دائماً ما يستسهل الأهالي ليبرروا عدم قدرة أبنائهم على سلك سلوك ما بقولهم أن أبنائهم وُلدوا هكذا ولن نستطيع تغيير عقليتهم دون أن يدركوا أن هناك طرقاً جديدة لتغيير تلك السلوكيات التي يتسم بها أبنائهم مثل سلوك العصبية والعناد أو الخجل الزائد أو أي سلوك آخر من خلال مدح السلوك الإيجابي الذي يرونه في أبنائهم.
كيف يمكننا أن نبني عقلية أبنائنا؟
ترى الدكتورة مها دبوس ” الأخصائية النفسية والتربوية ” أن عقلية الشخص أو الإنسان تتشكل في نوعين أولهما هو العقلية الثابتة والعقلية القابلة للنمو.
أما العقلية الثابتة فهي أن الشخص يعتمد في حياته بشكل أساسي على السمات التي يتمتع بها مثل الذكاء أو المواهب أو المهارات التي يتسم بها ويرى أن هذه السمات ليس لابد له أن يطروها لأنه يرى كذلك أن نجاحه في الحياة يعتمد على الذكاء والسمات التي يتسم بها وليس هذا النجاح مبني على بذل الجهد والعمل الجاد للحصول على هذا النجاح من خلال تطور هذه السمات، ومن ثم فإن فكرة تطوير السمات هي فكرة مرفوضة عند ذوي العقلية الثابتة.
أما عن العقلية القابلة للنمو فهو مصطلح أطلقته الدكتور كارول كويك وهي دكتورة في جامعة ستانفورد الأمريكية والتي أشارت أن مصطلح العقلية القابلة للنمو يعتمد على تنمية مواهبة مع مرور الوقت والتجربة وأن الجهد المبذول في هذا التعلم وفي هذا الذكاء الذي نعمل من أجله هو سبب النجاح الأساسي في حياتنا، حتى أن نقطة الانطلاق في السمات الموجودة عنده يأخذها لتكون نقطة للانطلاق لأبعاد لا محدودة فيما بعد.
ما الفرق بين العقلية الثابتة والعقلية القابلة للنمو؟
كما نلاحظ فإن الفرق بين العقلية الثابتة والعقلية النامية نراه واضحاً في أن العقلية النامية عندما يمر بأي مواقف من المواجهات والصعوبات والتحديات فإنها تثير انتباهه بشكل كبير ومن ثم يعتبر هذا الشخص هذه الصعوبات بمثابة تحدي كبير حتى يستطيع أن يكتسب مهارات ومواهب جديدة.
أما بالنسبة للعقلية الثابتة فنلاحظ أن الشخص يخاف ويتجنب مواجهة التحديات التي يمر بها خوفاً من الفشل، وهذه هي الصورة الأساسية التي تمنعه من تخطي أي فشل أو تحدي يمكن أن يتخطاه بكل سهولة – وفق ما تراه الطبيبة.
إلى جانب ذلك، نلاحظ أن الشخص الذي يتمتع بعقلية ثابتة هو شخص لديه إمكانات محدودة لأن لديه نظرة في نفسه يرى نفسه فيها كامل المواهب وبالتالي لا تستدعي تلك المواهب لأي تطوير أو تغيير مثل موهبة الذكاء الذي لا يستدعي منه بذل أي مجهود لمواجهة أي تحدي في حياته عكس العقلية القابلة للنمو التي ترى أن عقليته تتجدد وتطور كلما اكتسب مواهب ومهارات جديدة والتي تقويه بصورة أكبر وتساعده في تقوية شخصيه بشكل أفضل.
كيف يمكن للأهل التعامل مع المواهب التي يتسم بها أبنائهم؟
على سبيل المثال، إذا كان لدىَّ طفل ذكي وأطلقت عليه هذا اللقب الذكي فإن ذلك قد يكون المتحكم في توصيف عقلية الطفل سواء كان نامي أو عقلية ثابتة وهذا لا يعني ضرورة مدح ابني حين يقوم بتصرف ما ونصفه بأنه ذكي بينما يستوجب علينا مدح سلوكه وتصرفه حتى نشجعه أكثر حتى يكون لديه حب للتعلم والمثابرة في هذه الحياة بشكل عام ولكن حينما نصف الطفل بشكل مباشر بأنه طفل ذكي فإننا حينئذ نحد من تصرفاته وسلوكياته ونقلل من ذكائه دون أن نقوي من هذا الذكاء ونحاول تطويره.
تابعت ” دبوس “: وجب علينا أن نحاول دوماً خلق جيل يحب التعلم ويثابر عليه بالإضافة إلى تطوير دماغه يوماً بعد يوم دون أن نحصر معنى أو مفهوم الذكاء على سلوك أو تصرف بعينه.
هناك فرق واضح بين تربية الأهل إلينا وبين ما نربي أولادنا عليه الآن حيث أننا الآن لم نربى أبنائنا على كيفية حلم أحلام كبيرة وذلك نراه جلياً عند الحديث معهم.
إلى جانب ذلك، اعتاد الأهل على تنمية مهرات أولادهم من خلال من خلال تنمية حافز الحصول على أعلى العلامات أو الدرجات الدراسية للتفوق دون أن ينسوا أهدافهم الحياتية الأخرى المهم تحفيزها في نفسية الطفل طيلة الوقت ودون حصر هذا الحافز على الدرجات الدراسية فحسب حتى لا نحد من عقلية أبنائنا ونجعلها راقدة نتيجة هذا التفوق الدراسي المتمثل في أعلى الدرجات الدراسية التي يمكن ألا يصل إليها الطفل ولكنه قد يكون موهوباً في جانب آخر من جوانب الحياة.
وأخيراً، يُنصح بضرورة تصالح الأبناء مع نقاط ضعفهم حيث إذا كان الطفل كسول بأن يترك الأشياء لآخر لحظة فإننا لابد لنا من تحفيزه لتغيير هذا السلوك من خلال تخطيط الوقت وإعطائه فرصة للإنجاز مع تعويده على مواجهة التحديات دون أن نلوم الطفل بشكل أكبر من اللازم لأن اللوم الكثير يجعله يخاف بشكل دائم من الفشل مع عدم مدحه كشخص وإنما يجب علينا مدح سلوكياته وتصرفاته الإيجابية.