الادخار سلوك مالي راق وضروري، راق لأنه يدعل على وعي الأنسان بطبيعة الحياة ومتطلباتها وتقلباتها أيضًا، وضروري لشعور الشخص بالأمان والحرية الاقتصادية.
وعلى الرغم من أن الادخار أمر أكثر أهمية للفقراء وذوي الدخول البسيطة إلا انه ليس حكرا عليهم، فالأثرياء والمرفهون وكبار الاقتصاديين أيضًا يحتاجونه، لأن مطالب الانسان ليس لها سقف وعلى فرض أن شخصًا ما من أصحاب الأموال الطائلة تمكن من الحصول على كل ما يحتاجه من أغراض الحياة المرفهة، من الأمور والوسائل التي تمنحه الراحة والسعادة، فيظل هناك أشخاص محرومون من أبسط مؤن الحياة، وهؤلاء لهم حق على الأثرياء وأصحاب الملايين، يجب أن يعطى لهم.
فإن استطعت أن تشتري كل ما تشتهي نفسك في الدنيا فادخر بعض أموالك لشراء بعض ما تشتهي نفسك من متاع الآخرة ونعيمها، وان امتلكت فدادين من الأراضي المترامية الأطراف في الدنيا، وملكت العقارات والعمارات فاستعد لتشتري ولو شبرًا من أرض الجنة، وأن تملك ولو غرفة من غرفها.
وحتى تستطيع مقاومة رغبتك في الانفاق التي لا تنتهي يمكنك أن تتبع النصائح التالية:
ركز على أهدافك من الادخار
اذا كان لديك أهدافا معينة تود تحقيقها مثل شراء سيارة أو اقتناء مجوهرات غالية أو غيره، فبدلًا من ان تفكر في الطرق التي ستحصل من خلالها على تمويل لتلك الأهداف، فكر في تلك الأهداف نفسها وكم من المال ستحتاجه لتلك الأهداف، الامر الذي سيساعدك على عملية الادخار أكثر ويجعلك تحقق فيها انجازات مرضية.
انتقل من مجرد التفكير إلى كتابة الأهداف
يقول بعض أخصائي السلوك المالي أن كتابة الأهداف التي تدخر المال لأجلها تجعل الأهداف أكثر وضوحًا في ذهنك، وتجعل قدرتك على الادخار أكبر وأسرع، وقدرتك على مقاومة رغبتك في الانفاق أيضًا أكبر.
تجنب فكرة الشراء المرتجل أو العشوائي
حين تختار أماكن للتمشية أو تغيير مزاجك، فلتكن اماكن طبيعية بعيدة عن المحلات والمتاجر وأماكن التسوق، وإن كان لا بد فاخرج من بيتك دون أن تأخذ معك الكثير من المال، كذلك حين يعجبك شيء جدا وتسيطر عليك رغبة قوية في شرائه، فما عليك إلا أن تؤجل الشراء لليوم المقبل، يوم واحد فقط،، وهنا سوف تفكر بأهمية هذا الشيء هل يستحق أن تدفع كل هذا المبلغ فيه أم لا، وهل ستنتفع به انتفاعًا حقيقيًا أم هي مجرد اشباع لرغبتك في الاقتناء؟ بعد طرح تلك الأسئلة والإجابة عليها سوف تتصرف بشكل صحيح.
رتب أولوياتك
يجب أن تعرف حقيقة هامة وهي أن رغبتك في الاقتناء لن تنتهي ولن تتوقف، ولن تُشبع أبدًا، لذا يجب تحديد أولوياتك ومراعاتها عند القيام بالإنفاق، لا مانع من أن تنفق من أجل الرفاهية وتحقيق ألوان السعادة ولكن ليكن انفاقك بعقلانية وحكمة.
استمتع بعملية الادخار
بينما يستمتع البعض بالإنفاق وجمع المقتنيات يستمتع البعض الآخر بالادخار وجمع المال خطوة بخطوة، ويشعرون بالرضا والسعادة عند تحقق أحلامهم المنشودة في ادخار مبلغ معين لغرض معين، لذا من الرائع أن تستمتع بعملية الانفاق تسعد بها وتعلم انها عل كل حال خطو ذات نفع وفائدة كبيرة.
اجعل الادخار متوازيا مع الإنفاق
إذا كنت لا تسيطر على رغبتك في الشراء فيمكنك أن تضع لنفسك شرطًا جزائيًا أو غرامة مالية أو أي مسمى يناسبك كعملية موازية لكل مرة تقوم فيها بشراء شيء ما، ويمكنك أن تنافس نفسك وترفع قيمة هذا المبلغ تدريجيًا، فمثلا حدد لنفسك أن تقتطع من مالك مائة جنيه مقابل كل الف جنيه تنفقها، وهذه الخطوة سوف تسرع من عملية الادخار فضلًا عن كونها ستدفعك لمراقبة حركة الانفاق التي غالبًا ما تتم بعشوائية وبلا حساب.
وأخيرًا، وبعيدًا عن الحسابات المالية البحتة فإن هناك منطق عقلاني وإنساني رائع يملي عليك أن تدخر من يومك لغدك فأنت لا تعلم ما يحمله لك الغد من مفاجئات، وأن تدخر لنفسك ما تتصدق به وما تعين به فقيرًا أو مسكينًا أو ذا حاجة، أو تجبر به خاطرًا مكسورًا أو تقض به حاجة لمسلم -هذا ان لم يبق لديك من الأحلام والطموحات ما لم تحققه-، ويكفيك من الدوافع أن الله صرح في كتابه الكريم أنه لا يحب المبذرين ووصفهم بأنهم اخوان الشياطين، فحسن الإنفاق صورة من صور شكر الله على نعمة المال، ومن ثم طريقة من طرق نمائه وكبره.