«ريم» تسأل: أنا أم فلسطينية لخمسة أطفال صغار أعيش في غزة، وسؤالي عن أطفالي هؤلاء، فبعد هول ما رأى أهل الضفة نتوقع الهجوم علينا في أي وقت وتحت ضغط ما نعاني من نقص بل ندرة في المواد الغذائية أرى أطفالي قد أصابهم التوتر الشديد والرعب، وكنت أتساءل كيف أهدئ من روعهم، فأنا أعلم أن مثل تلك المواقف تؤثر بشدة في نفسية الأطفال في المستقبل.. فهلا أرشدتموني بارك الله فيكم!!!
د. أمل المخزومي «طبيب نفسي» أجابت السائلة؛ فقالت: أختنا الفاضلة.. أعانكم الله وثبت قلوبكم ونصركم بإذنه “وما النصر إلا من عند الله”، نقدّر ما يعاني منه أطفالنا في الأراضي المحتلة فهم يعايشون العدوان والرعب، ويشاهدون الأحداث حية أمام أعينهم، تلك الدبابات التي تدمر وتقتل وتسحق كل شيء أمامها وتلك المباني التي تسقط على رؤوس أصحابها والحرائق والجرافات التي تجرف حتى الأجساد، من الطبيعي أن تؤثر مثل هذه الظروف سلباً على الأطفال، فكثير من الأبحاث تثبت أن مجرد مشاهدة الأفلام التي تحمل سلوكاً عدوانياً قد تؤثر في سلوك الطفل وتجعله عدوانيا.. ومثل تلك المشاهدة تكون لعدة ساعات – مدة عرض الفيلم – فما بالك بما يتعرض له أطفالنا تحت وطأة الاحتلال، هو عرض مستمر للعنف.. ولا نكون مبالغين إذا قلنا إن هؤلاء الأطفال مع استمرار هذا العنف سيكونون “قنابل موقوتة”.
وما علينا في هذه الظروف الصعبة إلا مساعدة الأطفال على اجتياز هذه المحنة بسلام وعليه فهذه بعض الطرق الممكنة لتخفيف حالة التوتر والقلق والرعب والفزع لديهم:
- على الأمهات والآباء إحاطة الطفل بالحنان وضمه إلى صدورهم ليشعر بالاطمئنان والراحة، ومن الطبيعي فإن هذا الأمر سيكون من الصعوبة بمكان، وذلك لأن في قلبك أيضا القلق والخوف والحزن، ولكن حاولي والله المعين.
- إذا كان في الإمكان إظهار تعبير الابتسامة على الوجوه أمام الأطفال قدر الإمكان، وأنا أعلم أن هذا الأمر صعب، فكيف يمكن لإنسان حزين أن يبتسم؟ ولكننا نصنع ذلك من أجل سواد عيون أطفالنا.
- وضع الطفل بالقرب من أبويه عند النوم، ووضع اليد على رأسه أو صدره كي يشعر بالاطمئنان.
- يمكن أن تحكي له قصصا عن المواقف السعيدة قبل النوم كي تكون أحلامه سعيدة أيضا.
- إبعاد الطفل عن مشاهدة الأخبار أو البرامج التي تعرض القتل والحرائق وهجوم هؤلاء الأشرار على أبناء الوطن الفلسطيني كي لا يثير الرعب والخوف لديه.
- زرع الآمال الوردية في نفوس الأطفال.
- ينبغي أن تُعد برامج تلفزيونية هدفها الترفيه للأطفال إضافة للبرامج التي تزرع الشجاعة في نفوسهم.
- أن تعد المدارس برامج ترفيه وتمثيليات مسلية للأطفال.
- اللعب مع الأطفال كثيرا يخفف من مشاكلهم النفسية.
- عندما يسأل الطفل والديه عن الشهداء الذين شاهدهم أمامه فالجواب يكون بأنهم سيذهبون إلى الجنة، وإن الأطفال الشهداء سيكونون طيورا في الجنة، والغرض من ذلك جعل الأطفال يشعرون بالراحة لتلك النهاية.
- ينبغي تغذية روح الشهامة والشجاعة في نفوس الأطفال، وذلك بعرض أمثلة ونماذج للقادة الشجعان الذين لا يرهبهم أي موقف صعب.
- تغذية خيال الطفل بقصص عن الأطفال الذين هم في عمره وشجاعتهم وإقدامهم في المواقف التي تحتاج إلى شجاعة، وينبغي أن تكون هذه القصص بمستوى عمر الطفل.
- أن تقوم المؤسسات والمراكز بحملة للتخفيف عما يعاني منه الأطفال وذلك باتباع الطرق العلاجية السلوكية وإعداد برامج تعتمد على الاسترخاء واليوجا والتنويم المغناطيسي. وقد استعملنا هذه الطرق في تركيا بعد الزلزال المدمر الذي حدث في “استنبول” ومدينة “أزمت” وكانت النتائج ممتازة وخف الرعب والخوف الناشئ لدى الأطفال تأثرا بهذه الزلازل.
ومن الطبيعي أن يكون موقف الأطفال في فلسطين مختلفا كل الاختلاف عن الزلزال الذي حدث لبضعة دقائق.. وهذه كارثة طبيعية.. أما الحرب الجائرة على فلسطين فهي مستمرة وهو ما يؤدي إلى تعرض الأطفال هناك إلى استمرار الرعب والفزع والخوف.. كما لا يمكن التخلص من المناظر البشعة التي يشاهدها الأطفال أمامهم يوميا.
فعليه يجب أن تكون محاولات الاسترخاء هذه مركزة ودائمة.
أتمنى لأطفالنا الفلسطينيين أن يحفظهم الله ويرعاهم ويخلصهم من كل شر.. اللهم آمين.