يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه في معرض الحديث عن كسب احترام الآخرين وتجنب أذاهم أو انتقاداتهم أو اهاناتهم كلمات تستحق ان تكتب بماء الذهب:
إذا شُئْتَ أن تحيا سليماً مِنَ الأذى
وحظُكَ موفورٌ و عِرْضُكَ صَـيِّنُ
لِسانَكَ لا تَذْكرْ بهِ عـورةَ امرئٍ
فَكُـلُّكَ عَوْرَاتٌ وَلِلنَّـاسِ أَلْسُنُ
وَعَيْنُكَ إنْ أَبْـدَت إِليْكَ مَعايبـاً
فَصَنْها وَقُلْ يـا عَينُ لِلناسِ أَعيُنُ
وعاشِرْ بِمَعْروفٍ وَسامِحْ مَن اعتَدى
وِفـارِقْ ولكـن بالتي هيَ أَحْسَنُ
فنحن نعيش في مجتمع من الناس قد نختلف وقد نتفق معهم، وقد نحظى بحبهم أو لا نحظى به لعيب فينا أو عيب فيهم أو تنافر في طباع أو أفكار أو اتجاهات، ومع كل ذلك تستمر الحياة ولا يحدث بها خللًا شريطة ألا يسقط الاحترام.
لا أحد مجبر على أن يحبنا ولا أن يمنحنا إعجابه ولا اهتمامه ولكن الجميع مطالب باحترامنا، واحترام ملامحنا واختلافنا بلا تدخل أو تسفيه أو تجريح أو غيره.
والاحترام ليس كالحب فالحب يغزوا القلوب بلا سابق انظار وقد يحتلها بلا أسباب واضحة، أما الاحترام فيمكن انتزاعه عنوة بموجب بعض السلوكيات والصفات التي يجب أن نتحلى به جميعا.
وهنا سوف نبحث معًا عن الخطوات التي يمكن أن تمكننا من انتزاع احترام الآخرين رغمًا عنهم، وتجنب التجاوزات والإهانات المقصودة وغير المقصودة ورسم حدود للأدب والسلوك الراقي لا يسمح لأحد بتخطيها، وكل هذا في السطور القليلة القادمة.
خطوات تجعلك محل احترام الناس من حولك
لا تتكلم
نهي عام وخاص في نفس الوقت، فحتى تكسب احترام من حولك وتغلق أي باب من أبواب التجاوزات أو السباب أو عدم الاحترام من أحدهم يجب أن تسيطر جيدًا على شهوة الكلام، وتمسك عليك لسانك، ولا تترك له العنان، ومن ثم فلا تتحدث إلا حين يطلب منك الحديث، ولا تكثر الكلام فخير الكلام ما قل ودل، ولا تتحامل ولا تنفعل جدًا مع الأحداث التي لا تخصك بشكل مباشر، وتجنب التصريحات الحادة والإساءة للغير حتى لا تترك فرصة للخطأ أن يلحق حديثك يسبب لك الحرج مع غيرك، يعرضك للوم والعتاب.
كن حياديا ودبلوماسيًا في ردودك
الخبرة تقتضي أن تكون حياديًا ودبلوماسيًا حين تسال عن رأيك، ولا تكون حاد ولا متحاملا وتخلى عن التصريحات اللاذعة التي تهين أحد أو تنتقد موقف، حتى لا تقف مواقف المدافع عن نفسه أو المتهم لان مجرد وضع نفسك في هذا الموضع عدم احترام لذاتك.
لا تتدخل فيما لا يعنيك
تدخل المرء فيما لا يعنيه بالرأي أو المشاركة أو السؤال المتطفل يفتح أمام الآخرين باب لإهانته وانتقاده والانتقاص من قدره، وإسماعه ما لا يرضيه، ولو تأملت من حولك لوجدت أن أبعد الناس عن الإهانة والقيل والقال من ترك التدخل فيما لا يعنيه.
اشغل نفسك بنفسك
من أكثر الشخصيات الجديرة بالاحترام الأشخاص المستقلون عما حولهم، المنغمسون في إصلاح عيوبهم وتطوير أنفسهم، فلا وقت لديهم للتتبع مشاكل أو أخبار الآخرين ولا الحديث عنهم ولا الخوض في أعراضهم.
احترم تُحترم
إذا اردت أن تحصل على احترام الآخرين وتقديرهم فبادرهم انت باحترامك وحسن إكرامهم، كلمهم بأدب وانتقد –عند الضرورة- بلطف، وانصح بود، وعاتب بحنان، ولا تغتاب ولا تلوك الأعراض في غياب أصحابها، ولا تسترسل في القيل والقال ولا تستبيح خصوصية الآخرين ولا تتبع عوراتهم، ولا تتصيد اخطائهم.
تحرر من احتياجك للآخرين
الشخص الذي يريد أن يحظى باحترام الأخرين يجب أن يتعفف ويترفع عن طلب مساعدتهم أو طلب دعمهم أو انتظار معروفهم، بل يجب أن يظهر استغنائه واعتماده على نفسه وزهده فيما عند غيره، لأن زهده يجبر الأخرين على احترامه ويغريهم بعرض مساعدتهم والحرص على تقديمها له بكل الحب.
ما رأيُك أن تقرأ هنا عن صفات الشخص الخبيث وكيف نتعامل معه
اتق الله
من يتق الله في قوله وعمله ويراقبه فيما يصدر عنه من أقوال أو أفعال يقي نفسه من اتهام الناس ويرتقي بنفسه في أعينهم، ولا يكون موضع نقدهم ولا قبح حديثهم، فالله عز وجل يتول الدفاع عن عباده لمتقين ويقيض لهم من خلفهم من يدافع عنهم ويرد عنم الكذب والافتراءات يصون أعراضهم، فاتقوا الله في خلق الله ترتفع أقداركم بينهم وتكبر مكانتكم في قلوبهم.