كيف أنسى شخص تعلقت به؟ السؤال الأكثر شيوعاً بين الناس في زمن كثر فيه التخلي وهجر الأحباب والخلان، بدون مقدمات أو بدون مبررات.
كلما سرنا في هذه الحياة والتقينا بأشخاص وبنينا معهم العلاقات وربطتنا بهم صلات المحبة، كلما كنا عرضة لألم الفراق والفقد سواء باختيار من نحبهم أو رغماً عنا وعنهم، فإن الألم جد موجع.
لأجل كل ذلك ولأجل ما ينتابنا من مشاعر الحزن والتعلق المرهق سيدور حديثنا هنا عن نسيان الأشخاص الذين يخرجون من حياتنا طواعية أو حتى مكرهين، وعن تجاوز تلك الأزمات وتخطيها لنكمل الحياة بسلام وراحة، فتابعو مقالنا حتى نهايته.
كيف يحدث التعلق؟
التعلق حالة عاطفية شعورية قوية جداً تجعل الإنسان مرتبط بشخص ما أو مكان ما، وتجعل سعادته مرهونة بوجود هذا الشخص والقرب منه بصورة كبيرة جداً، بحيث لا يستطيع أن يستشعر متع الحياة أو سعادتها بدون وجوده.
قد يحدث التعلق بأب أو أم أو أخ أو صديق أو حبيب أو غيره، فيصر افتقاده ثقيلاً على القلب، مرهقاً للروح، يذهب بالسعادة ويورث النفس قلقاً وتوتراً وشعوراً عميقا بعدم الارتياح.
ولكن ترى كيف يحدث هذا التعلق ولم يخرج الأمر عن السيطرة؟
في الواقع أن الإنسان قد يصادف في رحلته شخصاً يشبه روحه ويتوافق معه، ويكمل نقصاً عنده فيشعر في صحبته بالارتياح والسعادة والطمأنينة، ويصبح مصدراً من مصادر السعادة الغامرة في حياته.
حين يطول بقا هذا الشخص ويتوغل في حياة الإنسان بصورة كبيرة، وتصبح له مساحة واسعة من الاهتمام والوقت، يخلق نوعاً من التعود والارتباط الشرطي بين وجوده وبين مشاعر السعادة، وهذا الارتباط هو ما يسمى التعود، والذي يتحول مع مرور الوقت إلى تعلق، وكلما زاد التعلق كلما خرج عن درجته الطبيعية وتحول إلى تعلق مرضي بحيث تصبح الحياة بأسرها متوقفة على وجود هذا الشخص ويصبح بعده كأنه خروج الروح من الجسد.
هل يمكن نسيان شخص أحببته؟
بعد ما عرفنا كيف يتغلغل الأشخاص في حياتنا ونتعلق بهم ونحب وجودهم بقي أمامنا سؤال آخر يطرح نفسه بشدة، وهو هل يمكننا نسيان من تعلقنا بهم وأحببناهم؟ وفي الواقع فإن التجارب الانسانية التي مرت بنا وعشنا تفاصيلها أو رأينا غيرنا يعيشها تؤكد أن نسيان أي شخص تعلقنا به في رحلة الحياة أمر صعب للغاية، وكلما كان التعلق أكبر كلما كان النسيان أشد صعوبة، وكلما احتاج إلى وقت أطول، ولكنه في النهاية ممكناً وليس مستحيلاً.
وهنا تقرأ: كيف تتعامل مع شخص يقلل من قيمتك! خطوات ونصائح جوهريَّة
لماذا لا أنسى شخص أحببته؟
في الواقع فإن هذا السؤال فيه مغالطة إلى حد ما، لأننا كما قلنا آنفا أن نسيان أي شخص أمر ممكن وإن كان لا يخلو من المعاناة والصعوبة.
أما من يدعي أنه لا يستطيع نسيان من يحب، أو يتسائل عن سبب ذلك فإن الإجابة تكمن في رغبته الداخلية في عدم نسيانه، واستسلامه لفكرة التعلق وعدم مقاومتها، وعدم اتخاذ أي إجراءات تعينه على النسيان، إذ كيف يزعم الناس أنهم لا ينسون أحببتهم وهم يتجاوزون ألم الفقد بعد فترة من موت الأعزاء أو رحيلهم!
وكيف يزعمون ذلك إذا كان الإنسان قد سمي إنساناً لكثرة نسيانه، وميله للنسيان!
كيف تنسى شخصا تعلقت به؟
كيف أنسى شخص أحبه؟ أو كيف أنسى شخص أحببته وتركني؟ أو غيره من صيغ هذا التساؤل الذي يحتاج إلى إجابة شافية، لكل القلوب التي تطرحه والتي لم تطرحه إلا بسبب ألمها وطول حزنها.
وهنا سنوضح معاً أهم الخطوات التي يجب علينا اتباعها لنساعد أنفسنا على نسيان كل من ابتلينا بفقده بالحياة أو الممات.
