اختلاف الطباع آية من آيات الله في خلقه، فلا أحد يشبه غيره تمامًا، ولا أحد يمثل نسخة من شخص أخر، بل لكل شخص طباعه الخاصة ومزاياه التي يحتكرها وحده، فهو مختلف في مظهره وجوهره ولغته وتركيبته وشخصيته وفهمه وكل شيء، غير أن هناك مساحتان من الاختلاف، احداهما مساحة مقبولة تسمح بالتكامل، والأخرى مساحة شاسعة، تسمح بوجود فجوة كبيرة وهوة سحيقة يصعب معها الالتقاء ويشق مع وجودها الاستمرار.
لذا فإن خير ما ننصح به كل فتاة في مقتبل رحلة حياتها وبصدد البحث عن شريك حياتها أن تنتبه جيدا لنقاط التشابه ونقاط التكامل ونقاط الاختلاف، فإن جدت نقاط التقارب والتكامل أكثر وأعمق يمكنها أن تواصل تلك العلاقة وهي على يقين من نجاحها واستمراراها، أما إن كانت نقاط الاختلاف والتناقض هي الأكثر وضوحًا وسيطرة على العلاقة، فيجب أن تتوقف كثيرًا وتفكر مليا قبل أن تبدأ في تلك العلاقة.
لماذا من الضروري أن تكون مساحة التقارب أكبر من مساحة الاختلاف في العلاقة بشريك الحياة؟
الزواج شراكة أبدية تنطوي على الكثير من القرارات المشتركة الصغيرة والكبيرة والمصيرية، فلو كانت مساحة الاختلاف هي الوجه الأبرز للعلاقة، كان كل قرار أو معظم القرارات مثار صدام وداع من دواعي المشاكل والمشاحنات، مما يترك أثره السيئ على إدارة الحياة الأسرية بشكل عام والتعسف في استخدام الصلاحيات وغيره، فضلًا عن تأثر الأبناء سلبًا بهذا الاختلاف الدائم.
نصائح للتعامل الأمثل مع اختلاف الطباع بينك وبين زوجك
الزواج ينطوي على بعض التنازلات الضرورية لاستمرار الحياة، والتي غالبًا ما تدير دفتها الزوجة، لذا فأنت بإمكانك أن تقللي فرص الاختلاف بينك
وبين شريك حياتك باتباع بعض النصائح ومن أهمها ما يلي:
قيمي الخلافات بموضوعية: يمكنك أن تراقبي خلافاتكما واختلافاتكما من بعيد، وكأنك في دور المشاهد، لتنظري إليها بموضوعية وحيادية، فتحسمي موقفك من تلك الاختلافات بناءً على مدى صلاحيتها ومنفعتها للأسرة ككل، فما كان يحقق الصالح العام للأسرة فيمكنك تقبله والمواقفة عليها بصدر رحب حتى وإن كان مخالفا لهواك.
تخلي عن الرغبة في الفوز: العلاقة الزوجية ليست ساحة حرب، وليست معركة تحرصين فيها على الانتصار، أو تربيطين سعادتك بهزيمة الخصم، فالزوج ليس خصمًا، والانتصار الحقيقي هو الوصول بالعلاقة كلها إلى بر الأمان، والوصول الى تحقيق أقصى منفعة للبيت ككل.
حاولي الوصول إلى منطقة وسطى: لو كان زوجك رجلًا صامتًا وأنتِ امرأة ثرثارة يستهويكِ الكلام وتمتعك التفاصيل السطحية، فحاولي أن تتنازلي قليلا عن رغبتك القوية في الحديث المتواصل والذي لا ينقطع، على أن يتخلى هو أيضًا عن صمته بعض الشيء، وإذا كنت مثلا كريمة ومعطاءة بما يثير ضيق زوجك، ويتعارض مع حرصه، فتخلى قليلًا عن طبعك وامسكي يديك لتخف حدة الخلاف بينك وبين زوجك، والمقصود من تلك الأمثلة أن تلتقيا في منطقة وسطى بين طباعكما المتناقضة.
تجنبي النقاش أثناء الغضب: إياك والنقاش أثناء الغضب، فأنت بذلك تزيدين مساحة الخلاف لان زوجك لن يتقبل منك أي مفاوضات وهو في غضبه.
حاولي طرح وجهة نظرك في التوقيت المناسب وبهدوء: اختاري لحظات الهدوء والصفاء وعبري عن وجهة نظرك بمنتهى اللطف والهدوء، فاختيار التوقيت المناسب أهم نقطة في طريق الإقناع.
تقبلي زوجك بكل طباعه: التقبل والحب يعني أن ترضين بزوجك وعن زوجك دون سعي إلى تغييره ولا تعديل نظرياته، احترميها وتقبيلها، فمجرد التقبل والشعور بالحب يجعلك تشعرين بتقلص مساحة الخلاف بصورة مذهلة.
اعلمي في النهاية أنه رب الأسرة وسيد القرار: لا يضيرك أبدًا أن تتخلى عن العناد وتلزمي رغبات زوجك وتطيعينه وتحققي رغباته، على أن تخبريه أنك تفعلي ذلك تحقيقا لرغبته وجبرًا لخاطره وليس اقتناعا منك، وتخبريه أنه المتحمل لنتائج كل ما يأمر به، وما يصدره من قرارات، واعلمي أنك مأمورة بطاعة زوجك، ومأجورة عليها، وأن طاعتك واتباع رغبات زوجك لا تقلل من قدرك أبدًا ولا ينقص من مكانتك.
وختامًا: فغن كل زوجة تتاج إلى تعميق الشعور بالرضا والقناعة بان اختيار الله لها هو انسب اختيار مهما بدا لها من الاختلاف في الطباع او التباين في الرؤى، فلعل هذا الاختلاف هو رحمة بالأسرة ووقاية لها من أمور لا تطيقها.