مريضة سرطان الثدي تعيش معاناة نفسية وإجتماعية كبيرة إلى جانب معاناتها الصحية، فكيف لمحيطها أن يساندها ويساعدها على تخطي هذه المرحلة الصعبة جداً وصولاً إلى الشفاء المُنتظر.
هل تؤثر النظرة السوداوية لمرض السرطان في التعافي منه؟
قال “دانا زعرور” مدربة الحياة. من المعروف أن مرض السرطان تحديداً ينظر إليه الناس نظرة تشاؤمية بحتة، لدرجة أن البعض لا يحب تلفظ اسمه، فنجدهم يقولون بالدارجة العامية (المرض الوحش، الي ما يتسمى)، ويمكننا إحالة هذا كله إلى مشاعر الخوف وعدم الطمأنينة وعدم الثقة التي تنتابنا عند معايشة مريض سرطان، أو حتى سماع أخبار عن مرض عزيز أو صديق أو طفل به، فكلها مشاعر تتكون وجدانياً وتتخزن بالعقل، بحيث يجد المرء نفسه كلما ذُكر لفظة سرطان أمامه تدفقت على عقله صور المعاناة للمرضى، وتدفقت على وجدانه كل هذه المشاعر السلبية، بل وقد تنتاب الأصحاء مجموعة من التخيلات والأوهام فور سماع اسم المرض، بحيث يضع نفسه مكان مريض السرطان بشكل كُلي.
وتابعت “أ. دانا” قائلة: ومن هنا نجد أنه من اللازم التوعية والتنبيه على ضرورة عدم جعل اللاوعي هو المسيطر على العقل والوجدان أثناء مراحل العلاج، أو بشكل أدق لا يجب أن تتملك المريضة النظرة السوداوية المتشائمة خلال مراحل علاجه.
إلى أي مدى يؤثر دور الأسرة والمقربين في حياة مريضة سرطان الثدي؟
غالبية قصص الشفاء التام من مرض السرطان وخصوصاً سرطان الثدي تجمع بينها عامل مشترك وحيد، ألا وهو أن الأهل والمحيطين والمقربين والأصدقاء لم يعاملوا المريض أو المريضة على أنه مريض سرطان، كما أنهم لم يتعاملوا مع المرض نفسه على أنه خطر داهم أو هالك، بل عاملوه وكأنه زائر عزيز وضيف مؤقت.
وأشارت “أ. دانا” إلى أن مثل هذه التصرفات من الأهل والمحيطين تجعل المريض أو المريضة يعيش في أجواء وحالة الشفاء وهو مازال تحت العلاج، وبالتالي لن ينتابه إلا كل المشاعر والأحاسيس الإيجابية مثل الفرح والسعادة والغبطة والتحدي والنجاح… إلخ، لأن الجو الذي هيأه الأهل مليئ بطاقة إيجابية يتبعها مشاعر إيجابية، بعكس أن يكون المحيط حول المريضة مشتمل على الكآبة والحزن والخوف والرعب.
فمن المعلوم من الناحية التشريحية أن مقدمة الدماغ هي العقل التنفيذي الواعي والمسئول عن إقبال الإنسان على الحياة وتصريف شئونها وأمورها، وهذا الجزء يحتل مساحة 40% من إجمالي الدماغ، وفور أن يعمل هذا الجزء يبطل عمل الجزء الخلفي اللاواعي المسئول عن كل المشاعر السلبية المتمثلة في الخوف والهلع واليأس، حيث إن الجزء التنفيذي يتدخل في إفراز الهرمونات التي تزيد من السعادة والأمل، وقد أكد العلم الحديث على أن نوعيات هذه الهرمونات تساعد في تكوين الخلايا الصحية السليمة ومقاومة الخلايا التالفة والمريضة، وعليه تعتبر الحالة النفسية الجيدة للمريض نصف مقومات الشفاء النهائي، والعكس صحيح.
هل نظرات التعاطف والشفقة تساعد مريضة سرطان الثدي أم تؤذيها؟
تابعت “أ. دانا” بكل تأكيد هذه النظرة تؤذي المريض نفسياً بوقع أشد خطراً من المرض نفسه، وحتى إن لم تؤذيه فإنها لن تقدم له أي حلول ولن تؤخر أي أوجاع، وحتى التحفيز بالعبارات الخاطئة قد يأتي بنتائج نفسية عكسية غير متوقعة، وبالتالي لا حاجة للمريض لمن يشفق عليه، ولا له حاجة عند من يحفزه بمقارنته بالآخرين، فكل حالة مرضية لها طبيعتها، ولكل إنسان مشاعره الداخلية وطريقته في التعبير عنها أو كتمانها.
واختتمت “أ. دانا” حديثها بالتأكيد على أن كل المطلوب من المحيطين أن يجعلوا أجواء المكان مليئة بالفرح والسرور، والمطلوب من المحيطين أن يجعلوا مريضة السرطان هي من تدفع عن نفسها الأفكار السلبية والمحبطة، والمطلوب من المحيطين بالمريضة أن يعاملوها طبيعياً جداً، وكذلك تركها تمارس اهتماماتها وهواياتها دون خوف عليها من التعب أو الألم أو المجهود.