على الجانب الآخر؛ لدينا مقال: كيف أكسب قلب الرجل؟ إليكِ 11 سر كي تنجزي هذه المهمة
نصائح لنسيان الأشخاص الذين تعلقنا بهم
إن أمر نسيان أحدهم أو تذكره أو البقاء على عهده مرتبط بشكل أساسي بقناعاتنا ورغباتنا وقراراتنا، وما نمليه على عقولنا من الأوامر وما نردده من العبارات، وهنا عدة خطوات عملية وفعالة للنجاح في الوصول إلى النسيان مهما كان تعلقنا بمن نحب.
كن واعيا بأبعاد العلاقة
كل منا يمر بحالة من الحب والتعلق تجاه شخص ما ويبذل كل ما في وسعه ليحتفظ به وينجح في استبقاءه، ولكن هذا لا يحدث دائماً، بل تفجعنا الأقدار بفراق حاسم وموجع لا طاقة لنا يتحمله.
فقد تنتهي العلاقة لسبب أو آخر خارج عن ارادتنا ونجد أنفسنا لا حيلة لنا فيما حدث، ومطالبين بتخطي تلك المرحلة بأي شكل من الأشكال.
مهم جداً في تلك المرحلة أن نكون واعين بأبعاد العلاقة وما تقدمه لنا، وواعين أيضاً بما كان منا من تقصير أو التزام تجاه تلك العلاقة، لأن وعينا هذا يفيدنا جداً في محاولات النسيان.
لأننا سنكتشف أن العلاقات التي انتهت نهاية موجعة غالباً لم تكن تعطينا شيئا ذا قيمة، بالعكس كانت علاقة هدامة تستنزفنا وتحملنا عبئاً ثقيلاً.
أما عن دورنا نحن في استبقائها أو نهايتها فغالباً أيضاً سنكتشف أننا فعلنا كل شيء لتدوم، وقدمنا أكثر مما يجب.
هاتين النقطتين يجب أن نتذكرهما جيداً لنخفف على أنفسنا الشعور بالخسارة أو الندم أو الذنب.
اقطع كافة سبل التواصل بينك وبين من تريد نسيانه
في ظل التطور التكنولوجي الهائل في وسائل وطرق التواصل الحديثة بات من السهل أن يتواجد أحدهم في حياتك باستمرار، ويفرض نفسه على ذاكرتك حتى لو لم يكن تواجده حقيقياً.
كما يمكنك خداع نفسك بأنك متصل به بسهولة ايضاً، وذلك من خلال مراقبته على مواقع التواصل الاجتماعي، ومحاولة مراسلته أو ارسال رسائل غير مباشرة له عبر ما تنشره على حسابك الخاص، أو الاحتفاظ برقم هاتفه أو غيره من الأمور التي تجعل مهمة النسيان مستحيلة.
لذا فإن الحل في قطع كل ما يوصلك به!
اقطع الاتصال تماماً
بعضنا يوهم نفسه أنه يستطيع نسيان شخص ما لمجرد أن يقلل معدل الاتصال به، ولكن هذا غير صحيح.
حيث أن ارسال تهنئة أو رسالة ولو مرة واحدة كل عام كفيل بأن يثير أشجان القلب ويوقظ ثورة الشوق والحنين، ويعيد القلب إلى محطات الوجع الأولى ويحيي الذكريات بصورة تفوق الوصف.
لا تحول مشاعر الحب إلى كره
يحاول البعض أن ينسى ىشخصاً أحبه عن طريق التركيز على سلبياته وشحن نفسه بطاقة كره لهذا الإنسان، ولكن هذه حيلة نفسية غير صائبة على الاطلاق وذلك لأن كراهية شخص ما تجعله محور التركيز والاهتمام بالضبط كما يحدث عند حب شخص ما، والفرق فقط في شكل ونوع تلك المشاعر.
واقرأ هنا عن: تجربتي مع الحب والزواج
تخلص من ذكرياته ومتعلقاته
الاحتفاظ بذكريات قديمة جمعتك بشخص ما، أو متعلقات خاصة به كفيلة بأن تجعله يحتل من ذاكرتك مساحة كبيرة للغاية، ولا يكاد يفارق خاطرك، فكل مرة تنظر فيها إلى رسالة منه أو صورة له أو هدية أهداك إياها، تتجدد بداخلك مشاعر الحب ويتعمق شعورك بألم الفراق أكثر وأكثر.
أعد النظر في سلبيات هذا الشخص وعيوبه
من العجيب جداً في محاولات النسيان أن تجد أحدهم يتساءل:
كيف امسح شخص من ذاكرتي؟ وكيف أخرجه من قلبي؟ وكلما تحدث عنه راح يذكر مزاياه ويمدحه ويثني عليه، ويكرر أجمل مواقف معه! فكيف لمثل هذا الشخص أن ينسى.
