السعادة ومشاعر الرضا هي الغاية العظمى التي يسعى لنيلها كل البشر، على اختلاف طباعهم وثقافتهم ورغباتهم، فالكل ينشد السعادة بطريقته الخاصة، ويربطها بهدف معين، البعض يراها في المال فيجري خلفه بكل قوته، والبعض يراها في الشهرة، والبعض الآخر يراها في السلطة، أو في الصحة أو الأبناء أو في الحب أو غيره، يختلفون في طرق البحث عنها ولكن يتفقون في أنهم جميعًا يسعون لتحقيقها.
ولكن في الواقع ثبت أن السعادة الحقيقة والدائمة هي ما تنبع من داخل الإنسان وأن الرضا ليس مرهونًا بتحقيق أي أهداف.
ما هي مفاتيح السعادة وكيف تجذبها لحياتك؟
اعلم أن السعادة قرار: السعداء هم من قرروا أن يكونوا سعدا، وليسوا هم المحظوظون أو الناجحون، والدليل على أن السعادة قرار أن هناك من الناس من حاز أسباب السعادة ومجامعها من صحة ومال وحب ورفاهية، ومع ذلك يفتقدون الرضا بل ويعانون من اضطرابات نفسية ومشاعر إحباط واكتئاب غير مبررة، فمن الآن قرر أن تكون سعيدًا.
اعلم أن السعادة تنبع من داخلك: لا تجعل سعادتك مرهونة بعوامل خارجية، لأن تلك العوامل خارجة عن سيطرتك، متغيرة ولا تدوم على حال، بل اجعل سعادتك نابعة من داخلك ورسخ هذا المعتقد في عقلك، فمهما حدث يمكنك أن تحتفظ بحالة الرضا والهدوء وتمر من المواقف الصعبة بسلام.
انظر إلى الجوانب الإيجابية في حياتك: مهما قست الحياة فبالتأكيد لا تخل من بعض الجوانب الإيجابية والمضيئة، ولعل أهم الجوانب أنك ولدت مسلمًا موحدًا، فكل معاناة أو تعب أو نصب تثقل ميزان حسناتك وتضاعف أجرك، فكونك مسلم يعني أن تطمئن ان لا شيء يضيع هباءً، فقط الصبر والرضا يمكن أن يحولا كل متاعبك إلى خير وفرج.
قدر نعم الله واشكره عليها: نعم الله أكبر من أن تحصى فقط تحتاج أن تركز عليها وتنظر لها بعين التقدير والشكر والامتنان، ويكفيك أن تتخيل حياتك بدون بعضها ولو ثوان قليلة لتكتشف قيمتها وتعرف لها قدرها، ومشاعر الامتنان لها مفعول السحر في زيادة النعم وجلب مشاعر السعادة والرضا.
امنح السعادة لمن حولك: كن معطاءً فللعطاء لذة تفوق لذة الأخذ، وله تأثير على مشاعر من حولك والتفافهم حولك وحبهم لك، وكلها أمور تصب في النهاية في غاية واحدة وهي شعورك بالسعادة، فلا تبخل على محتاج من قريب أو بعيد ما دمت تملك القدرة على مساعدته.
كف عن مقارنة نفسك بالآخرين: المقارنة مع الآخرين باب من أبواب الشيطان التي يفتحها أمام الإنسان على مصراعيه ليسلبه لذة الرضا ويستبيح فرحته وسعادته، فاحذر من الوقوع في تلك المصيدة.
انظر إلى من هو دونك: ان كنت لا بد مقارنًا نفسك بغيرك فلتنظر إلى من هو دونك، انظر إلى المرضى الذين تعج بهم المستشفيات أو الفقراء والمحرومين والمتسولين، والمشردين وغيرهم واحمد الله على ما رزقك من النعم مما لا فضل لك فيه ولا حول ولا قوة لك به.
كن في معية الله: فضلت أن اذكر هذا العنصر متأخرًا لأهميته الكبرى، فإن معية الله بمداومة الطاعة أو حتى الرجوع بعد المعصية من أكبر أسباب السعادة والرضا، والشعور بالأمان والحماية والتوفيق، لذا كن مع الله في جميع أحوالك.
القرآن والذكر والاستغفار: القرآن وتلاوته باستمرار باب من أبواب السعادة التي لا تغلق أبدًا، والذكر والاستغفار، سر من أسرار السعادة الدائمة، لأن الذكر يستوجب معية الله وذكره لعبده ثم محبته له، وإذا أحب الله عبدًا كان سمعه الذي يسمع به، وعينه التي يبصر بها، ويده التي يبطش بها، فحالفه التوفيق والسداد.
أما الاستغفار فهو بمثابة التحرر والخلص من الأثقال التي تقع على كاهل العبد، فينقي بذلك روحه وقلبه، ويرجوا عفو ربه وستره فيظل سعيدًا منشرح الصدر هادئ البال.
وختامًا: عزيزي القارئ اعلم أن السعادة في القدرة على التكيف مع متغيرات الحياة، وهي مرهونة بترويض النفس والتخلص من المشاعر السلبية أولًا بأول، والتوقف عن كل الكلمات السلبية التي تعمق شعورنا بالتعاسة أو الحزن أو المعاناة، حرر روحك من كل ما هو سلبي وارسل للكون طاقة الحب والسعادة والامتنان لتعود إليك محملة بمعاني الحب والسعادة والرضا.