التفكير الزائد والانهماك في عملية التفكير بشكل مستمر، سمة مكتسبة، يكتسبها أكثر الأشخاص الذين يعانون من حساسيتهم الزائدة تجاه ما حولهم وما يمر بهم من أحداث، فهؤلاء يفكرون في كل شيء وفي تفاصيل التفاصيل، يفكرون في الشيء وضده، وأثاره ونتائجه بكل الاحتمالات، في محاولة للوصول إلى الحل المثالي، كما يتبنون من التفكير الزائد استراتيجية بديلة عن العمل والتحرك الفعلي في سبيل الوصول إلى ما يريدون، وتعتبر عادة التفكير الزائد من وجهة نظر علماء النفس وعلماء الطاقة أيضًا عادة سلبية تمامًا، ويمكن أن نلمس سلبية تلك العادة بأيدينا إذا ما تعرفنا على نتائجها وأثرها علينا.
وهنا سنخصص ذلك المقال للحديث عن التأثيرات السلبية لعادة التفكير الزائد والطرق الفعالة في التخلص منها.
التأثيرات السلبية لعادة التفكير الزائد والمستمر
يؤثر الإفراط في التفكير والانخراط فيه بشكل مستمر على أداء الشخص سلبًا وعلى انجازاته، وعلى حالته النفسية والطاقية كذلك وذلك من عدة وجوه ولعل من أهمها ما يلي:
• يستنزف التفكير المستمر طاقة الإنسان، ويسرق وقته، فيمضي الوقت وهو منخرط في تفكيره ولا ينتبه لمرور الساعات بل الأيام والعمر بأسره.
• يولد طاقة سلبية ومشاعر سلبية، لأنه يدفع العقل للتفكير بأمور غير مجدية مثل الندم على ما مضى والقلق بشأن المستقبل.
• يفتح آفاقا جديدة للأفكار السلبية والمشاعر المرهقة.
• الشخص الذي يدمن عادة التفكير الزائد تجده دائمًا متوترًا لأنه دائما يمتلك ما يجعله متوتر وقلق.
• يجعل الحياة بالغة التعقيد والصعوبة، فمن يحلل كل شيء ويبحث عن مبرر لكل شيء، ويحاول فهم كل شيء، يبقى سجينا في دائرة التفكير والحيرة.
• يسبب الأرق والقلق والألم النفسي، الذي قد يصل إلى حد الاكتئاب أو غيره من الاضطرابات النفسة.
• يفقد صاحبه القدرة على الاستمتاع بالحياة أو رؤية الجانب المضيء فيها.
كيف تتخلص من عادة التفكير الزائد
هناك عدة طرق تساعدك على التخلص من هجوم الأفكار على عقلك بشكل متتالي وعنيف، بعضها سهل وعملي جدًا وبعضها يعتبر احترافي ويحتاج إلى بعض التدريب ومن أهم تلك الطرق وأكثرها فاعلية ما يلي:
توجيه طاقتك إلى عمل بدني: توجيه الطاقة واستغلالها في القيام بنشاط بدني قوي، مثل ممارسة الرياضة من جري أو غيره يعتبر وسيلة رائعة لتشتيت التركيز على التفكير، لأن الانسان حين يحرك جسده ويبذل مجهود يشق عليه التركيز أو مواصلة التفكير، كما أنه بعد الانتهاء من ممارسة هذا النشاط البدني غالبًا ما يدخل الجسم والعقل في حالة من السكون بحثا عن الراحة، فيلجأ إلى النوم مثلًا، ومن ثم فيحد من التفكير ويريح عقله لساعات.
ممارسة تمارين الاسترخاء: تعتبر تمارين الاسترخاء الحل الناجح لتخفيف التوتر والقلق وذلك بالتوقف عن التفكير ولو لدقائق والاستمتاع بصفاء الزهن لفترة، وذلك من خلال تقنيات معينة للتدريب، وبغض النظر عن الطرق الصحيحة لممارسة تمارين الاسترخاء والتي لا يتسع المقام لذكرها تفصيلا إلا أنها تمارين تعتمد على ضبط عملية التنفس والتركيز عل عملية الشهيق والزفير، بحيث يتم التنفس بعمق واستنشاق الأوكسجين من الأنف والسماح له بملء الرئتين، واخراج ثاني أكسيد الكربون من الأنف، مع التركيز على تلك العملية، وهذا التركيز هو الهدف من التمرين لأنك بتركيزك على تلك العملية تحقق اعلى استفادة منها، كما تصرف العقل عن التفكير فيما لا يفيد وتريحه من التوتر والضغط.
ممارسة تمارين التأمل أو التخيل: تعتمد تمارين التأمل على فكرة تركيز الانتباه كله على شيء واحد فقط، مع أخذ وضعيات مريحة وثابتة قدر الإمكان واختيار مكان هادئ تمامًا، بعيد عن المؤثرات التي تشتت العقل أو التركيز، وهو من التمارين البسيطة حيث يمكنك ممارسته كل يوم فقط بالانعزال عن المحيط المزدحم من حولك والجلوس أو الاستلقاء على الظهر مع تركيز نظرك على شيء واحد أو صوت واحد، مثل شعاع النور الداخل من نافذة الحجرة أو حركة دوران المروحة أو صوتها، أو حركة دوران الساعة ودقاتها.
أما التخيل فيعتمد على اختيار مكان هادئ أيضا وتخيل مشهد ما إيجابي ومفرح والتركيز عليه، كتخيل بحر أو أشجار أو مكان ما تفضله وتركيز انتباهك عليه لفترة، مع الحرص على استجماع تركيزك ومدافعة سيل الأفكار التي تهاجم عقلك من لحظة لأخرى.