كالعادة، لا يتذكر أحد أضراسك أنه في حالة سيئة إلا في الساعات الأخيرة من الليل حين يجعلك تسامر القمر مكرها، ثم تبتلع ما تبقى من أقراص مسكنة لتعطي إحساسا مؤقتا بالعافية، ثم تستمر في ابتلاع المزيد منها حتى تحصل على الشعور بالشبع! ولأن هذا الضرس له سوابق كثيرة معك، فستصدر حكما مستعجلا بالإعدام «قلعا»! ولذا أنت الآن تنتظر ساعات الصبح الأولى لتضع حدا لمعاناتك مع ضرسك الذي لا تتذكر أنك أرهقته كثيرا في عمليات المضغ إلا أنه لا يكف عن إزعاجك كلما أصبحت في وضع الاستلقاء!
وفي الصباح، تذهب لإلقاء النظرة الأخيرة على «ضرسك» في المرآة، لتشاهده للمرة الأخيرة ولتذكره بأنواع العذاب والتنكيل التي كان يذيقك إياها ولتبرر له موقفك تجاهه عندما قررت أن تستغني عن خدماته! وبعد أن تفرغ من موجات تأنيب الضمير التي ستنتابك، تتوجه مسرعا لأقرب مركز للرعاية الأولية، لتكتشف عن قرب أن ذلك المبنى هو الأحق بالرعاية الأولية العاجلة من أي شيء آخر، ربما يحصل ذلك المبنى على تقدير «مقبول» حين تتحدث عن كونه «مستودعا» أو «متحفا»! أما أن يكون مركزا للرعاية الصحية الأولية لحي يقطنه أكثر من عشرة آلاف نسمة، فذلك أمر يحتاج إلى فريق لغوي متخصص حتى يبتكر تسمية ملائمة لهذه الحالة! تدخل في السراديب الكثيرة بحثا عن عيادة الأسنان وعندما تلف المبنى كاملا ستصل إليها إلا أنك ستنسى ألمك وضرسك وحكمك بالإعدام عند مشاهدتك للوحة الكبيرة التي ثبتت بإحكام على باب العيادة التي كتب عليها بخط واضح وجميل «طبيب الأسنان في إجازة»!
اللوحة كانت كبيرة جدا وكافية ليخبروك عما يجب علينا أن نفعله في ظرف كهذا، وكافية جدا لكتابة هل هناك طبيب بديل أم لا؟ ليتهم أخبروك في تلك اللوحة الكبيرة كيف تستطيع أن تؤجل آلامك وكيف تستطيع أن تجعلها تأتي في موعد يكون فيه الطبيب على أهبة الاستعداد، أو ليتهم كتبوا في تلك اللوحة أين قضى الطبيب إجازته ومع من وهل استمتع فيها حقا؟
بقلم: ماجد بن رائف
بالمقترحات أيضًا:
- نقرأ: كتاب ستيسي شيف «كليوباترا: حياة»
- وكذلك: التخلف عن الموعد والتخلف الاجتماعي
- مرورًا بـ: ما هي هوايتك المفضلة ولماذا؟
- وختامًا؛ مع: حقال.. مستعمرة السرطان