارغ الصبر وجزاكم الله خيرا.
الإجـابة
يقول د. عيسى الخثيمي -استشاري أمراض النساء والتوليد-: أختنا الكريمة.. لقد قرأت مشكلتك عزيزتي ولعلك سبقتني وأشرت إلى الجزء الأهم في الإجابة على سؤالك هذا وهو التربية الجنسية وأهمية التوعية بها في مجتمعاتنا العربية التي نجد فيها الآباء والأمهات يخجلون أو يترفعون عن فتح مواضيع الجنس مع أولادهم وبناتهم، فتكون النتيجة ما وصلت له من خجل في طلب الفوط الصحية من أمك واستبدال المناديل الورقية بها واستخدامها بشكل خاطئ من الممكن أن يؤذي عذريتك.
عزيزتي لا حرج في أن تطلبي الفوط الصحية من أمك أو حتى والدك أو أخيك، ولا أجد مجالا الآن للحديث حول أهمية التوعية بالتربية الجنسية في مجتمعاتنا العربية.
وعودة إلى استشارتك فإني أبدأ بتوضيح ما قرأته في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سألت امرأة رسول الله في أمر الاستحاضة فقال: “إني أنعت لك الكرسف، فإنه يذهب الدم، فقلت: هو أكثر من ذلك؟! قال: تلجمي، قلت: هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجا؟! قال: إنما هي ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام في علم الله، ثم اغتسلي، فصلي أربعا وعشرين ليلة وأيامها، أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها، وصومي، وكذلك افعلي في كل شهر، كما تحيض النساء وكما يطهرن، ميقات حيضهن وطهرهن” والثج هو الانصباب الشديد للدم فجاء أمر الرسول للمرأة بالتلجم أي إحكام الربط وذلك تبعا للوسائل القديمة المستخدمة آن ذلك بوضع قطعة قماش أو خلافه تمنع نزول الدم، ولم يكن المقصود بهذا المعنى إدخال قطعة القماش من فتحة المهبل!
على كل الأحوال عزيزتي يخيل لي أن ما قمت به لا يضر الغشاء بإذن الله تعالى، لأنه ببساطة لكي يقطع غشاء البكارة فلا بد أن يدخل جسم غريب من فتحة المهبل إلى داخله، ولا بد أن يكون ذلك الجسم الغريب صلبا وذا سمك كبير بحيث لا يتحمل غشاء البكارة أن يتمدد إلى ذلك السمك فيحدث القطع؛ ووضع قطعة من القماش أو مناديل لتجميع الدم بها لا يضر الغشاء لأن هذه الوسائل ليست بحادة، ولا أتصور أنها ستصل إلى داخل المهبل وتمزق الغشاء إذا استخدمت فقط لغرض منع نزول الدم.
كما أن عدم معرفتك بطبيعة الأعضاء التناسلية، خصوصا الغشاء لا يجعل لديك المقدرة الكافية بالتنبؤ بوجود تمزق فيه، هذا عوضا على أنه من الصعب جدا أن تقومي بنفسك بالتأكد من سلامة الغشاء حتى بعد علمك الوافي بالتركيب التشريحي للأعضاء التناسلية.
ويمكنك مطالعة هذا الرابط لمزيد من الفائِدة: ما هو غشاء البكاره.. أسئلة وأجوبة ستفيدكم في التعرف على هذا المكان الحساس
آنستي الصغيرة، الحمد لله الذي أكرمك بالحفاظ على عفتك وهذا شيء نحبه في كل امرأة مسلمة تخاف الله وتتجنب مهاوي الشيطان، فكثير من الناس يعتقد أن نزول الدم أثناء الجماع الأول بعد الزواج هو دليل عفة المرأة وهذا غير صحيح فالدم ليس بالعلامة الوحيدة للعفة بل هناك أمور أخرى يجب الانتباه لها، ولن أتحدث هنا عن المضمون الأخلاقي ولكن المضمون العلمي فطبيعة غشاء البكارة يختلف من فتاة لأخرى، وبعضه يتمدد إلى داخل المهبل دون حدوث أي تمزق فيه أو حتى ألم وهو النوع المطاطي؛ بالإضافة إلى أن كمية الدماء التي تنزل مع أول جماع ليست متساوية ففي بعض الحالات يختلط الدم القليل مع الإفرازات المهبلية مما يجعل لون الدم فاتحا ولا يظهر للعيان بأنه دم حقيقي وهو في حقيقة الأمر دم طبيعي ولكن مخفف بهذه الإفرازات.
ولذلك عزيزتي -في رأيي- لا يلزمك الذهاب للكشف عند الطبيبة إلا في حالة الإصابة بشيء في الغشاء كالسقوط على الأشياء الحادة أو التعرض لصدمة مباشرة مما يسبب تمزقا مباشرا للغشاء أما غير ذلك فلا أرى أن هناك داعيا للذهاب إلى الطبيبة لمجرد الشك بأن الغشاء فيه مشكلة فأوكلي أمرك لله وزيدي من ثقتك بنفسك ولا تترددي بقبول من تقدم لك بالزواج إذا كان ذو دين وخلق.
أسال الله لك التوفيق والسداد وفي أمان الله ورعايته.