تعد مشكلة تأخر النطق عند الطفل من المشكلات المرعبة التي تؤرق الأم جدًا، فكل أم تحب أن يكون طفلها أو طفلتها طبيعيًا وسويًا، وإذا لاحظت الأم تأخر في النطق تقلق وتبدأ في التساؤل والبحث عن علاج، لكن من الجدير بالذكر أن أصعب ما في تلك المشكلة أن مقارنة الطفل بأقرانه ليست الوسيلة المناسبة لاكتشافها، وذلك بسبب عامل الفروق الفردية الذي لا يمكن إغفاله، لذا فتعتبر خطوة اكتشاف المشكلة هي الخطوة الأهم على الإطلاق.
هنا سوف نقوم بتناول تلك المشكلة من حيث اكتشافها ثم التعامل المناسب معها، متمنين أن يكون المقال مفيدًا ووافيًا بالغرض.
كيف تكتشفي تأخر النطق عند طفلك؟
هناك مؤشرات تبدأ في مراحل مبكرة تدل على وجود مشكلة في النطق عند الطفل، ولكي تكتشفيها يجب أن تكوني على علم ودراية كافية بالتطور الطبيعي لقدرات النطق عند الطفل منذ الشهور الأولي.
المفترض أن يبدأ الطفل في إصدار الأصوات والمناغاة من 3 شهور وحتي 6 شهور، ومع بلوغ الطفل عمر ال 8شهور يفترض أن تصبح المناغاة أطول، ومع بلوغ عمر عام واحد يجب أن تكون لديه القدرة على نطق أول كلمة، والتي تنمو وتتطور لتصبح في حدود تتراوح من 200 إلى 400 كلمة بنهاية عامه الثاني، وهكذا، ويمكنك التعرف على تلك المراحل بالبحث عن جدول النطق عند الأطفال.
وفي هذا الاستعراض للتطور الطبيعي يمكن اكتشاف المشكلة، فمثلا لو بلغ الطفل ستة أشهر دون أن يتمكن من أي تفاعل أو اصدار الأصوات المعروفة فيجب العرض على أخصائي تخاطب أو طبيب أنف إذن وحنجرة لاكتشاف ما إذا كان هناك مشكلة عضوية في الحنجرة أو الحلق أو غيرها.
كيف تتعاملين مع المشكلة؟
ساعدي طفلك على تكوين حصيلة لغوية: يجب أن تتحدثي مع طفلك كثيرًا وتحاولي اكسابه حصيلة لغوية كبيرة، لأن الطفل يختزن تلك الحصيلة ويبدأ في استخدامها مع تمكنه من النطق.
نمي قدراته السمعية: تنمية القدرات السمعية عند الطفل من خلال التعرض لمؤثرات صوتية مختلفة ومتعددة مثل صوت الأم وحديثها ومثل صوت جرس الباب أو نغمة الموبايل أو غيره، ولفت انتباهه بمثيرات بصرية أيضا.
التفاعل مع الطفل وعدم تركه للصمت: من المفيد جدًا أن تتفاعلي مع طفلك باللعب والغناء أو قراءة القرآن وتخاطبيه، أنت واخوته وينصح بعدم ترك الطفل أمام التليفزيون، أو تركه وحده فترات طويلة.
توجيه الأسئلة للطفل باستمرار: نبرة التساؤل تثير انتباه الطفل فيجب التركيز على تلك الوسيلة عند الرغبة في تعليمه نطق كلمة ما، مثل نطق اسمه فيجب أن تساليه مرارًا وتكرار ما اسمك؟ وتعيدي أنت نطقه، ويمكنك أن تذكري اسم آخر ثم تساليه: هل هذا اسمك؟ وتعودي لتصحيح الاسم، وهكذا حتى يبدأ بالاستجابة ولو بمجرد محاولة نطق الاسم.
احذري نطق الكلمات بطريق خاطئة: البعض من الأمهات ينطقن الكلمات بطريقة غير صحيحة كمداعبة أو مزاح مع الطفل، وهن يغفلن أن الطفل يكون قاموس كلماته بنفس الطريقة التي يسمعها من الأم، لذا فيجب الانتباه لذلك جيدا ونطق الكلمات بطريقة صحيحة وإعادتها مرارًا وتكرارًا.
استخدام الصور والأشياء المحيطة بك كمادة للحديث: يمكنك الاستعانة بكتاب مصور والقيام بعرض الصور على الطفل مع تعريفه بها وشرح المعلومات عنها، وسرد القصص وغير ذلك كما يمكنك فعل نفس الشيء بتعريف الطفل بالأشياء المحيطة به، والأشخاص الموجودين معه.
دمجه مع الأطفال: من المفيد جدًا والفعال في اكساب الطفل ثروة كلامية وبصورة سريعة أن يندمج مع أطفال آخرين أكبر منه قليلا، وغالبًا في حالة إذا كانت مشكلة تأخر الكلام غير مرتبطة بمشاكل في السمع، سوف تلاحظين أنه يرغب في محاكاتهم وتقليدهم بشكل ملحوظ.
التوجه للعلاج الطبي المتخصص: في حال كانت المشكلة راجعة لأسباب عضوية كمشكلات في السمع أو متلازمة أبراكسيا أو بوادر التوحد أو غيره، فيجب اللجوء إلى طبيب متخصص واتباع برنامج علاجي دوائي، بالإضافة إلى اللجوء لأخصائي التخاطب واعطاء الطفل جلسات تخاطب.
أخيرًا: انتبهي أن تكون أم واعية وملاحظاتك عن طفلك دقيقة لتبحثي عن الحلول مبكرًا، ولا تنسي أن تستعيني بالله وتكثري من الدعاء أن يعافي طفلك ويعافيك من متاعب مثل هذه المشكلات، فالأم تتألم وتعاني ربما أضعاف ما يعانيه الطفل.