لذلك من المهم أن نذكر أنفسنا بعيوب من فارقنا، بمواقفه السيئة، بلحظات الخذلان التي ذقناها على يده!
فإن قال البعض أنه خال من العيوب ولم نر منه سوءاً قط، فسنقول له أن هذا لا يستحق النسيان! فقط نحاول أن نتصالح مع فكرة بعده.
انتبه إلى نفسك
أن تعلقنا بشخص ما غالباٍ ما ينسينا أنفسنا ويلهينا عنها، فننسى اهتماماتها وتتوه منا اهدافنا، ونغفل عن قيمة اللحظات والأيام بل والسنوات التي تفرط من بين أيدينا، فضلاً عن طاقتنا التي تستنزف في سبيل اسعاد من نتعلق به، وجهودنا المستميتة لخلق الظروف والمناسبات التي تجمعنا به.
لأجل ذلك فمن الضروري أن نستعين على النسيان بالانشغال بأنفسنا والاهتمام بتطوير ذواتنا والحرص على تنمية مهارات ما وتعلم كل جديد من شأنه أن يجعل حياتنا افضل، فمن الإجحاف لأنفسنا أن نجعل غيرنا محور الاهتمام ومركز الكون.
اشغل وقت فراغك
الفراغ هو العامل الأساسي الذي يحرك في نفوسنا الذكريات، ويوقظ الأفكار، ويعيدنا إلى دائرة الحنين إلى من فقدناهم، ويمنحها فرصة ذهبية لجلد ذواتنا والنظر تحت أقدامنا، فإذا امتلأ الوقت بالمهام وامتلأ العقل بالاهتمامات، تقلصت مساحة الذكريات وانشغل القلب بالحاضر عما فات.
ولا يفوتك الاطلاع على: كيف نتعامل مع الأشخاص السلبيين في حياتنا
ابحث عن البدائل
مهم جداً أن نعرف ما يقدمه لنا هذا الشخص، ونحاول أن نجده عند غيره، فإن كان صديقاً تعرفنا على غيره وأنشأنا صداقات اخرى، وشاركنا المقربين حياتنا وأنشطتنا، واتخذنا لنا إخلاء أوفياء نودعهم ما في قلوبنا.
وإن كان حبيباً فلنستعن على نسيانه بحب أنفسنا واعطائها قيمتها وتقديرها حق قدرها، فإذا تعافينا من تعلقنا وفتحنا للحب قلوبنا جاءنا الحب من حيث لا نحتسب.
كيف انسى شخص نهائيا بالقرآن؟
في رحاب القرآن الكريم يجد المسلم انساً لا ينقطع، وراحة لا تنتهي، فجدير بمن عالج آلام الفقد وذاق مرارة الفراق أن يلوذ بالقرآن الكريم ويعكف على تلاوته وتدبره، وأن يلجأ إلى رب القران، فهو جل وعلا وحده من لا يخذل ولا يتخلى ولا يرحل!
كيف أنسى شخص تعلقت به ومات؟
نسيان من مات أسهل بكثير من نسيان من لا يزال على قيد الحياة، فقط يحتاج الأمر إلى تذكير النفس بأن الموت سنة الحياة وأنه المصير المحتوم لسائر الخلائق، وأن يسلم لأمر الله ويرضى بقضائه، ويسمح للحزن أن يأخذ وقته الطبيعي، فالوقت كفيل بأن ينسي!
دعاء نسيان شخص أحببته
إذا شق على الإنسان نسيان شخص ما فعليه أن يلجأ إلى الله ويسأله السلوى، وأن يسأله العون ليجعل فقد من يحبه قوة له على ما يحبه الله ويرضاه.
جاء عن بعض الصالحين أنه كان يدعو: اللهم ما أعطيتنا شيئاً مما نحب فاجعله قوة لنا على ما تحب، وما زويت عنا شيئاً مما نحب فاجعله فراغاً لنا فيما تحب!
ويمكنك هنا الاطلاع على: كيف تعرف أن شخصا ما يحقد عليك أو يحسدك
كيف ابتعد عن شخص تعودت عليه؟
الإنسان الفطن يقيس الأمور بخواتيمها وعواقبها، فإن كان في قرب شخص ما أذى له أو تعطيل عن النجاح أو تورط في ذنب أو غيره، فليذكر نفسه بسوء العاقبة ويستعين بالله على البعد، ليبدله الله خيراً منه.
وفي الختام؛ نأمل أن نكون قد نجحنا في الإجابة عن السؤال الذي يشغل بال الكثيرين منا وهو: كيف السبيل إلى نسيان الشخص الذي تعلقنا به؟ وكيف التغلب على آلام الفقد، والنهوض مرة أخرى لنكمل الحياة بثبات وقوة مهما كانت الخسائر، فمن لم يخسر نفسه أو يخسر رضا ربه فما خسر شيئاً!!